4 فى مهمة علمية.. طلاب طب أسنان الأزهر الذين أبهروا الإنجليز بمهارتهم وتفوقوا على المعايير الإليكترونية التى ظن أساتذة كلية الجراحين الملكية ببريطانيا أنه لم يأتِ أحد يملك قدرة للوصول إلى تلك المعايير .. فكيف بمن تفوق عليها.. 4 شباب أثبتوا أن التعليم فى الأزهر يسير فى طريقه الصحيح وأن عملية إعادة تطوير المناهج العلمية والتعليمية فى الأزهر التى انطلقت منذ 7 سنوات أتت ثمارها .. الطلاب الأربع يحفظون القرآن كاملا أصواتهم هادئة لا تسمع لهم همسا.. دخلوا جميعهم طب الأسنان عن رغبة.. فكانت مجاميعهم تؤهلهم لدخول الطب البشرى لكن أهدافهم كانت محددة لدراسة طب الأسنان.
«الجمهورية» حاورت الطلاب الأربع لكنهم رفضوا الحديث قبل عميدهم د. وائل المهندس الذى أكد أن جميع العاملين فى الكلية لديهم أهداف يسعون إلى تحقيقها وفق نظريات منضبطة تسير مثل عقارب الساعة لا تقبل التأخير حتى لو جزءاً من الثانية، تلك المنظومة أهدافها علمية مجتمعية فى نفس الوقت، وهذا ما جعل كلية طب الأسنان بجامعة الأزهر محط أنظار المؤسسات العالمية التى ترسل طلاب الامتياز للتدريب على البروفة النهائية لحياتهم الدراسية قبل بدء حياتهم العملية، وتلك الثقة التى حققتها طب أسنان الأزهر بنين ليست وليدة اللحظة الحالية بل ثمار عمل السابقين من العمداء الذين آمنوا برسالة الكلية وأيقنوا أن تلك الرسالة لا يمكن تحقيقها دون خارطة طريق تقوم على ركائز من التطوير للطالب وعضو هيئة التدريس.
أضاف د. المهندس أن الأزهر الشريف منذ 7 سنوات قام بعملية تطوير فى المناهج وأساليب العملية التعليمية ذاتها، ووضعت لجنة تطوير التعليم الأزهرى التى كان يشرف عليها الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر منهجية شاملة تبدأ من التعليم الأساسى حتى الجامعي، وقامت الأسس العملية للتطوير على تحديث شامل للمبنى والمعنى بحيث يشمل المحتوى التعليمى وتوفير أدوات التدريب على أحدث مستوى عالمي، وتنمية مهارات العنصر البشري، وظن البعض أن تلك مراهنة صعبة أو مستحيلة، لكن إرادة وعزيمة القائمين على العملية التعليمية استطاعت تحقيق المستحيل وهذا ما وجدناه فى الارتقاء بتصنيف جامعة الأزهر وفق المعايير الدولية حتى أصبحت ضمن افضل 3 جامعات حكومية بمصر، وتلك القفزة فى التصنيف الدولى لم تأت مجاملة وإنما ثمرة عمل بحثى متقدم ومتطور قام به عناصر من الكليات العملية والشرعية إضافة إلى المستوى المتميز الذى حققه طلاب الجامعة الذين يعتبرون ثمرة فعلية لعملية التطوير فى المناهج ، ولا أخفيكم سرا أن مشاركة طلاب فى مسابقة التميز التى أقامتها كلية الجراحين الملكية ببريطانيا جاءت وفق دعوة رسمية من مدير الجامعة، ولم يكن بيننا وبين موعد المسابقة فترة زمنية كافية حتى يمكننا الاستعداد لكننا نثق فى قدرات طلابنا.
د. وائل أكد أن هناك عدد من العيادات الخارجية التى تعمل بالكلية لاستقبال المواطنين الراغبين فى العلاج بالمجان ويقوم على علاجهم وتشخيص حالاتهم أساتذة الكلية وإذا وجدت حالات تستدعى تدخل جراحى فإنه يتم إحالتها إلى إحدى مستشفيات الأزهر ويقوم عضو هيئة التدريس بمتابعتها حتى اكتمال الشفاء ونستقبل سنويا قرابة 20 ألف حالة من المواطنين بمختلف محافظات مصر حيث تمتلك الكلية أحدث أجهزة علاج الأسنان فى العالم، كما أن طرق الرعاية الطبية تتم وفق أعلى معايير العلاج عالميا لحساسية الآلات المستخدمة فى علاج الأسنان.
الجمهورية التقت بالطلاب الأربع الذين حققوا الإنجاز درجة أن كلية الجراحين الملكية ببريطانيا منحتهم صفة المتابعين لها مدى الحياة، وهذه الدرجة يسعى كثير من أطباء الأسنان حول العالم للحصول عليها، ولا تتحقق آمالهم إلا بعد النجاح فى اختبارات وتقديم أبحاث ودراسات.
د. يوسف صلاح مشالى الحاصل على المركز الثانى بالمسابقة الدولية، يحفظ القرآن الكريم كاملا، يرفض أن ينسب ما حققه من نجاح إلى شخصه بل يرى أنه جهد جماعى مدعوم من عميد الكلية وأعضاء هيئة التدريس الذين كانوا أمناء فلم يبخلوا على الطلاب بمعلومة أو فكرة تسهم فى الارتقاء بمستواهم، وقد بلغت الدقة فى الدراسة والتدريب أن أعضاء التدريس كانوا يحرصون على مراقبة حركة أيدينا أثناء التدريب العملى فى العيادات الخارجية بالكلية، ووقتها كنا نظن أن هذا أمر زائد فى التعليم أو التدريب ولم ندرك أهميته سوى أثناء المسابقة حيث حرصت لجنة متابعة المتسابقين من كلية الجراحين الملكية على مراقبة حركة اليد للمتسابقين من ناحية الثبات والإنجاز فلم يفصل بينى وبين الحاصل على المركز الأول سوى درجة واحدة، وهذه الدرجة لا أنكر أنها تمثل فرقا كبيرا فى عالم الطب الذى تصل نسبة الخطأ فيه صفر، مما جعل د. أحمد الليثى الذى كان يرافقنا فى المسابقة يراجع لجنة المسابقة عن فروق الترتيب ، لكن فى النهاية اعتبر ما تحقق بمثابة تأكيد أن التعليم العام بمصر قادر على الإنجاز طالما وجدت البيئة المناسبة والإخلاص من فريق العمل ، وإذا كان هناك نجاح تحقق فإنه منسوب إلى إدارة الكلية التى كانت بمثابة بيت عائلى بمعناه الحقيقى من الرعاية والمتابعة .
د. عمر تاج الدين أبو الوفا الحاصل على المركز الرابع بالمسابقة يحفظ القرآن الكريم كاملا وينتمى لأسرة عاشقة للأزهر الشريف والده رئيس منطقة قنا الأزهرية حيث أنه يعيش فى قنا رغم ان دراسته كانت بالقاهرة، يؤكد عمر أن تلك المسابقة كشفت قدرة الأزهريين على تحقيق إنجاز دولى وفاء لمكانة وقيمة الازهر الشريف رائد النهضة العلمية والتنويرية فى العالم ، كما أن ذلك الإنجاز يكشف أن طالب الأزهر لا يزال يعانى حالة من الهضم الإعلامى لحقوقه فى أن ينال التقدير المناسب لقيمته ومقامه فى إثراء الحياة العامة فكريا وعمليا وعلميا، فلو قمت بالتجول فى العيادات الخارجية بالكلية سوف ترى عدد المواطنين الذين يبلغوا العشرات يوميا يحضرون للكشف الطبى أو المتابعة لعمليات جراحية سابقة فى الفك أو الأسنان أو لإجراء عمليات تقويم فى الأسنان وهذه العمليات تتم بالمجان رغم أنها تتكلف فى العيادات الخارجية عشرات الألاف، إضافة إلى مئات الأساتذة المتميزين فى المجالات المختلفة وهم مثار حديث دول العالم بإنجازاتهم ولكنهم فى الحى الإعلامى لا يُطربون العقول ولا الأقلام للحديث عنهم، لكن رغم هذا فإننا نؤمن بأن العمل والإنجاز يضاف فى سجلات الوطن الذى ينتمون إلى ترابه ويعشقون أن يصبح رائد العالم فى كل المجالات.
د. محمد أسامة عبد الرحيم حصل على المركز الخامس يسير على نهج سابقيه فى حفظ كتاب الله تعالى وأنه التحق بطب الأسنان على سبيل الحب وهذا ما ساعده على الإبداع حيث كان يأتى إلى الكلية قبل المحاضرات بوقت كاف ويظل باقيا حتى انصراف آخر طالب وسط أجواء من المحبة التى غرسها أعضاء هيئة التدريس من خلال التسامح والبساطة درجة أننا شعرنا خلال سنوات الدراسة أننا عائلة واحدة، بل وصل الأمر مرحلة أن أعضاء هيئة التدريس كانوا يتفقدون من يغيب أكثر من يوم ويتابعون حالته، وكانوا يعطون أرقام هواتفهم لجميع الطلاب لمن يقف أمامه مسألة أثناء المراجعة أو المذاكرة، وأثناء فترة التدريب فى السنة الثالثة والرابعة كان الأساتذة بمثابة فريق موسيقى متناغم يعزف لحنا طبيًا واحدًا لا يعرف النشاز، وكان هذا أبرز الدروس التى تعلمناها وهو إنكار الذات والعمل بروح الفريق الواحد، مما ساعدنا على ترسيخ المحبة والمودة داخلنا، لذلك كان أداؤنا مبهرا وفق تقييم لجنة المسابقة التى لا تعرف المجاملة، ولذلك فإننى أؤكد أن ما تحقق من نجاح يعود فى المقام الأول إلى الأزهر الشريف الذى تأدبنا بأدبه وانتفعنا من معارفه ما جعلنا نفخر بين أقراننا من باقى الجامعات، ولا يزال لدينا الكثير لنقدمه.
د. عبد الله محمود أمين حاصل على المركز السادس بالمسابقة يشعر بالفخر لما حققه مع زملائه فى الحصول على مراكز متقدمة فى تجربة يصفها بأنها ملهمة حث لم تعرف المحسوبية ولا المجاملة بل كانت النزاهة والشفافية عنوانها وقد أدركنا من هذه المسابقة أن العلم قائم على الأصول بمعنى أننا حينما نزلنا إلى العمل التدريبى فى العيادات بالسنة الثالثة كنا نتدرب على أجسام تقليدية مصنوعة من المواد البلاستيكية ووجدنا حينها أن أعضاء هيئة التدريس ينطلقون معنا من البدايات التى كنا نظن أنها أمور غير لازمة فقد تجاوزها الزمن نتيجة التقدم التكنولوجى فى علاجات طب الأسنان، لكن وجدنا أساتذتنا يؤكدون أن العلم مثل البناء لا يقوم سوى على أسس وقواعد، تلك الأسس لا يراها البعض لكنها هى الأصل فى ارتفاع البناء، وقد وجدنا ثمرة تلك التجارب المعرفية الشاملة فى تلك المسابقة التى كان أعضاؤها يهتمون بالتفاصيل الدقيقة ويقومون بترتيب مراكز الفوز وفق تلك المهارات التى ساعدنا على التمكن فيها أننا جمعنا خيوط العملية المعرفية منذ البدايات حتى أحدث ما توصل إليه العالم فى علاجات الأسنان، وأذكر أن عميد الكلية د.وائل المهندس حينما تحدث ذات مرة عن مكونات العيادة الخارجية من الأجهزة قال إن ثمن الكرسى الواحد يتجاوز المليون جنيه حيث يشتمل على تقنيات بالغة الدقة عالميا فى تشخيص وعلاج الأسنان بكفاءة دقيقة، ولهذا فإننا جميعا كنا على قدر المسئولية واستطعنا رفع اسم الأزهر عاليا.