القرارات التى أعلنها أحمد كجوك وزير المالية خلال المؤتمر الصحفى مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أول أمس، اعتبرها مجتمع الأعمال بداية مرحلة جديدة تبدأها الدولة للعمل بجدية من أجل تهيئة مناخ جاذب للاستثمار، وأول خطوة حقيقية فى رحلة طويلة لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الاقتصادية الرسمية.
قرارات كجوك شملت حزمة متكاملة من التسهيلات، ووضعت، لأول مرة، نظاما ضريبيا متكاملا ومبسطا ومحفزا لصغار ومتوسطى الممولين الذين يصل رقم أعمالهم حتى 15 مليون جنيه سنويا.. كما تم منح حوافز وإعفاءات وتيسيرات جديدة تشمل كل الأوعية الضريبية «الدخل والقيمة المضافة والدمغة ورسم تنمية موارد الدولة»، بالإضافة إلى الإعفاء من ضرائب «الأرباح الرأسمالية» و«توزيعات الأرباح» و«الدمغة» ورسوم الشهر والتوثيق للمنضمين لهذا النظام المبسط.
كما تم إعفاؤهم أيضا من تطبيق نظام الخصم أو الدفعات المقدمة.. وأربعة إقرارات فقط للقيمة المضافة خلال العام، وان يكون أول فحص ضريبى بعد 5 أعوام وتقديم إقرارات ضريبة المرتبات والأجور على إقرار التسوية السنوية.
أيضا تقرر ألا تطالب مصلحة الضرائب، كل من يبادر بالتسجيل بأى مستحقات ضريبية عن الفترات السابقة، وان تسمح منظومة المقاصة المركزية، للممولين بالتسويات الإلكترونية بين مستحقاتهم ومديونياتهم لدى الحكومة.
ولأول مرة، تم وضع حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة، حتى لا يتحمل الممول أعباء كبيرة نتيجة تأخر «الفحص الضريبى» أو لطول فترة حل المنازعات، وكذلك تمت مضاعفة حد الالتزام بتقديم دراسة تسعير المعاملات بين «الاشخاص المرتبطة» ليصبح30 مليون جنيه سنويا. ولأول مرة أيضا يتم تشكيل مجلس استشارى لتوحيد الفتاوى الضريبية، وإصدار أدلة مرجعية بالمبادئ المستقرة، ونشرها فى إطار بناء الوعى الضريبى.
ولأول مرة أيضا يتم إنشاء وحدة دائمة للرأى المسبق لإعداد البحوث الضريبية ومراجعتها واعتمادها.. وتوضيح الآثار الضريبية المستقبلية للممولين والمستثمرين.
كما شملت القرارات، إلغاء الإقرارات غير المؤيدة بمستندات مرحليا للأشخاص الاعتبارية لعام 2025 وللأفراد عام 2026.
خبراء الضرائب قالوا إن هذه الحزمة تمثل خطوة كبيرة نحو استعادة الثقة بين الإدارة الضريبية والممولين، وكما قال أشرف عبدالغنى مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية إنها فقد شملت التسهيلات الجديدة عدة تعهدات من جانب وزارة المالية لبدء مرحلة جديدة مع الممولين، ومن المؤكد أن تطبيقها سيؤدى إلى وجود مناخ جاذب للاستثمار وقفزة كبيرة فى ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الاقتصادية الرسمية للدولة.
أوضح أن التعهد الأول أن هذه الحزمة من التيسيرات الضريبية سيتم تنفيذها خلال العام المالى الحالى بما تتضمنه من تعديلات تشريعية للتخفيف عن الممولين وحفظ حقوقهم، وان التعهد الثانى وضع سقفاً لكل أنواع الغرامات والجزاءات الضريبية بحيث لا تزيد على أصل الضريبة ونطالب بتطبيق هذا المبدأ على النزاعات الضريبية المتراكمة وذلك يساهم فى التخلص من أكثر من 70 ٪ من المنازعات التى مضى على بعضها أكثر من 10 سنوات والناتجة عن تأخر الفحص الضريبى وطول فترة حل المنازعات، والتعهد الثالث هو وضع نظام ضريبى متكامل للمشروعات الصغيرة والشركات الناشئة التى لا يتجاوز حجم أعمالها 15 مليون جنيه سنويا يشمل إعفاءات وتسهيلات تتضمن كل الأوعية الضريبية، وهو ما سيشجع عدداً هائلاً من المشروعات الصغيرة للانضمام للمنظومة الرسمية.
رجال الأعمال والمستثمرون قالوا إن هذه الحزمة من التسهيلات الضريبية تعكس جدية الدولة فى خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وفتح صفحة جديدة مع الممولين، وهو ما يؤكده سمير عارف رئيس جمعية مستثمرى مدينة العاشر من رمضان، مضيفا ان حجم المشروعات التى تعمل خارج المنظومة الرسمية للاقتصاد المصرية يتجاوز الـ60 ٪ وهو حجم هائل، نتج بسبب المعوقات البيروقراطية والمشاكل الموروثة التى كان يواجهها أصحاب هذه المشروعات عند التعامل مع الإدارات والمؤسسات الحكومية المختلفة، مشيرا إلى أن حل هذه المشكلات سيساهم بالفعل فى ضم هذه المشروعات للمنظومة الرسمية.
من جانبه يوضح أيمن رضا الأمين العام للجمعية، ان أهم ما اشتملت عليه حزمة التسهيلات الضريبية هو وضع نظام مبسط للتعامل مع المشروعات الصغيرة، وهو ما يؤكد قناعة الدولة بأهمية هذه المشروعات التى تمثل عصب الاقتصاد المصرى، وما توفره من فرص عمل وزيادة فى الإنتاج.. مشيرًا إلى أن التعامل مع الإدارة الضريبية، وصعوبة الحصول على التراخيص، كانا أبرز الأسباب التى كانت تدفع هذه المشروعات للهروب للعمل خارج المنظومة الاقتصادية الرسمية، وان الجدية التى بدأنا نلمسها فى قرارات الدولة لحل مشاكل هذه المشروعات تؤكد أننا على الطريق الصحيح لضم الآلاف من المشروعات الصغيرة إلى الاقتصاد الرسمى، ومازال مجتمع الأعمال فى انتظار المزيد من مثل هذه القرارات لحل كافة المشاكل التى يواجهها المستثمرون.
أيمن محمد حامد شريف عضو جمعية مستثمرى مدينة العبور، يشير إلى أن هذه الحزمة الضريبية هى خطوة أولى فى رحلة طويلة لتهيئة مناخ جيد وجاذب للاستثمار المحلى والأجنبى، مؤكدا أن هناك العديد من الخطوات الأخرى المنتظر اتخاذها من جانب الدولة لحل مشاكل المستثمرين.. أشار إلى أن التعامل مع الإدارة الضريبية والتشريعات المتعلقة بالمنظومة الضريبية فى أى دولة هى أهم العوامل التى يبنى عليها المستثمر قراره بإنشاء مشروع جديد أو التوسع فى مشروع قائم، ولذلك فإن تسهيل التعامل مع الإدارة الضريبية هو قرار مهم جدا وخطوة فى الطريق الصحيح من جانب الدولة.