يشهد العالم تحولًا صناعيًا كبيرًا بفضل التقنيات المتقدمة مثل الأتمتة وتحليل البيانات وإنترنت الأشياء، وفي هذا السياق، وضعت مصر رؤية طموحة لتبني الجيل الرابع من التصنيع، مع التركيز على تحديد القطاعات ذات الأولوية تسعى هذه الرؤية إلى بناء اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للتصنيع الذكي.
يعكس هذا النموذج التزام مصر بالتحول الرقمي وتبني أحدث التقنيات، حيث يقدم نموذجًا متكاملًا لتطبيق تكنولوجيا التصنيع الذكي في الصناعات المختلفة، حيث تشجع الحكومة المصرية على تبني تقنيات الصناعة الذكية في مختلف القطاعات، وخاصة في الصناعات الأساسية مثل الأسمنت والحديد والألومنيوم، وذلك من خلال توفير الدعم اللازم للشركات والمؤسسات، وتبسيط الإجراءات، وتشجيع البحث والتطوير في هذا المجال إن هذا الدعم الحكومي يساهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي في الصناعة المصرية ويجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات العالمية؛ نظرًا لأنه سيؤدي إلى التخفيف من تأثير الاحتباس الحراري في مصر، ومن ثم تقليل كل من مستويات استهلاك الطاقة والإنفاق على برامج الرعاية الصحية.
تكشف الدراسات العالمية عن أن التحول إلى الصناعة الذكية يحمل في طياته فوائد اقتصادية وبيئية واجتماعية جمة، فمن خلال تطبيق ممارسات الجيل الرابع للصناعة، يمكن تحقيق زيادة ملحوظة في الإنتاجية قد تتجاوز 30%، مما يعزز القدرة التنافسية للشركات ويساهم في النمو الاقتصادي، علاوة على ذلك، تساهم هذه التقنيات في تقليل الهدر وتقليل الانبعاثات الكربونية، مما يحافظ على البيئة ويحسن جودة الحياة.
تؤكد مصر ريادتها في مجال التصنيع الذكي في المنطقة، حيث حققت تقدماً ملحوظاً في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي لعام 2023، محتلة المركز الثاني على مستوى القارة الإفريقية والمركز 62 عالمياً وتواكب هذه الإنجازات استثمارات ضخمة في قطاع التصنيع، حيث خصصت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مبلغ 100.7 مليار جنيه لعام 2023/2024، مما يعكس الإرادة السياسية القوية لدفع عجلة التحول الرقمي في الصناعة المصرية، وتشمل هذه الخطة استثمارات كبيرة في الصناعات البترولية وغير البترولية على حد سواء، وتعكس هذه الإنجازات الجهود الاستراتيجية لتعزيز البنية التحتية للتصنيع الذكي؛ مما يمهد الطريق لزيادة الكفاءة والابتكار والتنافسية في السوق العالمية.
لا يخلو التحول إلى الصناعة الذكية من التحديات التي تتجاوز الجانب التقني.. فمن الناحية الاجتماعية، يطرح هذا التحول تساؤلات حول تأثيره على سوق العمل وهيكل الوظائف، ومن الناحية الاقتصادية، يتطلب هذا التحول استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا، مما يضع ضغوطًا على الموارد المالية للشركات والحكومات.. التنمية له ثمن فهل نحن مستعدون للمنافسة؟