الطب والصيدلة وجهان لعملة واحدة .. فالطبيب يشخص المرض .. والصيدلى يوفر الدواء .. والتاريخ يقول ان فترة الحكم العباسى شهدت تطورا عالميا كبيرا فى علم الطب والصيدلة على يد أبو بكر الرازى الفارسى والذى نبغ فى دراسة المرض والدواء وله مؤلفات كثيرة مثل تاريخ الطب ومؤلفات عديدة فى الصيدلة .. وكذلك أبو على الحسين ابن سينا والذى يلقب بأبو الطب والذى بدأ رحلة النبوغ ومازال عمره 16 عاما ووصف 760 دواء فى كتابه قانون الطب .. والتاريخ يقول أيضا أن أول صيدلية بمفهومنا الحديث افتتحت فى كنيسة فى فلورنس بإيطاليا عام 1221 م.
وفى وقتنا الحالى .. ورضينا أم لم نرض .. وصح كان أم خطأ .. الواقع والحقيقة تقول إن الصيدلية فى مصر هى أول من يلجأ اليها الغالبية العظمى من المواطنين من أجل الحصول على معلومة أو دواء أو وصفة تتعلق بالمرض والصحة.. هذا يحدث فى الريف وفى الحضر والبادية .. الصيدلى دائما موجود .. ودائما يرحب بالمساعدة .. وببلاش .. والكل يثق فى كلامه .. والدواء جاهز .. والمشكلة قد تحل ببساطة وفى دقائق معدودة .. أقول «قد» لأن الطب والتطبيب ليس بهذه السهولة .. ولأن الصيدلى بطبيعة دراسته ليس مؤهلا لذلك .. وليس هذا دوره بأى حال من الأحوال .. ولكن من واقع الحال فى بلدنا فهو يلبى حاجة الكثيرين وكثيرا ما يكون ناصحا ومفيدا ..
ونحن منذ زمن طويل نقدر دور الصيدلى فى إعطاء المشورة والوسيلة لمن يريد تنظيم أسرته وتأجيل حدوث الحمل .. كل الوسائل موجودة لديه وجاهزة .. ولا مانع أيضا من كلمتين كمان عن طريقة الإستعمال أو العوارض .. ولكن .. وهذا مهم .. هل الزملاء الصيادلة مؤهلون لذلك ؟ هل درسوا هذه الأمور فى كلياتهم ؟ هذا السؤال فى غاية الأهمية .. وهذا ما دفعنا الى توجيهه الى قطاع الصيدلة فى المجلس الأعلى للجامعات .. وفى لفتة رائعة وبجهد مشكور قام المجلس بتكوين لجنة رفيعة المستوى من أجل مراجعة محتوى المنهج الدراسى لكليات الصيادلة للتعرف على مدى قدرته على تنمية معرفة وقدرات الصيادلة من أجل تمكينهم من إعطاء المشورة الصحيحة فيما يتعلق بوسائل تنظيم الأسرة وإستخداماتها .. وقد قامت اللجنة بمراجعة المناهج لسنوات الدراسة المختلفة وخلصت فى النهاية الى التوصية بضرورة عقد أنشطة علمية غير صفية من أجل تأهيل الصيادلة فى المقدرة على إعطاء المشورة الواعية السليمة فيما يتعلق بوسائل تنظيم الأسرة .. وهو الأمر الذى من الممكن أن يؤدى الى تعظيم الجهود الرامية الى ضمان الاستخدام الآمن والفعال لوسائل تنظيم الأسرة المختلفة للفئات الأكثر احتياجا .
وقامت الجمعية المصرية لصحة الأسرة بعقد دورة تدريبية لأعضاء هيئة التدريس من 15 كلية للصيدله حضرها 30 مدرسا ومدرسة من كافة المحافظات .. تركوا أعمالهم وأسرهم من أجل إكتساب معلومة قد تكون جديده أو مهارات المشورة فى أمور يعلمون تماما أنها تخصهم .. وذلك من أجل أن يقوموا بتدريس ما اكتسبوه من معلومات لطلبة البكالوريوس فى كلياتهم وبصفة استمرارية .. لحين أن يأتى الوقت الذى نرى فيه المناهج الدراسية لكليات الصيادلة وهى تتضمن هذه المعلومات والمهارات المتعلقة بالمشورة فى تنظيم الأسرة من أجل خدمة الوطن والمواطن ..
تحية للمجلس الأعلى للجامعات .. وتحية لكل من شارك فى البرنامج التدريبيى .. ورجاء الى كل الجهات العاملة على التصدى للمشكلة السكانية .. للتعاون فى تعظيم العائد من هذه المبادرة وامتدادها الى الأفضل لأن فيها الخير الكثير للبلد ان شاء الله.