إذ ا كان الغرب وأمريكا قد زرعوا خنجر الكيان الصهيونى فى بطن العرب، فإن إيران قد زرعت مئات الخناجر فى ظهورهم، من جماعة الحوثى فى اليمن إلى حزب الله فى لبنان، ودعم المليشيات التابعة لها فى سوريا والعراق، واتخذت من تلك البلدان مسرحا للمناوشات مع إسرائيل وأمريكا، وحولتها إلى بؤر صراع، لا يخسر ولا يموت فيها إلا العرب، ويكتفى الإيرانيون بالفرجة والتصريحات، ويخيل إلينا أنها ستعلن الحرب العالمية الثالثة، بينما لا تعدو أن تكون فقاعات هواء.
لم يعد خافيا أن الفرس يضحون بالعرب ويدفعونهم نحو الهاوية، واقتحموا المنطقة من باب التعصب، واخترقوها مستغلين الانقسامات، ولم يكن ذلك مدخل إيران وحدها للمنطقة ومحاولة السيطرة عليها، بل كان أيضا الثغرة التى استغلها الغرب، بلعبة الربيع العربي، ليحدث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
لذا نعترف نحن العرب والمسلمين، أننا الذين سمحنا بتفرقنا، ونحن السبب فى ضعفنا وهواننا، رغم وحدة لغتنا وديننا وروابطنا التاريخية ووحدتنا الجغرافية، فتركنا كل الروابط وهرول البعض نحوها وتعصب لها بالباطل، وأشعل آخرون فتيل نيران الفتن بحفنة دولارات من «خونة» يظهرون بين الحين والآخر.
نعم، إيران تقدم العرب «قرابين» لتحقيق أهدافها وتضحى بهم، بينما لم تحرك ساكنا مع إسرائيل التى توجه لها الضربات على القفا، واحدة تلو الأخري، لتبعد الصراعات والمناوشات بعيدا عن أراضيها، والواقع يؤكد ذلك فلم يحدث مطلقا أن وجهت إسرائيل أو أمريكا ضربة لموقع أو مكان فى إيران، إنما كل الضربات تتم للتوابع الإيرانية داخل البلاد العربية.
إيران التى دفعت حماس وشجعتها على أحداث 7 أكتوبر كانت أول من تخلى عنها– إلا بتصريحات جوفاء كالطبول الخاوية– ومنعت حزب الله (التابع لها) منذ البداية من أى مقاومة، ولنتذكر أنه بعد شهرين من الحرب فى غزة وبينما العالم يقف على رجل واحدة ينتظر خطاب حسن نصر الله، الذى كان يعول عليه أنصاره، ليفعل كما حدث فى عام 2006 عندما لقن اليهود درسا قاسيا، وتحول حينها إلى بطل، لكن تمخض الجبل فولد فأرا، وخرج الأمين العام لحزب الله بخطبة عصماء، وكلمات رنانة ليعلن أن الحزب لن يدخل فى مواجهة مع إسرائيل، حتى لا يقال إن إيران طرف فى الحرب، وفى يقينى إن ذلك منح إسرائيل الأريحية فى تدميرها لقطاع غزة.
بعدها تلقت إيران ضربات متكررة من تل أبيب، وكعادتها لم يكن لها رد فعل، إلا بالتهديدات الإعلامية، على غرار المثل «كلام الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح»، وأمام الاغتيالات لرجالات إيران ومنها اغتيال اسماعيل هنية فى قلب طهران، قام حزب الله بتوجيه بعض الضربات للأحراش والمزارع فى شمال الكيان الصهيوني، الذى استغل ذلك ذريعة لتوجيه قنابله وصواريخه نحو لبنان.
ووجدت الدولة العبرية ضالتها فى مناوشات حزب الله، لتوجه آلاتها العسكرية نحو جنوب لبنان وتتوجها باغتيال حسن نصر الله، والمفاجأة الكبرى فى هذا ما ذكرته صحيفة «لو باريزيا» الفرنسية، نقلا عن مصادر أمنية لبنانية بأن إسرائيل حصلت على معلومات حساسة من خلال عميل إيراني، أشارت إلى وجود نصرالله فى الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل اغتياله يوم الجمعة الماضي، إذ تمكن الجاسوس من اختراق الدائرة الداخلية لحزب الله وإيصال معلومات دقيقة حول تحركات نصرالله، الذى كان موجودا بعمق 30 متراً تحت الأرض لحظة الاغتيال.
كل ذلك جعل من نتنياهو طاغية يفعل ما يريد، يدمر ويقتل ويتحدي، وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يوجد مكان فى إيران أو الشرق الأوسط لن تصل إليه الذراع الطويلة لإسرائيل.
فى النهاية فإننى ضد الشامتين فى اغتيال نصر الله، وأرفض تصرفهم البشع، وإنما أنا ضد الموقف الفارسى تجاه العرب.