لا تزال الحرب مستمرة فى غزة، وامتدت إلى لبنان، وهناك تخوف من أن الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة، مع مخاطر عالمية وإقليمية. وقد سمعت وشاهدت مقطع فيديو فى إحدى منصات التواصل الاجتماعي، باللغة الإنجليزية، عن «رسائل من المحتل الإسرائيلى إلى الشعب الفلسطيني»، وقد أعجبت بهذا الحديث لانه شهادة من أهل الأجرام الأسرائيلى الذى لا يراعى إنسانية ولا قوانين وهو لكاتب وصحفى أمريكى هو كريستوفر لين «كريسهيدجز«، (عمره 68 عاماً)، وعمل كمراسل صحفى مستقل فى أمريكا الوسطى، وكان يكتب لصحيفة نيويورك تايمز (من 1990 حتى 2005)، وشغل منصب رئيس مكتب الشرق الأوسط فى نيويورك تايمز، ويكتب عمودا أسبوعيا فى صحيفة «شير بوست» تقرير كريس هيدجز، على شبكة «أخبار حقيقية».
وكان الحديث كالتالي:
اهربوا إلى رفح كما هربتم من مدينة غزة، كما هربتم من جباليا، كما هربتم من دير البلح، كما هربتم من بيت حانون، كما هربتم من خان يونس. اهربوا أو سنقتلكم، سنسقط القنابل على مخيماتكم ونشعلها، وسنقصفكم بالمدفعية وقذائف الدبابات، سنقتلكم بالقناصة، سندمر خيامكم، ومخيمات اللاجئين، ومدنكم وبلدانكم، ومنازلكم، ومدارسكم، ومستشفياتكم، ومحطات تنقية المياه، سنمطر عليكم الموت من السماء. اهربوا حفاظا على حياتكم مرة تلو الأخري، احزموا ما بقى لديكم من أمتعة، أو بطانيات، أو بعض الأواني، أو بعض الملابس، بغض النظر عن كبر سنكم، أو صغر سنكم، اهربوا، اهربوا، اهربوا، وبينما انتم تهربون برعب إلى جزء من غزة، سنجعلكم تستديرون، وتركضون، إلى جزءاً آخر منها، محاصرين فى متاهة من الموت، ذهاباً وإياباً، صعوداً وهبوطا، جنباً إلى جنب ست مرات، سبع مرات، ثمانى مرات، نتلاعب بكم كالفئران فى الافخاخ، ثم نطردكم حتى لا تتمكنوا من العودة أبدأ أو نقتلكم. فليندد العالم بابادتنا الجماعية، لماذا يهمنا ذلك؟، مليارات المساعدات العسكرية تتدفق دون توقف من حليفنا الأمريكي، من الطائرات المقاتلة، قذائف المدفعية، الدبابات، القنابل، إمداد لا ينتهي، نقتل الأطفال بالآلاف، نقتل النساء والمسنين بالألاف، يموت المرض والمصابون من دون دواء ولا مستشفيات، أنتم مخلوقات أدنى من البشر، نغذى شغفنا بالسيطرة. انظروا إلى منشوراتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، لقد أصبحت نسخر من بؤسكم، نهتف لموتكم. نحتفل، بأمتنا، بهويتنا، بتفوقنا بمحو وجودكم. الانحطاط هو معيار الأخلاق الوحشية، هو سيرة البطولة، الإبادة الجماعية هى الخلاص.وانتهى الحديث بذلك.
وكاتب هذه السطور يعلق على هذا الحديث: هل السلام بعد كل ما يحدث، ممكن الآن؟ ما صدر من القادة الإسرائيليين فى مختلف المستويات من تصريحات عدائية، وصلت إلى حد الدعوة إلى تسوية غزة بالأرض، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً. وهل السلام ممكن بعد كل ذلك ؟، أجابت عن هذا السؤال الكاتبة الإسرائيلية «تنيا رينهارت«، فى كتابها «أكاذيب عن السلام«، وقالت فيه إن إسرائيل ولدت من رحم الحرب، ولا يمكن أن تعيش بغير الحرب، لأن السلام يقتلها، وان كانت تستخدم حيلا لغوية للإيحاء بسعيها للسلام. ومع ذلك فإن الشعوب فى العالم أجمع تريد السلام، ومن الطبيعى أن ترفض ممارسات القمع واغتصاب أراضى الغير. وحركة التاريخ تعطينا درسا ملخصه أن الحق ينتصر دائماً على القوة مهما طال الزمن.