القمة الثلاثية التى عقدت بالعاصمة الاريترية اسمرة الخميس الماضى عكست حرص القادة الثلاثة الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الاريترى اسياس افورقى ورئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود على تأمين الملاحة فى البحر الاحمر وحماية سيادة الدول والعمل المستمر على استقرار القرن الافريقي.. وتأكيد البعدالقومى للأمن المصرى والافريقى فى هذه المنطقة من قارة افريقيا واهمية تحقيق الاستقرار فى السودان الجوار الكبير لمصر واريتريا وعدد من الدول الافريقية.. القمة التى استضافها رئيس اريتريا اسياس افورقى علينا ان نقف طويلا امام جغرافية مكان القمة وهو اسمرة العاصمة الاريترية واعتقد هى واحدة من القمم المهمة التى عقدت فى هذه العاصمة التى شرفت بزيارتها قبل استقلال الدولة وعرجت اليها عبر كسلا من السودان وهى بلا شك قمة تاريخية بين الرؤساء الثلاثة فى استشعار للتحديات الكبيرة التى تواجه القرن الافريقى وعددا من دوله وتأثير هذه التحديات على سيادتها وامنها القومي.. وامن الممرات المائية فى البحر الاحمر والقرن الافريقى مهم لحركة التجارة العالمية من المدخل الجنوبى والشمالى للبحر الاحمر.. ملفات قمة اسمرة تطرقت إلى ملفات مهمة خاصة فى الوضع فى السودان والحرب المستعمرة فى غزة ولبنان ومحاولات نتنياهو اتساع دائرة الحرب فى المنطقة.
الحقيقة بعيدا عن الوضع الاقليمى والتوترات فى المنطقة هناك خطورة كبيرة فى استمرار الاوضاع التى ادت إلى اضطراب الملاحة الدولية فى البحر الاحمر الامر الذى يحتاج إلى التكاتف لتأمين الملاحة وسلامتها ليس من اجل مصالح دول الاقليم بل ايضا من اجل حركة التجارة العالمية التى تأثرت بالحرب الاقليمية الدائرة الان منذ عام وايام.. من المهم فى الدول الثلاث الحاضرة بقمة اسمرة هو عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول تحت ذرائع ومبررات لا معنى لها.. المهم خلق مناخ آمن يعزز التعاون الثنائى والمشترك بين الدول الثلاث من اجل مصالح شعوب القارة السمراء.. وظنى ان القمة عقدت فى توقيت مهم يسعى لرسم خريطة طريق إلى استقرار منطقة القرن الافريقى والمداخل الملاحية ببواباتها المختلفة لان الاستقرار هو الذى يقود هذه الدول إلى مسارات التنمية المختلفة لشعوبها.
وتوجيه البوصلة إلى منطقة القرن الافريقى هو محاولة جادة من القادة الثلاثة لوأد أى اطماع لزعزعة الاستقرار والسيادة فى دولها.. وايضا يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من التنسيق والتشاور وتبادل الخبرات ودعم التعاون فى كافة المجالات من اجل التنمية المستدامة فى اطار مصالح دول القارة السمراء..
القمة ذكرتنى بأرض اريتريا البكر التى زرتها اول مرة عام 1983 وهى فى مرحلة الدفاع عن استقلال الدولة الافريقية التى ناضلت طويلا للحصول على استقلالها ونجحت فى النهاية بالحصول عليه بعد رحلة كفاح مسلح كان يقوده اسياس افورفى ايامها ويقيم فى منطقة الصحافة فى السودان.. وكانت كسلا هى بوابة الإريتريين للنفاذ إلى أرضهم بينما كانت منطقة جوندر القريبة من القضارف فى السودان بوابة لعبور الفلاشا إلى اوروبا.. ارتيريا اليوم تعيش مرحلة جديدة من التنمية والتعاون وكذلك الصومال.. ومع مصر تستطيع الدولتان تحقيق طموحات شعوبهما فى التنمية بمفهومها الشامل ومصر حريصة على ذلك من ستنيات القرن الماضى عندما ساندت الصومال فى التعريب والتعليم والتنمية.. فمصر لها تجربة مهمة مع الدولتين ارتيريا والصومال من اجل استقرارهما ومساندة ابنائهما فى التنمية والسيادة على تراب ارضها، هنا كان الصدى كبيرا للقمة الثلاثية فى اسمرة التى يشارك فيها حسن شيخ محمود الرئيس الصومالى لأول مرة.. ان القمة الثلاثية اعادت لذاكرتى عام 77 ايام حرب الاوجادين وحرب الريف والكفاح فى سبيل الاستقرار ايام كنت اقابل افورقى وعبدالله ادريس وعبدالقادر جيلانى واخرين من ابناء اريتريا وسط اشجار الدوم عبر من السودان إلى الداخل الارتيرى حتى حصلت الدولة الافريقية على استقلالها وتشق الان خطوات التنمية الشاملة مع رئيسها منذ الاستقلال اسياس افورقى صاحب رحلة التحرير وبناء الدولة الحديثة ومدنها المختلفة خاصة «عصب» الميناء المهم على شاطئ البحر الاحمر والقريب من جيبوتى وخليج عدن.. القمة سعت للتنمية فى القرن الافريقى الساخن «وللحديث بقية»