مسئولية مصر تجاه المسلمين فى أنحاء العالم مسئولية تاريخية فهى صاحبة أقدم جامعة علمية فى العالم تدرس العلم الدينى وتستقبل طلابا من أنحاء العالم وترسل العلماء إلى حيث يوجد مسلمين يريدون معرفة صحيح الدين.. فتصحح الخاطئ من الأفكار.. وتوضح ما غمض على الفهم.. وفى المقابل فإن أبناء العالم الإسلامى والمسلمين فى كل مكان يعقدون آمالهم على الأزهر الشريف وعلماء مصر فى المعرفة لما تميزت به المدرسة المصرية من وسطية لا تعرف الإفراط ولا التفريط.. لذا قل أن تجد دولة من دول العالم تخلوا من علماء مسلمين يسعون إلى تبصرة الناس بصحيح الدين فيطفئون حرائق التعصب وينزعون أحقاد سوء الفهم ويعلمون الناس أن الاختلاف نعمة وسنة كونية حتى يتعاون الناس ويتعارفوا لا أن يختلفوا ويتصارعوا.
من علماء مصر البارزين فى الخارج الدكتور عبد الحميد متولى رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالبرازيل ورئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية الذى بادرته بسؤالي.
>> كيف ينجح داعية فى دولة لا يعرف؟
> قال هذا سؤال مهم ليس للإعلام فقط وانما للراغبين فى العمل بالدعوة فى بلاد لا تتحدث العربية ولها من التقاليد ما يختلف فى كثير من الأمور عما اعتاد عليه الداعية فى بلاده، لذا فإن نجاح الداعية مرهون بتعلمه اللغة القومية للدولة التى يقوم فيها بالدعوة، لذلك فور وصولى إلى البرازيل عام 2007 م مبعوثا من وزارة الأوقاف كان أول ما فكرت فيه تعلم اللغة البرتغالية،وتقدمت إلى إحدى مراكز التعليم لأتعلم هذه اللغة تعليمًا صحيحًا، فضلًا عما أتعلمه أثناء تعاملى اليومى مع الناس، وكانت هذه الفكرة نتيجة الدورة التدريبية التى يتلقاها المبعوث فى مصر قبل السفر إلى الدولة المبعوث إليها حيث حاضرنا سفراء ومفكرون كانوا يركزون على أهمية تعلم لغة البلاد وقراءة تاريخ هذه البلاد ومعرفة عاداتها وقيمها حتى نستطيع التعامل والتصرف مع ما يقابلنا من قضايا ونحن لدينا خلفية عن طبيعة الناس هناك وثقافتهم وقيمهم
>> إذن كل المبعوثين يبدأون بتعلم اللغة؟
> ليس الجميع فبعضنا يكتفى بالتعامل مع المسلمين الذين يتحدثون العربية ويعيشون هناك ويقابلهم داخل المسجد لأن الشيخ عادة ما يكون لديه تصور انه سيعود بعد نهاية بعثته أى بعد ثلاث سنوات إلى مصر فلا داعى لتعلم لغة لن يستخدمها بعد مرور ثلاث سنوات، والبعض الآخر يحرص على تعلم اللغة حتى ولو عاش شهرا فى هذه البلاد.
>> من المؤكد أن تعلم اللغة كان فارقا بالنسبة لك؟
> نعم كان فارقا على كل المستويات على مستوى التعامل مع الناس والقرب منهم والتعرف عليهم وعلى أفكارهم وتصوراتهم عن العرب والمسلمين وكذلك على مستوى الحديث مع المسئولين فى الندوات والمحاضرات واللقاءات فمبدئيا توليت رئيس البعثة المصرية هناك بناء على طلب زملائى وكنت اول رئيس بعثة فى البرازيل وكنا خمسة أفراد استطعت أن يزيدوا ليصبحوا 10 أفراد وبعد أن انهيت مدة البعثة مدت الأوقاف لى سنة بناء على توصية السفير أحمد درويش سفير مصر فى البرازيل لما رآه من نشاطى ورفع عدد أعضاء البعثة إلى 10 وبعد أن انتهت السنة دعتنى السعودية لأن أكون مبعوثا لها فى البرازيل من خلال رئيس المركز الإسلامى بأمريكا اللاتينية مركز الملك فهد ومقره البرازيل، كما تم اختيارى رئيسا للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأئمة بالبرازيل فى الفترة من 2016 حتى 2021 م ثم تم اختيارى رئيسا للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى أمريكا اللاتينية كلهالمدة ثمانى سنوات تنتهى فى 2028م.
>> وماذا عن المستوى العملي؟
> ألفت كتابين باللغة البرتغالية هما عبارة عن 74 خطبة ودرس دينى تتضمن القضايا التى تشغل الناس هناك وكذلك المناسبات الدينية، وعندما اتهم الاسلام بالإرهاب ذهبت إلى المنتديات والتجمعات هناك، كما دُعِيت إلى لقاءات فى التليفزيون بأكبر قناة تليفزيونية فى أمريكا اللاتينية تسمى «جلوبو»وحدثتهم أن كلمة اسلام تعنى السلام وتعنى الأمن فالمسلم ليس داعية حرب، وحرصت على استخدم المنهج العقلى فى حديثى لقوم يؤمنون بالماديات النظرية، فقلت لهم: من هى اكبر الدول التى تصنع الأسلحة وتصدرها إلى دول العالم، فذكروا دولا ليس بها دولة إسلامية، فقلت لهم إذن الحرب ليست من مصلحة الدول الإسلامية لأنها تستنزف أموالهم بشراء السلاح وانما الدول التى تصنع لا شك وتريد أن تبيع ما صنعته وبالتالى من مصلحتها إشعال الحروب، وذكرت أمثلة على ذلك قائلا: لقد ذكرت الهيئات النووية الدولية أن العراق به أسلحة كيماوية وقاموا بتفتيش منشآته فلم يجدوا شيئا، ومع ذلك دمروه وقتلوا 2مليون عراقى وسلبوا ثرواتها ثم أعلنوا لاحقا أنه لم يكن به أسلحة دمار شامل، وعندما أقيمت الأولمبياد فى البرازيل أشيع أن أعمال إرهابية ستحدث وسيقوم بها مسلمون، فذهبت بصحبة وزير العدل وتحدثت بالبرتغالية إلى الناس مرتديا الزى الازهرى وكان ذلك أمام جميع شاشات القنوات التليفزيونية فأكدت أن اخلاق المسلمين لا تعرف مثل هذه السلوكيات، وإنما هى شائعات هدفها تشويه صورة المسلمين وأكد على كلامى وزير العدل الذى قال إن المسلمين ليسوا إرهابيين بل يشاركون فى بناء اقتصاد البلاد وتمت الأولمبياد دون أن يحدث ما اشاعوه من أن عمليات إرهابية ستحدث هناك وكان كلامنا موضع ثقة وقد التقيت بوزير العدل البرازيلى فى مصر مع حاكم سان باولو وذكرته بكلامى فكان فخورا بأن ما قلناه معا تحقق.
>> قلت انكم تشرفون على جامعة للدراسات الإسلامية فى امريكا اللاتينية؟
> لقد أقمنا جامعة للدراسات الإسلامية عبر الانترنت باللغة البرتغالية والإسبانية والمنهج الذى يتم تدريسها وهو منهج الأزهر الشريف ومن يقومون بالتدريس مصريون من جامعة الازهر.
>> وماذا عن وضع المرأة فى البرازيل؟
> المرأة فى الماضى كانت محرومة من كثير من الحقوق أما الآن فقد حصلت على حقوق مماثلة للرجل فهى تتعلم وتعمل وتنفق مثلها مثل الرجل وفى حالة الزواج فإنها تتحمل الحياة مناصفة مع الرجل كما يتملكان مناصفة أيضا فلا يستطيع الرجل التصرف فيما يملك إلا بإذنها ، وكذلك هى لا تستطيع التصرف فيما تملك إلا بإذنه وكلاهما ينفق على الاسرة مناصفةوهو أمر يختلف عن التشريع الإسلامى الذى يوجب على الرجل الانفاق على الاسرة وفى نفس الوقت فإن للمرأة ذمة مالية منفصلة تتصرف فى امولها كيفما تشاء وليس عليها شرعا الانفاق على الاسرة مهما بلغت ثروتها إلا تفضلا منها.