تناولنا سابقًا أن الأهداف الخاصة بخارطة التنمية المستدامة التى وضعتها الأمم المتحدة تواجه مشكلة كبيرة وأن معدل التنفيذ الفعلى لتلك الأهداف لا يتجاوز من قبل دول العالم 15 ٪ فقط وأن الخطورة الحقيقية أن 35 ٪ من دول العالم تراجعت للخلف معيشيًا وتنمويًا وبالتالى فإن شعار «لا يوجد أحد بالخلف» خرج تمامًا من سياقه الحقيقى ونحن نحتفل الآن بالذكرى 51 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة وهى الحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل لكنها على أرض الواقع نقطة تحول استراتيجى فقد كان اللجوء لهذه الحرب تحت خيار القوة القائمة على ألا تكون ضعيفًا ولا تدع غيرك يظن بك الضعف وهى الفلسفة التى لم تكن موجودة ندرك تمامًا أنه قد تم اللجوء إليها لتعويض الخسائر الكبيرة فى عام 1967 وإعادة التسليح مع وضع بعض الخطط لانهاك جيش الاحتلال مثل حرب الاستنزاف ولكن اليقين أنها كانت مفروضة علينا لاستعادة الكرامة والعزة العربية لذا كان من الضرورى تسليط الضوء على محاور التخطيط الاستراتيجى للحرب الذى امتزج بعبقرية الروح المصرية فالتخطيط للحرب بدأ فى 16 مايو 1971 بتولى الفريق الشاذلى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة ونجاح العبور لم يأت من فراغ ولكنه جاء عبر اعتماد خطة استراتيجية تقوم على ستة محاور هى وجود مجموعة من الإجراءات لضمان دعم الجبهة الداخلية أيضا دعم نقل المعدات لجبهة القتال مع وضع الإجراءات الداعمة لخطط الخداع الميدانية والسيادية وتأمين تحركات القوات المسلحة ويبقى المحور السادس والأخير وهو توفير المعلومات ذات الموثوقية عن الجانب الإسرائيلى لضمان اتخاذ القرارات الذكية وفى نفس الوقت تغذية إسرائيل بمعلومات مضللة تنعكس على هشاشة اتخاذ القرار من جانب العدو هذا التخطيط الاستراتيجى الذى تم قبل الحرب كان الباعث الحقيقى لتجلى الروح والإرادة السياسية المصرية القوية الآن والتى وقفت حائلاً أمام محاولات افشال خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لذا جاءت تأكيدات القيادة السياسية على ضرورة احداث التنمية المستدامة والتركيز على استمرار دفع جهود التنمية البشرية بمحوريها التعليم والصحة مع مساندة النشاط الاقتصادى خاصة القطاعات الانتاجية الزراعية منها والصناعية ودعم التصدير لذا لم نتفاجأ بإصرار الرئيس السيسى على أن تقوم الحكومة بدورها فى تخصيص 496 مليار جنيه كمخصص للصحة فى موازنة 2024/2025 وتخصيص 565 جنيه مليار للتعليم قبل الجامعى و393 مليار جنيه للتعليم الجامعى وزيادة مخصصات البحث العلمى إلى 140 مليار جنيه ما سبق تأكيد على الاستمرار فى دفع جهود التنمية البشرية وفى نفس الوقت تخصيص ما لا يقل عن تريليون جنيه كاستثمارات عامة تهدف إلى دعم النشاط الاقتصادى للحفاظ على استمرارية استدامة الانضباط المالى ودفع جهود الحماية الاجتماعية وبالتالى فإننا نلمس أن الجمهورية الجديدة تسعى بكل جدية نحو تفعيل الحوكمة وذلك على النحو الذى يدعم الاقتصاد ويتكامل مع المحاور الأخرى خاصة الصناعية وفى المقابل التأكيد على حماية الأمن القومى وهو ما شاهدناه عبر حضور الرئيس تفتيشات حرب وهنا لابد أن يحمل وجود القائد الأعلى للقوات المسلحة رمزية خاصة تؤكدها توجيهاته ورسائله للداخل والخارج وتحمل صيغة التأكيد لما يقال بأن جيشنا قادر على حماية كل شبر من أرض مصر ولكن كما قلنا سابقًا تبقى المعضلة الكبرى أن المعلومات المضللة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى تمثل أكبر تهديد لذلك لن نتفاجأ بما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بأن نشر الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمى يسبب خطرًا جسيمًا الآن ويؤجج الصراع والدمار ويضر بالصحة العامة والجهود المناخية وبالتالى فإننا نطرح مجموعة من الإجراءات لمواجهة خطر المعلومات المضللة منها ضرورة تخلى الحكومات وشركات التكنولوجيا عن استخدام أو تضخيم المعلومات المضللة كما ينبغى على المنصات الرقمية ضمان الأمان والخصوصية فى كل منتجاتها كما يجب أن تلتزم المنصات الرقمية بشفافية البيانات وما نؤكد عليه هو ضرورة أن تؤخذ مخاطر المعلومات المضللة على محمل الجد فقد تتخذ المعلومات المضللة شكلاً جديدًا أكثر تعقيدًا اليوم لكنها لم تكشف بعد عن نفسها باعتبارها تهديدًا غير مسبوق.