تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكاديمية الشرطة ثم الأكاديمية العسكرية عن أمرين وقضيتين غاية فى الأهمية يرسمان ملامح الحاضر والمستقبل من الداخل والخارج حول ما تشهده المنطقة من تحديات واضطرابات وتهديدات.. هما عن استمرارية انعقاد الحوار الوطنى وتأكيد الرئيس السيسى على أهمية فتح ومناقشة كافة القضايا والملفات التى تهم الوطن والمواطن ووضع الكرة فى ملعب الجميع لمناقشة مفتوحة وبأعلى سقف من الحرية.
الحقيقة ان الحوار الوطنى بهذا الشكل والآلية والانفتاح على الجميع واستمرار مواجهة التحديات وفتح الملفات هو نقلة تاريخية فى مسار الدولة المصرية.. ودعوة أبنائها من كافة الأطياف والقوى والأحزاب السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.. وكافة فئات الشعب للنقاش والحوار حول كل ما يتعلق بهذا الوطن ورسم ملامح مستقبله والقضاء على كل ما قد يطفو على السطح من اختلافات وانقسامات لتحل بدلاً منها التوافق والاتفاق والاصطفاف انطلاقا من قاعدة رسخها الرئيس السيسى ان الوطن يتسع الجميع.. وان الاختلاف لا يفسد للوطن قضية.. ونختلف من أجل الوطن ولا نختلف عليه والحقيقة ان النتائج والحصاد منذ انطلاق الدعوة الرئاسية للحوار الوطنى تمنحنا طاقة كبيرة من التفاؤل ولا أبالغ إذا قلت ان الحوار الوطنى من أهم أسباب ومقومات الاصطفاف والتماسك وبناء الوعى كما أكد الرئيس السيسى ان الشعب هو الضامن الرئيسى لحماية الأمن القومى وقد أثبت ذلك على مدار السنوات الأخيرة فى ظل ما يحدث من اضطرابات وصراعات وتحديات وتهديدات تواجه الدولة المصرية برهنت على تماسك الشعب المصرى.
اقترحت وطالبت مراراً وتكراراً باستدامة الحوار الوطنى وتحويله إلى كيان مؤسسى بحيث يكون «بيت الوطن» ويتبع لرئيس الجمهورية مباشرة وهو الضمان لتحقيق التوافق الوطنى.
الحوار الوطنى نجح فى الاختيار التاريخى وكان الرئيس السيسى ومازال داعماً بكافة السبل.. سواء بالدعوة والانفتاح على كافة القضايا التى تهم الوطن والمواطن.. والرئيس دائم التأكيد على ان ما يخرج من الحوار من توصيات يتم تحويلها إلى واقع يتم تنفيذه،.. ويشهد الحوار الوطنى اهتماماً كبيراً من الحكومة ومؤسسات الدولة وما يزيد من فاعلية الحوار الوطنى انه تعرض بالنقاش والحوار والتوصيات والمخرجات فى قضايا ظلت عالقة لعقود طويلة مثل تعديلات قانون الإجراءات الجنائية وقضية الحبس الاحتياطى ثم قضية الدعم الذى عانى كثيراً على مدار العقود الماضية.. وآن الأوان لتكون هناك نظرة ورؤية يتفق عليها الجميع تتسق مع مصلحة الفئات الأكثر احتياجاً والمستحقة بالفعل للدعم.. وهل تتم الاجابة عن السؤال الذى طرح كثيراً أيضاً على مدار عقود هل هو نقدى أم عيني؟ ويصل الحوار الوطنى إلى ذروة الاهتمام والتقدير الرئاسى ليمنحه الرئيس السيسى بُعداً يجسد فاعليته.. وهو التوجيه والمطالبة بمناقشة قضية الأمن القومى المصرى والسياسة الخارجية فى ظل متغيرات عنيفة فى المنطقة واضطرابات غير مسبوقة وتهديدات وأوضاع مشتعلة فى الشرق الأوسط وتحديات وصراعات وحرائق مشتعلة على كافة الحدود المصرية.. وطرح هذه القضايا على «الحوار الوطني» هو دعوة للتوافق والاتفاق الكامل حول قضية مصيرية وذات درجة عالية من الأهمية وبما يعكس ان لدينا بالفعل قيادة سياسية وطنية تعمل لمصلحة الوطن والشعب والرؤى التى تخدم مصلحة الوطن بل والقيادة الرشيدة هى من تطالب بذلك.. وتتمنى المزيد من الرؤى والاقتراحات تجد طريقها لمجابهة الكثير من التحديات.. تلك هى الحكمة والقدرة على جمع المصريين على قلب رجل واحد.. وتوحيد صفوفهم فى مواجهة التحديات والتهديدات.
من الواضح أننا أمام تجربة فريدة تتقدم بثبات إلى تحقيق الأهداف والغايات الوطنية وعلى رأسها ان الجميع مسئول عن بناء الوطن والحفاظ عليه.. وليس الرئيس أو الحكومة أو الجيش أو الشرطة فقط بل كل مواطن مصرى تقع على عاتقه حماية هذا الوطن وبناء حاضره ومستقبله وبانفتاح ودون خطوط حمراء طالما أنها لمصلحة الوطن وفى إطار الاحترام والتقدير والثقة المتبادلة من الجميع.. لذلك فإن الحوار الوطنى هو إضافة قوية للحفاظ على اصطفاف وتماسك المصريين وتأكيد على الهدف الرئاسى أن نكون كشعب على قلب رجل واحد.. وهو ما يؤكد أهمية استدامة واستمرارية الحوار الوطنى وفى ظنى أن وجوده ككيان دائم ومؤسسى.
الرئيس السيسى أيضاً تحدث فى الأكاديمية العسكرية ما يحدث فى المنطقة من متغيرات حادة واضطرابات وباتت فى وضع خطير ينذر باتساع رقعة الصراع والانزلاق إلى منعطف خطير وسياسات مصر وثوابتها تقوم على التوازن والاعتدال والايجابية لإنهاء الأزماتها ويجب ألا تتعارض مع بعضها.. مشيرا إلى أهمية حوار إستراتيجى بينها بهدف البناء والتنمية وتعظيم الاستفادة من مقدرات شعوبها.
هنا أتوقف أمام ما قاله الرئيس السيسى عن أهمية إطلاق أو إجراء حوار إستراتيجى بين دول المنطقة وهو ما يتسق مع الرؤية والسياسة المصرية فى إعلاء وتعظيم أهمية «الحوار» على المستويين الوطنى والإقليمى وتؤمن بأن الحوار الإستراتيجى بين دول المنطقة ووقف التصعيد هو السبيل الوحيد لنزع فتيل التصعيد والانزلاق نحو حرب إقليمية أو حرب شاملة وفى ظنى ان مصر خلال الأيام القادمة أو على أقصى تقدير عقب الوصول إلى تهدئة سوف تدعو الجميع لاطلاق حوار إستراتيجى فى شكل قمة تستضيفها وترعاها القاهرة فى إطار دورها الرائد والمحورى وكونها ركيزة الأمن والاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط لوضع توافقات وايجاد حلول عبر «الحوار» وإنهاء حالة الصدام واحتمالات مستمرة للانفجار.. وفى اعتقادى ان تسوية القضية الفلسطينية هى أساس الحل والأمن والاستقرار وفقا لمقررات الشرعية الدولية والقرارات الدولية.. وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو عاصمتها القدس الشرقية.. وهو ما يعلنه ويؤكد عليه الكثير من دول العالم حتى الولايات المتحدة الأمريكية رغم دعمها المطلق لإسرائيل وأيضاً دول الاتحاد الأوروبي.. وحل وتسوية القضية الفلسطينية سيكون أبرز بنود الحوار الإستراتيجى ثم النظر إلى أهمية إنهاء عقود الميليشيات والجماعات المسلحة وجميع الكيانات الموازية للدولة الوطنية.. يقينا ان ما أكد عليه الرئيس السيسى لإجراء حوار إستراتيجى بين دول المنطقة سيكون مساراً قوياً للحيلولة دون انزلاق المنطقة مخاطر.. إلى إنهاء الاشتعال واطفاء الحرائق فى دول الأزمات.. وأيضاً الوصول إلى صيغة سلام وتعاون وتنمية فى القرن الأفريقى تحقق مصالح الجميع.. وعودة الاستقرار فى البحرين الأحمر والمتوسط لإعادة الممرات البحرية والتجارة البحرية العالمية إلى طبيعتها واستقرارها.
الدعوة لإجراء حوار إستراتيجى بين دول المنطقة تجسد عبقرية الإدارة المصرية وان القاهرة تستحق بجدارة ان يعوّل عليها العالم فى قيادة المنطقة إلى الأمن والاستقرار والسلام وربما تكون آلية تنفيذ الحوار الإستراتيجى بين دول المنطقة مختلفة عن شكل «القمة» لكن فى كل الأحوال لابد أن تكون برعاية أممية ودولية ومصر قادرة وبجدارة على قيادة هذا المسار لأنها دولة قوية لديها مصداقية عالية ودور وثقل إقليمى وتأثير دولى وأثبتت التجارب على مدار 11 عاماً أنها أبرز الفاعلين فى مسار السلام والأمن والسلم الإقليمى والدولى والالتزام بالشرعية ومبادئ القانون الدولى ولا تعمل على التصعيد والإشعال فى إطار مسئولية دولية تستحق التقدير.
تحيا مصر