الهدف الأساسى من منظومة الدعم العينى أو السلعى هو تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين بطريقة تبنتها الحكومة ببيع عدد من السلع التموينية بأسعار مدعمة للمستهلك ودعم وتوزيع حصص الخبز على المواطنين بحسب عدد أفراد الأسرة إما على بطاقات التموين أوببطاقات خبز مستقلة لمن لا يملك بطاقة تموين، ولكن ما يحدث على أرض الواقع حالياً يمثل نزيفاً وإهداراً للمال العام بسبب صعوبة الرقابة على غالبية البدالين وأصحاب المخابز الذين استغلوا هذه المنظومة فى الثراء السريع وتحقيق مكاسب رهيبة.
لا ينكر أحد ان الحديث عن الدعم يعتبر من المسائل الشائكة والدقيقة ومسألة التحول النقدى نظريا يراها البعض أفضل ولكن واقعيا أتصور انها تحتاج الى كثير من الأمور التنظيميةلنجاح المنظومة وتحقيق مستهدفاتها وعلى رأسها العدالة الاجتماعية، ولازال الأمر مطروحا للنقاش والدراسة ضمن جلسات الحوار الوطني،ولكن بالمقارنة بين نظام الدعم العينى والنظام النقدى فأن الدعم العينى يمنح الفرصة لمعدومى الضميرمن بقالى التموين خاصة فى الريف والصعيد بالتلاعب عن طريق زيادة سعر بعض المواد التموينية دون أن يدرى المواطن فيدفع سعرأعلى من السلعة، بالإضافة إلى قلة جودة السلع أحيانا لسوء التخزين،وكذلك يتم توزيع السلع المدعومة بشكل غيرمتساوي، مما يؤدى إلى إهدار جزء كبير من الموارد على الفئات غير المستحقة،أما نظام الدعم النقدى فهو يحد من كل التجاوزات المرتبطة بتوزيع السلع،ويحسن من كفاءة توزيع الدعم ووصوله للفئات المستحقة،بالأضافة الى انه يمكن الفئات المستفيدة من استخدام الدعم العينى وفق احتياجاتهم الشخصية ويمنحهم حرية اختيار السلع والخدمات التى يحتاجونها بالفعل وليس من سلع عينية مفروضة عليهم فى التموين قد لا تكون مطلوبة بالنسبة لهم،وهذا يحقق العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية بين المواطنين،ويزيد القدرة الشرائية ويساهم فى تنشيط الأسواق المحلية بشرط مهم جدا وهو فرض السيطرة الفاعلة على الأسواق ووقف تلاعب تجار الأزمات المتربصين بأسعار السلع عند التطبيق لأننا اعتدنا منهم رفع الأسعارغيرالمبرر فى كل مناسبة وبغير مناسبةوحتيعندما تنخفض تكلفة الإنتاج لا يخفضون الأسعار مرة أخرى بل يقومون باحتكارها وتخزينها لرفع سعرها والتلاعب بالمواطنين .
والحقيقة انه على مر السنين أعتاد المواطنون على نظام الدعم العينى وبالتالى فأن كثيرا منهم يشعرون بالقلق من الأتجاه الحالى للحكومة بالتحول إلى النظام النقدى ولديهم مخاوف كثيرة بشأن استقرار الأسعارأوالقدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية،وفى تصورى ان هذه المخاوف حقيقية ومشروعة وتمثل تحديًا جديدًا أمام الحكومة قبل الأقدام على التنفيذ وبالتالى عليهابالتواصل الفعال مع المواطنين وتقديم ضمانات واضحة بأن هذا التحول سوف يؤدى إلى تحسين ظروف المواطنين المعيشية،ومن الأفضل أن يكون الدعم النقدى المقدم للفئات المستحقة مرتبط بأسعارالسلع بالأسواق بحيث يمكن زيادته مع مرور الوقت عند ارتفاع أسعار السلع بالأسواق،وذلك لضمان عدم تآكل القوة الشرائية للأسر بسبب احتمال ارتفاع معدلات التضخم،عندما يحصل المواطنون على الدعم النقدي،الذى قد يزيد الطلب على بعض السلع الأساسية،مما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها.
واذا كان التحول الى الدعم النقدى يقلل من الضغط على الموازنة العامة للدولة ويمثل خطوة مهمة نحو تحسين الكفاءة الاقتصادية وتعزيز العدالة الاجتماعية،فإن نجاح هذه العملية يعتمد على تطبيق ضوابط مشددة مثل تحديد المستفيدين بدقة،وتعزيز البنية التحتية التكنولوجية، وضمان الشفافية،ويجب أن تكون الحكومة مستعدة لمواجهة التحديات المتعلقة بالتضخم والبنية التحتية التكنولوجية ومقاومة التغييرلضمان تحقيق أقصى فائدة من هذا التحول وتحقيق الأهداف التنموية المستدامة.
كلمة فاصلة :
ببساطة..لابد من إطلاق حملات توعوية تشرح الفوائد التى يتيحها النظام النقدى مقارنة بالدعم العيني،وتوضح كيفية الاستفادة من الأموال المقدمة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة،وكذلك فأن تعزيز الشفافية فى كل مراحل التنفيذ سيضمن بناء ثقة المواطنين فى النظام الجديد،مما يساهم فى تسهيل عملية التحول وتقليل المخاوف من حدوث أى نتائج سلبية.