ونحن فى رحاب أكتوبر العظيم.. ملحمة الانتصار التى ولدت منها إرادة السلام.. بالمبادرة التاريخية للقائد المنتصر الحريص على حياة الشعوب فى التنمية والعيش الكريم.. وبعيداً عن ويلات الحروب المدمرة والدماء المهدرة ودموع الأمهات والثكالى والأرامل على الضحايا من الرجال والشباب والأطفال.
وبعد مرور عام على مأساة حرب غزة هذه المرة التى طالت وارتدت فى حين أن مثيله لها فى يناير 2009 لم تطل عن 22 يوماً.. بجهود مصر وقادة العالم العقلاء.. ومازالت مصر أيضا حتى اللحظة الأنية تبذل أقصى الجهود ولكن نتنياهو لا يكفيه من أبناء غزه والأبطال أكثر من 140 ألفاً ما بين شهيد ومصاب علاوة على عشرات الآلاف الآخرين المفقودين تحت ركام المبانى التى وتنعى هؤلاء الضحايا من القتلى والمشردين.. وسط صمت دولى رهيب لا يحرك ساكناً نحو سفاح القرن تنتياهو وعصابته المجرمة التى تغابت وتجاوزت المدى لم يكفها كم الدماء والدمار فى غزة، فتوجهت صوب لبنان تكرر نفس السيناريو المميت وهى ضامنة أنها لن تجد من يردعها طالما يساندها الشيطان الأكبر فى العالم يمدها بالسلاح والعتاد، ويكذب ويمارس ألاعيب البهلونات ما بين تصريحات خادعة تدعو لوقف الحرب، فى نفس اللحظة التى تنفخ فيها أبواق اللهيب.
<<<
فى هذه الأيام الموحية بالتدبر والتفكر والتأمل أتذكر ايضا الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام.. وقد استطاع أن يعيد لمصر أرضها المغتصبة.. وأن يكسر أنوف قادة إسرائيل التاريخيين المتغطرسين.. ولا نفس المشهد التاريخى الدرامى المثير وهم يقفون فى استقباله بمطار بن جوريون لحظة هبوط طائرته فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى حاملا مبادرته التاريخية بالسلام وهو يصافحهم ويلقى فى سمع كل منهم كلمات تحمل الكثير من المعانى أكثر مما تحمل من نشوة الانتصار.. انتصار القائد.. وانتصار الشعب والجيش الذى حطم اسطورة العدو الذى ظن أنه لا يقهر.
بعد مرور ما يقرب من 47 عاماً على هذه المبادرة التاريخية للسلام.. وبعد التطورات الكثيرة والتجارب المؤلمة مع حكومات إسرائيل المتعددة بين الحمائم والصقور ما بين مفاوضات وممارسات إسرائيلية مجرمة ضد الشعب الفلسطينى خاصة أهلنا فى غزة وفى لبنان وضد الرئيس الفلسطينى عرفات وقادة المقاومة ما بين حصار وتجويع وقتل وإغتيال قبل مأساة غزة الحالية وتشهد الأرض المحتلة أبشع مجازر يقوم بها احتلال فى العصر الحديث وقد أخذت تهز ضمير العالم بين فترة واخرى حتى أخمدته تماماً مع هذه المأساة الراهنة الصعبة التى تجر المنطقة برمتها إلى الفوضي.
بعد كل هذه الممارسات الإسرائيلية الضالة الشاردة.. يحق للشعوب العربية التى طالها الإجرام الإسرائيلي، ومن تخشى الاقتراب منهم مثل مصر بجيشها العظيم وقائدها الحكيم.. يحق لنا أن نوجه سؤالاً للعقلاء فى شعب إسرائيل الذى وقعت اتفاقاً مع زعيمه التاريخى مناحم بيجين بعدما استفاق لرشده وقد كان من صقور إسرائيل الذى ساهم بعملياته الإرهابية فى نشأة الدولة الصهيونية واستجاب لمبادرة السلام المصرية، فى خطوة شجاعة لا يقدم عليها سوى الأقوياء العقلاء.
سؤال مشروع يفرض نفسه فى هذا التوقيت الذى يذبح فيه نتنياهو أى مستقبل للسلام وهو: عندما نتحدث عن السلام مع إسرائيل كنا نتحدث عن أمر تستحقه دولة الاحتلال وقد تأكد ذلك فى الوقت الحالى مع أحلام اخرى زائفة لرئيس وزرائهم سفاح القرن..أتصور أن فشل نتنياهو فى تحقيق أهداف حربه ضد غزه وأولها استرداد الرهائن لدى حماس.. وصواريخ المقاومة الفلسطينية داخل العمق الإسرائيلى وحياة الملاجئ تحت صفارات الإنذار فى كل المدن الإسرائيلية..كل هذا وغيره يجيب عن هذا التساؤل المشروع.
فإذا كان شعب إسرائيل حقاً يريد العيش فى سلام.. فهو الكفيل بتحقيق هذا بعيداً عن سطوة الغطرسة والغرور والاستقواء بالداعم الأمريكى وبصالح الدول التى لا تقيم لحياة الشعوب وزناً فى كثير من الأحيان.
باختصار.. إن حرب غزة على مدار العام خلفت على الجانب العربى تداعيات وتغيراً فى إنسانية ونفسية واجتماعية وثقافية سوف تترك آثارها لدى أجيال عديدة مقبلة.