يشرفنى أننى أتمتع بعلاقة وثيقة طويلة الأمد مع دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أننى أكن لها إعجاباً صادقاً بقيادتها الحكيمة التى كانت مثالاً ساطعًا للعالم لما يمكن أن تحققه دولة فى الشرق الأوسط بالبصيرة والحكمة فى الآونة الأخيرة، برزت كنموذج متميز فى سباق الذكاء الاصطناعى العالمي، مما يدل على التزام لا يتزعزع بدمج الذكاء الاصطناعى فى جدول أعمالها الوطني. فبنهجها المتقدم لا تسخر دولة الإمارات العربية المتحدة الذكاء الاصطناعى كمحرك للنمو الاقتصادى فحسب، بل أيضًا كتقنية خضراء محورية فى مكافحة تغير المناخ.
لقد ساهمت قيادتها بشكل فعال فى تعزيز بيئة يتعايش فيها الذكاء الاصطناعى والتنمية المستدامة. فبمبادرات مثل «اجماع الإمارات» فى مؤتمر الأطراف COP28 تسلط الضوء على التزام الدولة باقتصاد منخفض الكربون مع الاستفادة من الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي.
يلعب دور الذكاء الاصطناعى فى كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات حجر الزاوية فى إستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال التعاونات والمشاريع مثل «شراكة الذكاء الاصطناعي» «AIQ»، حققت الدولة إنجازات مهمة، بما فى ذلك خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بما يصل إلى مليون طن سنويًا. وتضيف «شراكة الذكاء الاصطناعي» شراكة بين القطاعين العام والخاص فى الإمارات العربية المتحدة بهدف توفير حلول ذكاء اصطناعى مبتكرة فى قطاع الطاقة، مئات الملايين من الدولارات إلى قيمة شركة أبوظبى الوطنية للبترول «أدنوك» كما تجعلها مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي.
تتضمن بعض الأمثلة على العمل المبتكر لشراكة الذكاء الاصطناعى «AIQ» ما يلي:
استخدام الذكاء الاصطناعى لتحديد أكثر التكوينات فعالية لاحتجاز الكربون.
توظيف الذكاء الاصطناعى لإحداث ثورة فى مجال الزراعة الذى يستهلك الكثير من الطاقة، من خلال زيادة إنتاج المحاصيل وخفض استهلاك المياه بما يصل إلى 40٪.
فى المستقبل القريب، من المتوقع أن ييسّر الذكاء الاصطناعى تحقيق تقدم كبير فى مجالات الطاقة الناتجة عن الاندماج النووى وهيدروجين الطاقة، والتكنولوجيا النووية المعيارية، وتخزين البطاريات الدائم، بالإضافة إلى التوصل لحلول مبتكرة لمواجهة تغير المناخ.
يعد تقدم الإمارات العربية المتحدة مثالاً تستنير به الدول المجاورة، ما يؤدى لتشجيعها على اعتماد ممارسات مماثلة. يجسد «مجلس صناع التغيير» المقبل الذى سيعقد فى أبوظبى فى نوفمبر القادم رغبة دولة الإمارات فى مشاركة الرؤى وتعزيز التعاون الإقليمى فى مجالات الذكاء الاصطناعى والتحول فى مجال الطاقة، من خلال جمع قادة القطاعين العام والخاص من مختلف التخصصات لإعادة تصوّر العلاقة بين الطاقة والذكاء الاصطناعى والنمو الاقتصادى الشامل.
بالنظر إلى المستقبل، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تستعد لتحقيق إنجازات فى مجال تقنيات الطاقة النظيفة، بدعم من التقنيات المتطورة فى مجال الذكاء الاصطناعي. وبذلك، تضع الدولة نفسها ليس فقط كدولة حديثة تضع الذكاء الاصطناعى فى مقدمة أولوياتها، ولكن أيضًا كمورد مسئول للطاقة ملتزم بالازدهار المستدام.
إن نهج دولة الإمارات العربية المتحدة فى الدمج الإستراتيجى للذكاء الاصطناعى كتقنية خضراء وكحل لتحديات المناخ، يعتبر سابقة جديرة بالثناء تحتذى بها الدول الأخرى فى المنطقة. كما يؤكد نهجها الشامل وشراكاتها المبتكرة على دورها كقائد عصرى فى مجال الذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق لمستقبل مستدام ومزدهر.
وبصفتى رئيسًا لاتحاد التنمية الحضرية المستدامة فى نيويورك «CSU»، أشيد بالجهود النبيلة لقيادة هذه الأمة، التى تؤهلها لتصبح قوة عالمية فى مجال الذكاء الاصطناعي، وأحث الدول العربية الأخرى على الاستفادة من هذا المثال فنحن بحاجة إلى تنمية خبراء عرب متخصصين بالذكاء الاصطناعى للمساعدة فى دعم جيل جديد من الابتكار والنمو المنبثق من هذه المنطقة، ليصل إلى جميع أنحاء العالم.