بعد النجاح غير المسبوق الذى حققه الحوار الوطنى على المستوى الوطنى باقتحامه الجرئ لكافة التابوهات بحكمة بالغة وهدوء صاخب، لقد أرسى الحوار الوطنى حزمة من القواعد الجديدة فى مضمار العمل العام بكل زواياه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن أهم هذه المخرجات هى اكتشاف المساحات المشتركة بين الجميع رغم التصورات السابقة الخاطئة التى كانت راسخة فى مخيلة الكثيرين، كشف الحوار عن الكثير من الفضائل الكامنة والمختبئة خلف التصورات الوهمية، ولا يمكن لمنصف ان يتجاهل- حتى ولو حاول- الثورة التى أحدثها الحوار الوطنى فى البيئة السياسية المصرية والتطورات الإيجابية غير المسبوقة التى تحققت، والدليل على ذلك هو ان معظم مخرجات الحوار الوطنى والتى أرسلت إلى فخامة الرئيس فحولها إلى قرارات تنفيذية أو توجيهات تشريعية، وكانت التوجيهات الأخيرة من الرئيس إلى مجلس أمناء الحوار الوطنى تتعلق بمسائل الأمن القومى ومحدداته فى ظل التحديات والتغيرات والتحولات الكبرى فى المنطقة، إذن نحن أمام « فكرة عبقرية مبتكرة « نجحت نجاحا لا تخطئه عين، لذلك أتطلع إلى تطوير الفكرة وفقا للمستجدات الحاصلة فى الإقليم، ويخرج من الحوار الوطنى المصرى رافدا إقليميا نسميه «منتدى الحوار الإقليمى» لمناقشة الحالة التى يمر بها الإقليم على ان تتسع دائرة المشاركات إلى جميع دول الإقليم الأصدقاء والأعداء والجالسين فى المناطق الرمادية، بحيث تستضيف القاهرة المفكرين والمثقفين وقادة الرأى من كل دول الإقليم، حيث يكون هناك المفكر المصرى والتركى والإيرانى والإثيوبى والخليجى والعراقى والسورى واليمنى والسودانى والصومالى والشمال أفريقى والأردنى والفلسطينى واللبنانى تحت سقف واحد بعيدا عن الحكومات والأنظمة ويتحول المشهد إلى حالة حوار إقليمى ناضج، أتصور كذلك ان يتحول هذا المنتدى الإقليمى بعد فترة إلى منتدى عالمى يجمع المفكرين والكتاب وحملة نوبل والمؤثرين من حملة الأقلام على مستوى العالم فى «حديث القاهرة»، لقد قمنا بعمل نفس الفكرة عبر مستويات الشباب، فنظمنا مؤتمر الشباب ثم تحول إلى منتدى شباب العالم بعد النجاحات المذهلة التى تحققت فى جميع النسخ التى تم تنفيذها، لذلك أدعو مجلس أمناء الحوار الوطنى إلى دراسة مقترح إطلاق (منتدى الحوار الإقليمي).. حديث القاهرة أولا ثم (منتدى الحوار الدولي).. حديث القاهرة، حيث ان الملفات والقضايا المفتوحة على جميع الأصعدة تحتاج إلى تفكير حقيقى ينتج افكارا مبتكرة ويضع تصورات حقيقية لمرحلة ما بعد التحولات الكبرى التى نعيشها الآن.. لقد بات لزاما علينا جميعا الانتباه والاستعداد والله من وراء القصد.