لم يكن الاحتفال بذكرى أكتوبر فى الماضى يمر مرور الكرام على أبناء جيلى فاليوم له قدسية خاصة على كافة المستويات العامة والخاصة فكثيراً ما كانت أمى تحكى لنا كيف مرت عليها تفاصيل اليوم وكيف كان لبيان إعلان الحرب وقع خاص لا يضاهيه أى أمر آخر.. تذكر كافة التفاصيل حتى الأكل الذى أعدته فى هذا اليوم تتذكر محتوياته تستدعى حواراتها مع الآخرين عن مشاعر النصر والعزة وكيف تلاشت فى هذا اليوم مشاعر الانكسار التى خلفتها الهزيمة على مدار سبع سنوات تؤكد أنها كانت قاسية بل فى غاية القسوة.
اليوم كان مختلفاً عن باقى أيام العام فالتليفزيون يعد له جيداً بوجبة دسمة من البرامج والمواد الدرامية وكان مسموحاً لنا ترك ما لدينا من واجبات مدرسية لمشاهدة ما يعرضه التليفزيون من أفلام مثل «الرصاصة لا تزال فى جيبى» و«أبناء الصمت» و«حتى آخر العمر» وغيرها من الأعمال التى أرخت لذكرى الانتصار العظيم والتى أنتج معظمها فى الأعوام التى تلت الحرب مباشرة ليتوقف الإنتاج الدرامى عن أكتوبر عند هذه السنوات باستثناء أعمال معدودة تم إنتاجها فى السنوات التالية على استحياء. . المدرسة أيضاً كانت تحيى ذكرى الانتصار بتفاصيل ما زالت عالقة فى الأذهان بداية من أبطال الحرب التى تستدعيهم للحديث عن مشاعرهم وكيف كان اليوم انتصاراً عظيماً فى ندوات تقيمها على مدار الشهر وما تتضمنه الإذاعة المدرسية من موضوعات وأحاديث عن أبطال النصر.
منذ أيام جاء صغارى ليخبرونى بأن المدرسة طلبت منهم ارتداء أى لون من علم مصر وهم ذاهبون فى اليوم التالى اقتصرت ذكرى أكتوبر على ثلاثة ألوان دون أن يدركوا قيمة هذا اليوم الذى أعاد للمصريين كرامتهم وكمدرسة أبنائى امتد الأمر لكافة الأمور من حولى فلم أجد عملاً وثائقياً تعرضه الشاشات يستعرض تلك الملحمة التاريخية الخالدة.. فلم أجد عملاً وثائقياً تعرضه الشاشات يستعرض تلك الملحمة التاريخية الخالدة باستثناء ما قدمته القناة الوثائقية وتم عرضه على قنوات المتحدة.
لأن «السوشيال ميديا» باتت هى المحرك والمعبر الرئيسى عما يدور حولنا لذا لجأت لمجموعة من التطبيقات لأرصد كيف يرى الجيل الحالى عظمة أكتوبر لأجد الأمر شبه منعدم باستثناء مجموعة من الأشخاص قاموا بنشر بعض الصور لأقاربهم الذين شاركوا فى الحرب وهم يترحمون عليهم فى الوقت الذى وجدت اهتماماً غير عادياً بالبلوجر التى حكم عليها بسبب خناقة البث المباشر مع والدها وكيف تعاطف معها الجميع وجعلوا منها بطلة لأنها تريد أن تساعد أسرتها وتحسن من مستواها الاجتماعى وهو نفس الأمر الذى امتد لصاحب المطعم الشهير الذى اضطر لبيع مطعمه لسداد ديون تراكمت عليه بعد عملية نصب تعرض لها واختفى أكتوبر تماماً من المشهد لأدرك أننا أمام كارثة تستدعى وقفة من جميع الجهات المعنية لتدارك المأساة التى نعيش فيها.
كيف تصبح الأجيال الحالية قادرة على الدفاع على هذا الوطن وأقصى معركة أدركوا معناها كانت بين اثنين من رواد «السوشيال ميديا».. كيف لهم الدفاع عن الوطن وهم لم يدركوا قيمته. .كيف لهم الدخول فى حرب والانتصار فيها ومفهمومهم عن الحرب لا يتعدى حروب الفيديو جيم.. حقاً نحن فى مأساة تستدعى حدوث ثورة لتصحيح مفاهيم هذا الجيل الذى أفسد بفعل فاعل وبات لا يدرك قيمة الوطن وعظمة أكتوبر.