إلى أين تتجه المنطقة، وماذا يريد نتنياهو فى ظل تعدد الجبهات من غزة والضفة إلى اليمن إلى لبنان والعراق وسوريا، ومن يقف وراء رئيس الوزراء الاسرائيلى المتطرف، وإلى اين يأخذ المنطقة، وما هى نهاية مغامراته وتصعيده الذى لا يتوقف بل يتمدد ويتوسع وماذا عن موقف ودور الولايات المتحدة الامريكية ولماذا لم تنجح فى ايقاف جنون نتنياهو وهل هى من يقف وراء الستار؟ وتقود كل ما يجرى فى المنطقة وما اسرائيل الا مجرد واجهة، لم تكن الضربات الاستخباراتية التى اختطفت ارواح ورقاب قادة حزب الله الا عن معلومات امريكية مهما جرى لتضخيم الموساد، لكنها فى النهاية هى حرب امريكية بالدرجة الاولي.
الفرنسيون وغيرهم يقولون ان واشنطن لم تمارس الضغط الكافى او الذى يستحق من اجل ايقاف العدوان، والرئيس التركى رجب طيب اردوغان، يتهم الامريكان صراحة بأنهم وراء ما يجرى فى لبنان وغزة فى ظل الدعم بالسلاح والذخائر والقنابل والمتفجرات. والسؤال هل عجزت امريكا ان توقف جنون نتنياهو ام ان كل ما يجرى بفعل وادارة ومباركة وتمويل ودعم امريكي؟
امريكا ليلة اغتيال الامين العام لحزب الله منحت اسرائيل 8.7 مليار دولار ثم ارتفعت وتيرة الضربات والغارات الاسرائيلية على لبنان بشكل يستدعى نفس السيناريو الكارثى والتدميرى الذى نفذه جيش الاحتلال الاسرائيلي، فالمقاتلات الاسرائيلية تلقى بكميات هائلة وانتقامية من الصواريخ والقنابل، ففى عملية استهداف حسن نصر الله القت نحو حوالى 83 طناً من القنابل الخارقة للدروع والحصون وتحت الارض، وفى محاولة اغتيال هاشم صفى الدين المرشح لخلافة نصر الله القت 73 طناً من القنابل وهى قنابل امريكية زودت بها واشنطن اسرائيل قبل 10 سنوات واستخدمها جيش الاحتلال فى محاولة تدمير انفاق غزة.
هل من يدعم اسرائيل سياسياً وعسكرياً ومالياً واستخباراتياً وخططياً وما ادرانا ربما يكون الامريكان مشاركين فى المعارك، وتصدر واشنطن خطابات غريبة للعالم. بأنهم قلقون مما يحدث فى لبنان وقبلها غزة، وان نتنياهو لم يخطرهم ولم يعرض عليهم، وانهم ينصحون نتنياهو بعدم استهداف المنشآت النفطية الايرانية، وكذلك مواقعهم النووية فى الوقت الذى يأتى فيه قائد القيادة المركزية الامريكية إلى تل ابيب ولقاء رئيس الاركان الاسرائيلى ثم يؤاف جالانت وزير دفاع الكيان الصهيونى لترتيب ودراسة الهجوم الاسرائيلى على ايران رداً على هجوم طهران الصاروخى على تل ابيب.. ما أريد إن أقوله واشنطن تريد التصعيد، وتسعى اليه ولديها اهداف حالية ومرحلية، قريبة وبعيدة، وان ما يروج من عدم قدرتها على اجبار نتنياهو او ان بايدن بات ضعيفاً وغير قادر بسبب اقتراب رحيله عن البيت الابيض، هذا فى عداد الكلام الفارغ الذى لا يخيل على ساذج، فالدولة الامريكية ومؤسساتها العسكرية والدبلوماسية والادارة نفسها، تقف داعمة لإجرام اسرائيل والتى تنفذ مخطط تدمير لبنان كما دمرت غزة، وهناك شواهد على التحرش بروسيا فى ظل ما يتردد عن قصف قاعدة روسية فى طرطوس بسوريا على ساحل المتوسط، وفى ظنى ان الهجوم الصهيونى المدعوم امريكياً وبريطانيا سيطال ايران واليمن والعراق وسوريا إلى جانب غزة ولبنان وإلى مصر تذهب المواجهة، وماذا لو انتصر نتنياهو او خرج منها فائزاً، ماذا عن القادم، وفى اعتقادى ان الامور لن تنتهى قريباً فى ظل الهروب الصهيوأمريكى إلى الامام، واغراءات تداعيات الاسراف فى استخدام القوة والتدمير، لذلك كانت المواجهة او الهجوم المتوقع على ايران خلال الساعات القادمة سوف ينفتح ويأخذ هذه المواجهات إلى آفاق مختلفة، وتوسيع رقعة الصراع، وتداعيات خطيرة وكارثية على المنطقة، فاستهداف المنشآت النفطية سيؤدى إلى ارتفاع اسعار البترول فى العالم وما له من تداعيات على ارتفاع اسعار الغذاء، والسلع الاساسية التى شهدت ارتفاعاً كبيراً فى سبتمبر الماضى بالاضافة إلى تعقيدات واضطرابات اكثر فى التجارة العالمية، وتأمين الممرات البحرية وهو ما يزيد تكلفة التأمين فى ظل هذه المخاطر المتصاعدة وهو ما يلقى بظلاله وتأثيراته الصعبة على اقتصادات المنطقة والعالم بالإضافة إلى استهداف المنشآت النفطية الايرانية سوف يحرم الصين من بترول طهران الذى تعتمد على نسبة كبيرة منه بل ويضرب مصالحها فى المنطقة لذلك فإن المخطط الامريكى يسعى إلى تدمير حلفاء المعسكر الروسى – الصيني، وضرب مصالح وتحالفات موسكو، وبكين فى المنطقة، فالاهداف كثيرة، لكنها تسير وفق المخطط لما يخدم مصالح التحالف الصهيوأمريكي، فى تحقيق اهداف واطماع اسرائيل الكبري، وايضاً هيمنة امريكا على مناطق النفوذ وضرب مصالح الصين وروسيا فى إطار الصراع بين نظام قديم وموجود تقوده واشنطن وآخر يتطلع، تقوده روسيا والصين، لذلك أقول إن الحرب العالمية الثالثة، ليست بالضرورة حرباً مباشرة ولكنها تمضى تدريجياً ومرحلياً إلى المواجهة الكبرى تبدأ بضرب التحالفات، والنفوذ الروسى – الصينى وتسعى من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية إلى استنزاف الدب الروسي، ومحاصرته بالأزمات حتى تحد أمريكا من حركته رغم ذلك إلا أن موسكو تحقق نجاحات فى افريقيا على حساب أمريكا والغرب.
فرنسا الغاضبة من العدوان الإسرائيلى المدعوم أمريكياً على لبنان، فقدت الأمل والتعويل على نجاح واشنطن فى فعل أى شيء لصالح لبنان، وطالب ماكرون، بمنع الأسلحة عن تل أبيب، وهو ما عرضه لإهانة مباشرة من نتنياهو، لذلك كل ما يجرى يشير إلى تورط أمريكي، بل وقيادة أمريكية لكل ما يجرى باتفاق شامل وكامل مع إسرائيل التى تظهر فى واجهة الإجرام وتحتفظ واشنطن بالبقاء خلف الكواليس لممارسة الخداع والتضليل والمناورة وقررت وفقاً للمخطط أن تحرق أوراقها القديمة ومن يوفرون لها الذرائع، للتقدم إلى الأمام، لذلك المواجهة العنيفة مع إيران قادمة لا محالة، وإسرائيل تسعى إلى التخلص نهائياً من أذرع طهران وأبرزها حزب الله، ولعل الضربات الانتقامية، والقضاء على البنية التحتية والعسكرية والاجتماعية الحاضنة للحزب أهم أهداف نتنياهو، وهو قرار إستراتيجى تم اتخاذه وربما وفرت حسابات حزب الله الخاطئة بربط جبهة لبنان بالجبهة فى غزة، ثم حالة الترهل الأمنى والاختراقات والخيانات داخل الحزب التى جعلته عارياً ومكشوفاً تماماً أمام جيش الاحتلال، فالمعنى ليس فى كيفية الضرب سواء بالصواريخ أو مسيرات أو مقاتلات جميعها أمور سهلة، لكن الكارثة هى دقة المعلومة وعمق الاختراق الذى جعل قيادات حزب الله يتساقطون مثل أوراق الشجر، وكأن الطير يتخطفهم.. لذلك فإن الأمور قد تتطور على جبهات إيران وسوريا والعراق واليمن، وهو ما لا نتمناه للأشقاء فى دمشق وبغداد وصنعاء، لكن كل ذلك جاء وفق حسابات وتقديرات فرضتها عوامل مختلفة، بفعل الكيانات الموازية للدولة الوطنية.