الدعم الغربى لإسرائيل واضح وضوح الشمس، أصبحوا مثل الصهاينة يفعلون عكس ما يقولون، تصريحات متناقضة من دول كبري، لا يقدمون على تنفيذ أى شيء إذا كان لصالح الحق الفلسطيني، فبماذا ينفع القلق العميق الذى أعرب عنه وزير الخارجية البريطاني، بشأن عزم إسرائيل توسيع هجومها البرى على رفح، ولا ما قالته الخارجية الأمريكية بأنها لا تؤيد أى هجوم بري، وحذرت من أن العملية قد تؤدى إلى «كارثة»، بل نفهم من ذلك عدم معارضتهم للاجتياح، ويوافقون ومستمرون فى الدعم للعملية العسكرية، وكأنهم يقولون اقتلوهم بهدوء!.
شهد شهود من أهلهم على التناقض الكبير، فأشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن إدارة بايدن تستعد لإرسال شحنة أسلحة جديدة لإسرائيل تشمل القنابل (ألف قنبلة) وأسلحة أخرى لتحديث ترسانتها العسكرية، رغم أن الولايات المتحدة تدعى سعيها إلى وقف إطلاق النار فى غزة.
وكشفت وثيقة حساسة– مجددا– تلقتها وزارة الخارجية الأمريكية عن أن موجة «العداء» مستمرة تجاه سياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، تضمنت تحذيرات وبرقيات خلال الأسابيع الأخيرة، حول التأثير السلبى المستمر لسياسة واشنطن على الحرب فى غزة، وذكرت أن الولايات المتحدة توصف بالـ»سامة» بسبب دعمها لإسرائيل، وتقديمها «شيكا على بياض» للرد العنيف على هجوم السابع من أكتوبر.
وكان مئات الموظفين فى الخارجية الأمريكية وإدارات أخرى وجهوا رسائل امتعاض تجاه سياسة بلادهم وانتقدوا عجز إدارة بايدن عن وقف إطلاق النار، وأعرب عدد من العاملين فى الكونجرس عن انزعاجهم من البقاء صامتين على ما يدور فى غزة.
ولم يعد جديدا أن نكون على يقين تام بأن الإسرائيليين لا عهد لهم ولا ميثاق، ولا يلتزمون بكلمة أو يوفون بعقود على مر التاريخ، وقد عاصرت أجيالنا– خاصة– مئات الألاعيب والنكوث والنكوص منهم، والرجوع فى كل ما يلتزمون به، لم نجد لهم مثيلا فى عدم الالتزام، وعود اليوم يخالفونها غدا بحجج ملتوية ومكر وخبث غير معهود.
يتحدثون عن تصفية حماس، بينما يوجهون آلياتهم العسكرية نحو المدنيين العزل والأطفال والنساء ويبيدون البشر، ويحرقون الشجر، حتى الحيوانات لم تسلم من غدرهم، وقد شاهد العالم قناصتهم وهم يوجهون رصاصهم نحو الخراف.
ويخطط مصاصو الدماء الصهاينة لاستكمال مخطط الإبادة للفلسطينيين وملاحقة المدنيين الفارين من القتل على أيدى مجرمى الحرب، الذين أعلنوا مواصلة العملية العسكرية فى رفح التى تضم أكثر من 1.7 مليون نسمة من السكان والنازحين، ونظرا لما شاهده العالم من بشاعة جرائم جيش الاحتلال، انهالت التحذيرات من العواقب الكارثية لهذه الخطوة، لكن التحذيرات وحدها لا تكفي، ولغة المهادنة لن تردع المتوحشين.
ومن التعنت أن مجلس الحرب الصهيونى لا يريد سلاما ولا هدنة ولا يقبل أى حلول، وقد رفض نتن ياهو مقترحات حماس لوقف إطلاق النار ويصر على استمرار الحرب، ويتملص من الأطروحات الدولية والتى تشدد على حل الدولتين، وقد كان الاتفاق الأسبوع الماضى قاب قوسين أو أدنى ليدخل حيز التنفيذ بإقرار هدنة طويلة، وبعد أن وافق عليها المراوغون عادوا كعهدهم ورفضوه، كأنهم نوع من «الزئبق» لا مثيل له.
وتستمر البجاحة الإسرائيلية واللكاعة والسماجة، وهم يروجون الشائعات ضد مصر ويختلقون الأكاذيب، ويكرر مسئولون تصريحات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وعندما يتم «ردعهم» يعتذرون بحجة أنها غير رسمية.
اللعبة الخفية من إسرائيل وحلفائها، فى غاية الخطورة، وخططهم لها بدائل متعددة، وهذا الزئبق يحتاج إلى كيمياء خاصة للتعامل معه، وعلينا أن نكون متكاتفين يقظين بما يكفي، فالأمر جلل يحتاج إلى كل استعداد بالقوة والحكمة.