جاءت أوروبا على قمة أشرس المعارك التاريخية وعلى قمة أكبر الامبراطوريات التى احتلت العالم واستنزفت خيراته وسرقت ثرواته لمئات السنين، جاء ذلك من خريطة المعارك التى تم حصرها تاريخياً عبر 4500 عام، فقد قامت أوروبا باستعمار العالم وباستعباد الأفارقة، كما سحق المستوطنون والمهاجرون الأوروبيون الهنود الحمر وغيّروا التركيبة السكانية والهوية الثقافية لأمريكا، وابدع الأوروبيون فى صناعة أجهزة التعذيب، كما اريقت دماء الأوروبيين بسبب الاقتتال بينهم فى العصور الوسطي، واستمراراً لهذه السادية ما زالت الدول الأوروبية تستكمل تدمير مجتمعاتنا عبر سعيها لهدم منظومة القيم والنسق القيمى التى تحاول تصديرها للشرق تحت مبدأ الحريات وحقوق الإنسان وخاصة قضايا الشذوذ الجنسى والالحاد ومواقع وتطبيقات المراهنات وصفحات ومجموعات التواصل الاجتماعى التى تركز على العنف والقتل والانتحار والتطرف الفكرى وتشجيع الثورات والمظاهرات، حيث تسعى الدول الغربية لتخطى الثوابت المجتمعية المتعارف عليها اعتقاداً منهم ويقيناً بقدرتهم على استغلال هذه الافكار لتدمير عقول وثقافة شبابنا، وفى هذا يقول الكاتب والاديب كارل كراوس «حين تميل شمس الثقافة نحو الغرب، يصبح الأقزام بقامة العمالقة» فثقافة الغرب يقودها حالياً اقزام نظرتهم محدودة لا تنتمى لثقافات أو معتقدات، فهم يمثلون عمالقة خراب ودمار المجتمعات تحت مبدأ حقوق الإنسان والحريات، ويأتى على رأسهم إسرائيل التى أصبحت أول دولة فى آسيا تعترف بالمساكنة غير المسجلة بين الشركاء المثليين.
الدول الاوروبية تسعى بكل قوة لكى تجعل قضايا حقوق الإنسان والحريات المصطنعة التى تهدف لتدمير المجتمع على قمة المناقشات والمؤتمرات، بل وتسعى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية إلى طمس الهوية الوطنية وتدمير النسيج المجتمعي، ولكنها لن تتمكن من تحقيق ذلك، فالامة المصرية محددة الهوية منذ فجر التاريخ ولم تفلح محاولات الاستعمار عبر سنوات طويلة فى تغييب هذه الهوية فى ظل حضارة تنتقل عبر جينات المصريين من جيل الى جيل تحمل نفس الافكار والفنون والمعتقدات والاحتفالات، فالاحتلال الإنجليزى الذى امتد لأكثر من سبعين عاماً لم يتمكن من فرض لغته الإنجليزية على اللغة المصرية، وكما ابدع الاباء والاجداد فى تاريخ الحضارة المصرية القديمة استكمل الابناء الرسالة حيث تم اطلاق المبادرة الرئاسية بداية لبناء الإنسان المصرى لاحداث تحول نوعى وإيجابى فى نسيج المجتمع المصرى بأكمله، وهو نفس ما سعى اليه قدماء المصريين من تفكير اخلاقي، فقد كانت «ماعت» هى جوهر الاخلاق لدى قدماء المصريين تركز على احترام الإنسانية واعلاء القيم العليا، لذلك فنحن فى امس الحاجة إلى دعم الدولة لبناء الإنسان المصرى كضمانة حقيقية لحماية الأمن القومى للبلاد وليكون حائط الصد الأول ضد التطرف الفكرى والشذوذ الجنسى والإرهاب والشائعات، فبناء الإنسان المصرى حق أصيل من حقوق الإنسان الاجتماعية واستثمار مهم فى الطاقة البشرية التى تسهم فى بناء مجتمع قوى ومتماسك بوعيه وثقافته وقدرته على الإنتاج والبناء والتنمية وتدعيم الاخلاقيات المجتمعية، حيث قال أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، فبناء الإنسان وبناء اخلاقه أساس قوة الأمم والشعوب وسر تقدمها وبقائها، حفظ الله مصر.