بات الجميع يحفظون عن ظهر قلب ثوابت ومبادئ الدولة المصرية التى لا تحيد عنها أبداً.. تتبنى سياسات وعلاقات خارجية ودولية تعتمد على التوازن والاعتدال والحكمة.. وتسعى لإنهاء الأزمات وتساهم فى ذلك إقليمياً ودولياً ولا تعمل على تصعيدها ومن هنا تبذل مصر جهوداً خلاقة لأجل ترسيخ التعاون مع كافة الدول فى إطار المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والتعاون بما يحقق المصالح المشتركة وتطلعات الشعوب فى البناء والتنمية واستغلال الموارد المشتركة وتعظيم القدرات المتبادلة والاستفادة فى إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وعدم انتهاك السيادة بل وتحرص مصر على وحدة وسلامة أراضى دول الأزمات.. أو كمبدأ عام ودعم بناء الدولة الوطنية فيها.. ومؤسساتها خاصة الجيش الوطنى الذى يتكفل بحماية الدولة وحدودها وبسط السيادة على أراضيها والتصدى للتهديدات والإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار.. مصر لا تعمل ولا تسعى إلى اذكاء الصراعات بل اخمادها وايجاد الحلول السلمية عبر الحوار والتفاوض.. ولا شك ان المنطقة تعيش حالة غير مسبوقة من اشتعال الصراعات والتوترات والاضطرابات وتصعيد متواصل ينذر بحرب شاملة وإقليمية .
ولأن المنطقة فى أتون الاشتعال وأوضاع بالغة التعقيد قد تتطور الأمور إلى مرحلة أكثر خطورة وانعكست أيضاً على أمن البحر الأحمر وباب المندب الذى يشهد اضطرابات لها تداعياتها المتعددة سواء على الملاحة البحرية والتجارة العالمية.. وكذلك إصرار دول بعينها على التصعيد وتوتير المنطقة ويعيش القرن الأفريقى حالة تنذر بمخاطر جمة فى ظل إصرار البعض على انتهاك سيادة الدول وتبنى القرارات الأحادية ومخالفة القانون الدولى والشرعية الدولية وما استقرت عليه المواثيق الدولية.. لكن مصر تسعى إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والبناء والتنمية والتعاون والتنسيق بما يحقق مصالح الجميع ويمكن ان يحل السلام والتعاون والبناء والاستفادة من القدرات والثروات فى هذه المنطقة بدلاً من الاصرار على التصعيد والانتهاكات وعدم الالتزام بحُسن الجوار.
مصر تتحرك بعبقرية وتبنى شبكة من العلاقات الإستراتيجية فى المنطقة أو القرن الأفريقى وفق عقيدة وإيمان.. تساعد شقيقاتها فى دعم الأمن والاستقرار والبناء والتنمية وتبدى دائماً الاستعداد الكامل لتقديم الدعم والمشورة بما يحقق هذه الأهداف.. ومن هنا جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لأريتريا بدعوة من الرئيس أسياس أفورقى وبحضور الرئيس الصومالى د.حسن ولد شيخ محمود وعقد قمة ثلاثية لدعم التعاون والتنسيق الثلاثى من أجل أمن واستقرار وسلام منطقة القرن الأفريقى والبحر الأحمر خاصة أن الدول الثلاثة تطل بشواطئ ممتدة على البحر الأحمر فى ظل ما يشهده من اضطرابات وتوترات لها تداعيات خطيرة على مصالح الدول الثلاثة وأيضاً حركة التجارة العالمية.
زيارة الرئيس السيسى لأريتريا جاءت فى توقيت بالغ الأهمية والتعقيد خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة من صراع دام وتصعيد خطير امتد على مدار عام ومازال يتواصل وأيضاً محاولات زعزعة الاستقرار فى منطقة القرن الأفريقى سواء بمخالفة القانون الدولي.. أو القرارات الاتحادية أو انتهاك سيادة الدول المستقلة وتهديد أمنها ووحدة وسلامة أراضيها أو محاولات العبث فى المقدرات المشروعة للآخرين.. أى أننا أمام محاولات متواصلة من أجل اشعال منطقة القرن الأفريقي.
مصر تتحرك بعبقرية لاحتواء المخاطر والتهديدات وتحقيق التعاون والتنسيق من أجل الاستقرار والسلام والبناء والتنمية.. تلك هى غايات وأهداف مصر الأشد التزاماً بالشرعية والقانون الدولى.
القمة المصرية- الأريترية- الصومالية جاءت فى توقيتها وتبعث برسائل قوية وأرست مبادئ تسعى القاهرة دوماً على ترسيخها خاصة أن مصر ترتبط بعلاقات إستراتيجية ومصيرية مع الأشقاء الأفارقة بعدما استعادت مصداقيتها وثقة دول القارة بفضل سياسات الرئيس السيسى وباتت هى المدافع الأول والمتحدث الرسمى باسم مطالب وحقوق القارة السمراء وتهيئة أفضل السبل لنشر التنمية كحق مشروع للقارة التى تزخر بالعديد من الثروات والموارد الحيوية التى تعتبرها القاهرة فرصة للتعاون بين دول القارة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تحركات الدولة المصرية وقيادتها تتسم بالعبقرية من خلال التواجد والحضور فى مناطق إستراتيجية ترتبط فيها بشبكة علاقات قوية لا تحيد عن مبادئ السياسة المصرية فى الاحترام المتبادل والتعاون والسلام والبناء والتنمية.. لكن القاهرة لا يغيب عنها أهمية حماية أمنها القومى ومصالحها ومقدراتها الإستراتيجية والوجودية.. لكن هذا الحضور يستهدف السلام والتنمية وفى إطار وبمظلة تتسق مع مبادئ القانون الدولى والمواثيق الأممية وطلباً من الدول الشقيقة.. لذلك جاءت مخرجات القمة الثلاثية أو بيان القمة أو الإعلان السياسى بين مصر والصومال وأريتريا معبرة عن التحديات والمصالح المشتركة فى مواجهة تحديات مشتركة فى القرن الأفريقى والبحر الأحمر وتعظيم سبل وآليات التعاون لتحقيق الاستقرار وكذلك الاستفادة من القدرات لدى الدول لتعظيم فرص تحقيق التنمية والازدهار.
ومن أهم النقاط التى توقفت عندها فى مخرجات القمة الثلاثية وأهدافها هو التباحث والتنسيق حول سبل التصدى لمخططات وتحركات تستهدف زعزعة وتفكيك دول المنطقة وتقويض الجهود المستمرة فى بناء السلام والاستقرار والرخاء.
القمة الثلاثية فى أريتريا تحاصر الخطر على أمن واستقرار المنطقة وتدعم جهود التعاون من أجل استغلال واستثمار فى الثروات والفرص الواعدة للتنمية والازدهار.. لذلك أكدت على دعم الصومال الشقيق وتقديم كافة أشكاله لاستعادة الأمن والأمان والاستقرار فى البلد الشقيق بواسطة جيشه الوطنى وهو الأمر الذى تم تناوله فى مباحثات ولقاء الرئيسين السيسى ونظيره الصومالى ودعم الجهود الإقليمية والدولية فى دعم وبناء السلام بالصومال وأن دعم مصر للشقيقة الصومال هو أمر واجب وبناء على طلب الدولة والقيادة والبرلمان الصومالى وبما يتسق مع مبادئ القانون الدولى وقرارات الاتحاد الأفريقى سواء فى بناء الدولة الصومالية ومؤسساتها وتدريب وتأهيل وبناء جيشها الوطنى لمجابهة التحديات والتهديدات من إرهاب ومحاولات للعبث بوحدة وسلامة أراضيه أو انتهاك سيادته.. لذلك الجيش الوطنى الصومالى الذى يستطيع مواجهة هذه التحديات وبسط الأمن والسيادة وحماية حدود الدول ومقدراتها وثرواتها.
القمة الثلاثية أيضاً أكدت على أهمية وقف اطلاق النار فى جميع ربوع السودان فى أسرع وقت ممكن والحفاظ على مؤسساته الوطنية.. كذلك تعزيز التعاون بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر وتطوير أسس التنسيق المؤسسى بينها لتأمين حركة الملاحة البحرية وتعزيز التعاون لتعظيم الاستفادة من موارده الطبيعية وهو تعاون لمعالجة اضطراب حركة الملاحة البحرية والذى انعكس سلباً على معدلات التجارة الدولية.
أهداف مهمة أكدت عليها القمة الثلاثية فى أريتريا سواء فى دعم وحدة واستغلال وسلامة الصومال على كامل أراضيه ورفض الإجراءات الأحادية التى تهدد وحدته وسيادته والتعاون الثلاثى بما يحقق مصالح الدول والحرص على إعادة الأمن والاستقرار للسودان.
زيارة مهمة وإستراتيجية للرئيس السيسى إلى أريتريا تؤكد وتجسد عبقرية التحركات المصرية بعيدا عن الضجيج والصوت العالى لحماية الأمن القومى المصرى والمصالح القومية المصرية ومقدرات الدولة المصرية الوجودية والاقتراب من مناطق تصدير الخطر والبُعد عن «البؤر السرطانية» التى تهدد أمن واستقرار المنطقة.. فمن ينظر على خريطة القرن الأفريقى وحوض النيل يدرك عبقرية القيادة والتحركات المصرية وهو ما ترتعد منه فرائص المتآمرين فمصر جل أهدافها هو السلام والاستقرار والبناء والتنمية.
تحيا مصر