تعتبر المخرجة أنيياس فاردا «1928 – 2019» واحدة من أهم مخرجات السينما الفرنسية، لذلك سعدت هذا الأسبوع عندما عرضت منصة «قافلة بين سينمائيات» الفيلم التسجيلى الطويل «أنا وجامعو المخلفات» للمخرجة أنيياس فاردا انتاج عام 2000 ويمثل خلاصة خبرة هذه المخرجة الكبيرة التى قدمت الأفلام الروائية منذ أن كانت شابة فى الثلاثين من عمرها وهى دائماً تتحدث عن نفسها من خلال أفلامها.
يستطيع الجمهور مشاهدة الفيلم حتى غداً ضمن برنامج عروض أفلام القافلة على شبكة الإنترنت، والمخرجة «فاردا» تبدأ الفيلم بالحديث عن اللوحات الفنية التى صورت الفلاحات فى موسم حصاد القمح، ثم انتقلت إلى الحديث عن «النباشين» الذين يبحثون فى بقايا حصاد المحاصيل لأن فرنسا طوال العام تلقى بمئات الأطنان من البطاطس والعنب والبلاح والتفاح والجزر والخيار والطماطم بسبب تشوهات فى شكل الثمرة، لذلك يجمع الفقراء هذه الثمار ويستفيدون منها.
هذا الفيلم هو الأول الذى تستخدم فيه المخرجة «فاردا» كاميرا الديجيتال «الرقمية» وهى بذلك تكون عاصرت السينما بالأبيض والأسود فى خمسينيات القرن العشرين وحتى مطلع القرن الحالي، وتستمر فى رحلتها السينمائية بالبحث عن أنواع من النباشين، ومنهم من يعمل بالفن التشكيلى ويجمع المخلفات ويصنع منها تماثيل من الصفيح والحديد الخردة، أو لوحات من بقايا أغلفة الكتب القديمة وصفحات الجرائد الصفراء وأكياس المحلات وصناديق الأحذية وكراتين البضائع وكل هذه «الكراكيب» يصنع منها الفنان لوحات جميلة تباع بآلاف «اليوروهات».
وفى الفيلم قابلت «فاردا» مجموعة من الشباب تم القبض عليهم لأنهم تعمدوا نبش صناديق القمامة الخاصة بأحد المتاجر الكبرى وهو عمل غير قانوني، لأن المسموح به هو البحث فى «المتروكات» وليس فى القمامة، وقالت إحدى المحاميات إن القانون الفرنسى يعتبر كل المتروكات ملكاً لمن يأخذها، مثل أن يعثر أحد على ثلاجة أو غسالة على الرصيف فهى ملكاً له يستطيع استخدامها أو اصلاحها وبيعها ولا يعاقبه القانون على ذلك.
وقابلت المخرجة شاباً يعمل صباحاً فى وظيفة ويتقاضى أجراً، ولكن بعد خروجه من العمل يبحث فى بقايا الطعام، ويرى أن تخلص الفرنسيون من الطعام بهذه الطريقة عملاً غير أخلاقي، وهو يأكل من هذا الطعام ويعطى الفائض للفقراء وكذلك يطعم الطيور والحيوانات من تلك البقايا.
وذهبت المخرجة إلى إحدى مدارس الأطفال والتى أقامت معرضاً تحت عنوان «القمامة جميلة» بمعنى أنه ليست كل القمامة «قذرة» ولكن بعضها يصلح لإعادة الاستخدام سواء بطريقة نفعية أو جمالية فنية.
وتختتم المخرجة فيلمها بتطبيق ما تعلمته من تجربة العمل فى الفيلم، لذلك ذهبت لأحد المتاحف المهجورة وطلبت التجول فى مخازن المتحف وهناك عثرت على لوحة للفنان «هيدوين» تصور جامعى المحاصيل وهم يهربون قبل العاصفة، وكانت لوحة «مركونة» فى المخزن ولكن المخرجة ساهمت فى اخراجها وعرضها بالمتحف ليشاهدها الناس.