قبل أيام قليلة من ذكرى انتصار السادس من أكتوبر 1973.. أثار الخبراء فى الإعلام العالمى والسوشيال ميديا عدة قضايا مهمة لعل أبرزها مغزى الكشف عن وثائق عسكرية سرية عن حرب أكتوبر وتوقيت هذا الكشف وعلاقته بما يحدث الآن فى المنطقة منذ عام كامل والعربدة الإسرائيلية فى غزة ولبنان والضفة الغربية.. كما اهتم الخبراء أيضاً بالربط بين ذكرى حرب أكتوبر الـ 51.. وبين المحاولات الصهيونية لفرض الأمر الواقع بالقوة.. وعلاقة ذلك بخريطة الشرق الأوسط الجديد التى أقرها الكونجرس الأمريكى بعد حوالى عشر سنوات من انتصار أكتوبر..!!
الوثائق التى حملت عنوان «أسرار الحرب» حظيت باهتمام عالمى غير عادى ومحاولات الخبراء الربط بين هذه الأسرار وكيف أن نتنياهو يقود حرباً مدمرة لعلها تكون سبباً فى نسيان ما حدث عام 1973 وتفرض أمراً واقعاً جديداً.. وما فشل شارون فى تحقيقه بالمعاهدات والاتفاقيات ينفذه نتنياهو الآن بالقوة وفرض الأمر الواقع بمساندة الصهيونية العالمية.
ولأن حرب أكتوبر 1973 كانت وستظل رمزاً للإرادة العربية وخاصة المصرية وأكدت أن الجيش المصرى قادر على أن يحمى وطنه بل وقادر على استرداد أى حق مسلوب.. لذلك كان التساؤل الأول هو: هل نشر أسرار الحرب له دلالة زمنية مع ما يحدث الآن من عربدة صهيونية فى المنطقة؟ وهل له علاقة بتدنى العلاقات المصرية الصهيونية ومشاركة مصر فى الترافع أمام محكمة العدل الدولية ضد الممارسات الصهيونية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة؟
خبراء فى الشأن السياسى والعسكرى عبروا عن أن هناك رسالة مصرية للشباب العربى مفادها أن الشباب العربى قادر على المقاومة والنصر مهما كانت التحديات وأنه من الضرورى أن يعرف الشباب العربى بطولات الجيش المصرى فى حرب أكتوبر وترابطه ومتانة العلاقة بين الجيش والشعب والتى كانت سبباً رئيسياً من أسباب النصر الكبير الذى تحقق وعودة سيناء لمصر.
وإذا كانت تلك الوثائق تطرقت إلى الضربة الجوية الأولى لجيش مصر فى السادس من أكتوبر ثم التمهيد النيرانى وعبور قناة السويس ورفع العلم المصرى على أرض سيناء خلال ساعات وفى خلال ستة أيام حقق الجيش أقوى وأ كبر انتصاراته الحديثة وحطم مقولة أن الجيش الإسرائيلى لا يقهر وحطم أسطورة خط بارليف.. وأوقع أكبر خسائر فى الكيان الإسرائيلى بل وحقق بطولات فردية لأفراد من الجيش المصرى ستظل عبر التاريخ عنواناً على الشجاعة والفدائية وحب الشهادة من أجل الوطن ومن أجل النصر الذى تحقق بفضل الله ونداء «الله أكبر».
ربط الخبراء أيضاً بين ما يحدث الآن وآثاره.. وما حدث فى السادس من أكتوبر وآثاره التى اهتم بها الصهاينة وأصدقاء الكيان الإسرائيلى وحاولوا فرضه تارة بالمعاهدات واتفاقيات سلمية وتارة بالقوة الاقتصادية وأخيراً بإحداث الفتنة بين الشعوب واستغلال التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى لإحداث هزيمة نفسية وإنسانية لدى الشباب والبراعم من أبناء العرب لكى تسهل هزيمتهم بعد ذلك.
ولأن كل هذه المحاولات باءت بالفشل فقد لجأ نتنياهو بمساندة صهيونية عالمية إلى فرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية سعياً لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد.. وهو أمر لن يحدث وسيفشل نتنياهو كما فشل سابقوه.. فإذا كان نتنياهو – وبمساندة ومؤازرة صهيونية عالمية – أكمل العام وهو يجتاح غزة وقتل المدنيين بل وحرم الصغار والنساء من أبسط حقوقهم الحياتية ودمر البنى التحتية بما فيها المستشفيات والمدارس.. ومازال يمارس حرب الإبادة للمدنيين أمام العالم كله ثم بدأ يتحرك تجاه لبنان ويقتل ويدمر الأبرياء المدنيين.. ويضرب سوريا واليمن.. والعالم كله يتفرج وكأنه لا يبالي.. فإن نتنياهو فسر ما يفعله بكلمة واحدة قالها بعد اغتيال حسن نصر الله أمين عام حزب الله، حيث قال نتنياهو إن مقتل نصر الله سيؤدى إلى بروز شرق أوسط جديد والشرق الأوسط الجديد الذى يسعى إليه نتنياهو هو لا مكان فيه لدولة فلسطينية وكأنه يحاول أن يقصر المقاومة فى فلسطين على حركة حماس وفى لبنان على حزب الله ونسى بل يتناسى أن حرب أكتوبر 1973 وإن كان شباب العرب الحالى لم يرها أو يشارك فيها لأنه مر عليها 51 عاماً، إلا أن روح أكتوبر وروح المقاومة وتحرير الأوطان هى الباقية ومع ذكرى أكتوبر ستظل هذه الروح دوماً روحاً عربية بنكهة مصرية وطنية قومية.. فالتاريخ الإنسانى يؤكد دوماً أنه كلما كان هناك احتلال ستظل هناك مقاومة.. فمصر احتلها الإنجليز عشرات السنين بل إن الجزائر ظلت محتلة فرنسياً أكثر من 130 سنة.. ومع ذلك تم جلاء الإنجليز عن مصر.. وجلاء الفرنسيين عن الجزائر.. وكل احتلال سيواجه بالمقاومة حتى يتحقق النصر وهذه هى سنة الله فى خلقه وحقيقة التاريخ الإنساني.
وإذا كانت محاولات شارون قد فشلت فى تحقيق الهدف الصهيونى لشرق أوسط جديد فإن الحروب ومحاولات نتنياهو التدميرية فى غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن ولا ندرى ماذا بعد ذلك ستؤول حتماً إلى الفشل.
ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى انتصارات أكتوبر التى فرضت حلولاً للأمر الواقع الذى نعيشه الآن بعودة طابا بعد حرب دبلوماسية قانونية.. فإننا فى الذكرى الـ 51 لانتصار أكتوبر وبرغم ما يحدث من تجاوزات وعربدة صهيونية فى المنطقة إلا اننا نستشعر روح أكتوبر وقوة الجيش المصرى العربي.. ونستشعر أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.. وهو الشعار الذى رفعه عبدالناصر بعد نكسة 1967 وحققه عملياً أنور السادات بقوة جيش مصر البطل.
الدرس القوى لحرب أكتوبر أن الاحتلال إلى زوال وأن المقاومة والإرادة هما سلاح الشعوب المطلومة والمحتلة وإن غداً لناظره قريب.. والله غالب على أمره إن شاء الله.