رغم الحالة التى يمر بها الاقليم فى تلك الفترة الراهنة .. تأتى أعياد انتصارات اكتوبر المجيدة.. لتخرجنا من حالة القلق إلى الاطمئنان.. ولنعرف أننا الأمة التى انتصرت فى أحلك الظروف على عدو متغطرس ومازال، فكما كان الانكسار له أسباب، فإن الانتصار له شروط أيضا يتحقق النصر متى تحققت شروطه.. ومن أهم شروطه هو الاصطفاف الوطنى خلف هدف واحد .. فلا مجال أبدا لهزيمة أمة توحدت كل مؤسساتها مع شعبها للدفاع عن تراب الوطن.. فالاصطفاف وأن يكون الجميع على يد رجل واحد عند الشعور بالخطر والأزمات التى تهدد الأوطان هو صمام الأمان وخط الدفاع الأول للدولة.. حيث يأتى دور المواطن فى المواجهة كمحور رئيسى للتصدى بالانتماء والولاء والاصطفاف من أجل تماسك الجبهة الداخلية التى تكمن أهميتها فى نضوج الشعور العام لدى المواطن العادى أو النخب، بأن هناك عدواً خارجياً لابد من مواجهته بشتى الطرق ودون تردد.
وما حدث فى أكتوبر 1973م وما بعدها من أحداث عظيمة حتى الان يؤكد أن مصرنا الغالية علمت العالم كيف تكون الأوطان..؟ وكيف يكون الفداء والتضحيات وقت الأزمات، ففى وقت الشدة دائما يظهر معدن المصرى الأصيل، وتعلو جدعنة المصريين ومروءتهم مهما كانت الظروف والاختلافات..؟ فلا يرى المصرى إلا مصلحة وطنه، وهذا ما يحسدنا عليه الآخرون، وقوى الشر التى لا طالما استخدمت ووظفت كل أسلحتها لقتل كل ما هو جميل لدينا، بتوجيه سهام الشائعات والتضليل وبث السموم، بل والمتاجرة بآلام الناس وبظروفهم الإنسانية للوصول إلى أهدافهم الخبيثة، ولكنها لم تنجح فى ذلك قيد أنملة.
والآن فى ظل الأحداث الجارية فى اقليمنا.. يصبح الرهان الحقيقى على الانسان المصري، وعلى الوعى وكشف مخططات القوى التى لا تريد الخير ولا تريد إلا هدم الأوطان، والتى دائما ما تبدأ بإطلاق الشائعات وتزييف الوعي، وبث الشكوك بغرض هز الثقة بين المواطن ومؤسساته الوطنية، والسماح لهؤلاء باللعب بأعصاب البسطاء لخلق حالة عدم رضا، وبث الخوف من المستقبل.
وفى هذا التوقيت تواجه مصر الكثير من الأخطار والتحديات فى عالم يموج بالمتغيرات وفى محيط إقليمى كله حروب وصراعات وأزمات، ليس أمامنا إلا التحلى جميعا بالمسئولية الوطنية والتماسك المجتمعي.
فلا قيمة للأوطان إلا بمواطن على قدر التحديات يبذل كل غالٍ ونفيس من أجل وطنه، فالوطن غال لا يعرف قيمته إلا من اكتوى بفقده.