تواصل إسرائيل استهدافها المناطق اللبنانية وصولا إلى قلب العاصمة بيروت. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية امس استشهاد 9 لبنانيين وإصابة 14 آخرين، إثر غارة الاحتلال الإسرائيلى على منطقة الباشورة فى بيروت، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على عدة مناطق لبنانية، مُخلّفا عددا كبيرا من الشهداء والجرحي، وتدميرا واسعا فى المبانى والمنشآت والبنية التحتية.
وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية، أن طيران الاحتلال الحربى ومدفعيته استهدفا بلدات بنت جبيل، وعيترون، وارنون، وسيناي، وابل السقي، وجديدة، ومرج عيون، والقليعة، وبرج الملوك، وديرميماس، والخيام، وكفر كلا، وسهل مرج عيون، ومجرى نهر الليطاني، ومنطقة الخردلي، وطورا، والعباسية، ويارين، والبستان، وعلما الشعب، وطيرحرفا، والضهيرة، وعيتا الشعب، ومحيط المطلة جنوب لبنان.
وقالت الوكالة الوطنية إن «إسرائيل استخدمت القنابل الفوسفورية المُحرّمة دوليا خلال استهدافها منطقة الباشورة. وأحدثت الغارة دويا قويا فى المنطقة التى هرع إليها عدد من سيارات الإسعاف. وأعقبت هذه الغارة سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت فى ثالث استهداف لهذا المعقل الأساسى لحزب الله فى أقلّ من 24 ساعة.
يأتى هذا بينماقال الجيش الإسرائيلى إنه قتل قرابة 15 من أعضاء جماعة حزب الله اللبنانية فى مبنى بلدية بيت جبيل فى جنوب لبنان. وقال جيش الاحتلال أن مقاتلى الجماعة كانوا يتمركزون فى المبني،وأضاف فى بيان له: «هاجمنا 200 هدف لحزب الله خلال الساعات الأخيرة.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية، إن الضاحية الجنوبية لبيروت، تعرضت لعدوان جوى ليلًا، شنته الطائرات الحربية المُعادية، بالإضافة إلى قصف المنطقة بالبوارج الحربية من البحر. وأشارت الوكالة إلى أن عدد الغارات على الضاحية، والتى استمرت حتى الرابعة فجرًا، بلغت 17 غارة، استهدفت مناطق مختلفة
فى موازاة ذلك دعا الجيش الإسرائيلى سكّان خمسة مبانٍ تقع فى الضاحية الجنوبية لبيروت وأولئك المقيمين قربها لإخلاء مساكنهم «فورا»، حفاظا على «سلامتهم. وفى رسالة نشرها على منصة «إكس» وأرفقها برسوم بيانية تحدّد موقع المبانى المعنيّة
وفى المقابل، أعلن حزب الله اللبنانى أنه فجّر عبوات ناسفة فى قوات إسرائيلية أثناء محاولتها التسلل أمس عبر الحدود وأوقع قتلى وجرحى فى صفوفها، كما قصف مدينة طبريا ومستوطنات الجليل بعشرات الصواريخ.
وقال الحزب فى بيان إن القوة الإسرائيلية تسللت إلى محيط بلدة مارون الراس بجنوب لبنان، حيث جرى تفجير العبويتين فيها. وأضاف أن مقاتليه فجّروا عبوة نسافة فى قوة أخرى من لواء جولانى فى مارون الراس كانت تحاول الالتفاف من الجهة الغربية للبلدة وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
وأكد حزب الله فى بيان منفصل أنه صد منذ فجر امس كافة محاولات التقدم الإسرائيلية عبر الحدود، وكبّد قوات الاحتلال خسائر فى الأرواح والمعدات.فى المقابل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع «حدث خطير وغير عادي» فى الشمال، وقالت إن مروحيات تنقل جنودا قتلى وجرحى بعد «حدث أمنى صعب ومؤسف».
الى ذلك قال الجيش الإسرائيلى إنه اعترض طائرة مسيرة قبالة سواحل تل أبيب وأخرى تحطمت فى منطقة مفتوحة. فيما أوضحت القناة 12 الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت فى الجليل الغربي، وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلى إلى أن حالة تأهب فى الجولان خشية تسلل طائرات مسيّرة.
وفى وقت سابق، قال الجيش الإسرائيلى إنه رصد 25 قذيفة أطلقت من لبنان باتجاه الجليل الأعلى بعضها سقط دون اعتراض. وأشار إلى أنه رصد أيضا مسيرتين قادمتين من لبنان وتم اعتراض واحدة منهما قبالة ساحل نهاريا.
على صعيد الأوضاع الانسانية، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إن النظام الصحى بلبنان يواجه صعوبة فى تلبية الاحتياجات فى ظل مواصلة إسرائيل هجماتها. وأضاف فى منشور على منصة «إكس»، أن «الوفيات فى لبنان ارتفعت، والمستشفيات تكتظ بالمصابين، والنظام الصحى ضعيف بسبب الأزمات المتتالية، ويواجه صعوبة فى تلبية الاحتياجات الكبيرة».
وأوضح جيبريسوس أنه التقى سفراء دول الجامعة العربية فى جنيف لمناقشة الوضع الصحى فى لبنان والمنطقة. وأضاف أنهم اتفقوا على ضرورة حماية المرضى والعاملين فى مجال الرعاية الصحية والمدنيين، بما فى ذلك اللاجئون، وضمان توفير خدمات الرعاية الصحية لهم. وقال إن «ما تحتاج إليه شعوب منطقة الشرق الأوسط برمته هو السلام، ويجب إنهاء العنف لمنع المزيد من الخسائر والمعاناة».
من جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية، تخصيص 30 مليون يورو إضافية كمساعدات إنسانية للمتضررين من استمرار الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل، وذلك بالإضافة إلى 10 ملايين يورو تم الإعلان عنها بالفعل فى 29 سبتمبر الماضي، مما يرفع إجمالى المساعدات الإنسانية التى يقدمها الاتحاد الأوروبى للبلاد إلى أكثر من 104 ملايين يورو هذا العام.
كما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن عدة دول قدمت تعهدات مالية فى أعقاب النداء الإنسانى الذى تم إطلاقه مؤخراً لجمع 426 مليون دولار بهدف الاستجابة لاحتياجات المدنيين المتضررين من تصعيد الصراع فى لبنان. وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أوضح «دوجاريك»، أن الأمم المتحدة وشركاءها فى المجال الإنسانى يواصلون تكثيف الجهود لدعم الاستجابة التى تقودها الحكومة. فقد قدم برنامج الأغذية العالمى وجبات ساخنة ومساعدات نقدية طارئة لنحو 10 آلاف أسرة، بينما تستضيف ملاجئ الأونروا الآن أكثر من 2,300 نازح.
فى سياق آخر، تكثف دول غربية عدة خطط الطوارئ لإجلاء رعاياها من لبنان بعد احتدام الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، إلى جانب الهجوم الصاروخى الإيرانى على إسرائيل. ولم تنفذ أى دولة عملية إجلاء عسكرى واسعة النطاق بعد، رغم أن بعض الدول تستأجر طائرات لمساعدة رعاياها فى المغادرة فى ظل بقاء مطار بيروت مفتوحا. وهناك خطط للإجلاء عن طريق البحر إلى قبرص، مما يتيح نقل دفعات أكبر من الرعايا.
ومن جانبها وفرت السلطات البلجيكية مئات المقاعد على متن طائرات لموطنيها لمغادرة لبنان، وأرسلت طائرة عسكرية إلى قبرص فى إطار خطة طوارئ. وتشمل خطة الطوارئ الإجلاء بحرا رغم أن البلاد حثت ما يقدر بنحو 15 ألفا من مواطنيها فى لبنان على المغادرة جوا بينما مطار بيروت مفتوحا.
ومن المرجح أن تكون اليونان الدولة العضو فى الاتحاد الأوروبى الأقرب إلى الشرق الأوسط ممرا لعمليات الإجلاء نظرا لأنها سهّلت إجلاء نحو 60 ألف شخص فروا من الحرب بين إسرائيل وجماعة حزب الله فى عام 2006، وعرضت تركيا المجاورة المساعدة أيضا.
هذا وقلصت إيطاليا عدد موظفيها الدبلوماسيين وعززت قوات الأمن فى سفارتها فى بيروت. وحث وزير الخارجية، أنطونيو تاياني، رعايا إيطاليا مرارا على مغادرة البلاد وسعى للحصول على ضمانات من إسرائيل بشأن سلامة الجنود الإيطاليين العاملين فى عمليات حفظ السلام فى المنطقة.
كما تعتزم إسبانيا إرسال طائرتين عسكريتين لإجلاء ما يصل إلى 350 مواطنا إسبانيا من لبنان فى وقت مبكر، فيما حثت بريطانيا رعاياها على مغادرة لبنان فورا. ونقلت نحو 700 جندى إلى قبرص لتعزيز وجودها فى المنطقة حيث لها بالفعل أصول عسكرية تشمل سفينتين تابعتين للبحرية الملكية وقاعدتين عسكريتين فى الجزيرة.