لو عرف الرجال فوائد الدموع.. لانخرطوا فى البكاء بمناسبة وبدون مناسبة.. والأهم من ذلك، لعرفوا أن سر قوة المرأة– وليس ضعفها كما يصور لهم الغرور الذكرى المتوارث– فى دموعها السخية.. بل لاكتشفوا أن المرأة عندما تجود بدموعها فى مواقف لا تستدعى مشاعر الحزن أو الفرح.. إنما تمارس أعلى درجات الذكاء فى مواجهة الجنس الخشن.. فهى ببساطة تضيف إلى عمرها بدموعها.. وتأخذ من عمره بما تسببه له من حزن وتعاطف وإحساس زائف بالقوة.
يا رجال العالم انتبهوا.. الدراسات العلمية تؤكد أن دموع النساء تطيل أعمارهن.. وتؤكد كذلك أنكم عندما تحرمون أنفسكم من نعمة البكاء أو حتى زرف الدموع فى صمت، تتخلون مع سبق الإصرار والترصد عن سبب مهم من أسباب الصحة والقوة وطول العمر.. وأن الترويج لمقولة إن دموع الرجل دليل ضعف، لا يتناسب مع الرجولة والفحولة والشوارب المفتولة التى يقف عليها الصقر.. قد يكون مؤامرة نسائية للاستئثار بالمعدلات القياسية فى طول العمر.. وهو ما أكدته كل الدراسات الطبية الإحصائية التى تناولت المتوسط العام لأعمار البشر فى العديد من دول العالم.. فقد انتهت هذه الدراسات إلى أن متوسط عمر النساء أعلى بكثير من متوسط عمر الرجال لأسباب عديدة.. من بينها الدموع التى نعتبرها نحن الرجال دليل ضعف.
المرأة أكثر بكاء من الرجل.. هذه هى الحقيقة التى نعرفها.. ولكن ما لا نعرفه أن سبب ذلك هو هرمون «البرولاكتين» أو هرمون الحليب أو الهرمون الذى ينظم إفراز الحليب وينشط نمو أنسجة الثدي.. وهذا الهرمون يفرزه الجسم أيضا كرد فعل للتوتر والأحزان ومشاعر الإكتئاب.. وهو يرتبط بالبكاء.. وعندما ترتفع نسبته فى الجسم.. فأنه يسبب البكاء لأتفه الأسباب.
الدراسات العلمية تؤكد أن البكاء للرجل والمرأة هو أسلم طريقة لتحسين الحالة الصحية.. وليس دليلاً على الضعف أو عدم النضج.. وهو أسلوب طبيعى لإزالة المواد الضارة من الجسم.. التى يفرزها عندما يكون الإنسان تعساً أو قلقاً.. فالدموع تساعد على التخلص منها.
الطريف، أن الأبحاث أظهرت كذلك أن الدموع تنشط آلية طبيعية لمكافحة الألم.. فالدماغ عندما يبدأ البكاء يقوم بإنتاج مضادات طبيعية مسكنة للألم.. والبكاء أيضا يزيد من عدد ضربات القلب.. وينشط الدورة الدموية.. ويعتبر تمرينا مفيداً للحجاب الحاجز وعضلات الصدر والكتفين. وبعد انتهاء نوبة البكاء تعود سرعة ضربات القلب إلى طبيعتها وتسترخى العضلات.. وتحدث حالة شعور بالراحة.. فتتغير نظرة الشخص إلى المشاكل التى تؤرقه وتقلقه.. وتصبح الأمور أكثر وضوحاً.. بعكس كبت البكاء والدموع.. الذى يؤدى إلى الإحساس بالضغط والتوتر المؤدى إلى الإصابة ببعض الأمراض مثل الصداع وقرحة المعدة.
العلماء أثبتوا أيضا أن كبت المشاعر أو مقاومة الدموع يعرض الإنسان للكثير من المشاكل الصحية.. وأن قليلاً من البكاء فى الوقت المناسب يمكن أن يوفر وقاية مهمة من أزمات القلب واضطرابات المعدة والصداع وآلام المفاصل.. وهكذا نكتشف أننا ندفع ضريبة باهظة للدموع التى نكبتها والمشاعر التى لا نطلق لها العنان.. فيما تستمتع المرأة وحدها بالحصاد الصحى الوفير لدموعها.. وعذراً على التوقف.. فقد تملكتنى رغبة حقيقية فى ممارسة «رياضة» البكاء.