ما يحدث فى الأراضى الفلسطينية سواء فى غزة أو الضفة الغربية وكذلك فى الأراضى اللبنانية من عمليات إبادة المدنيين من قبل الآلة الإرهابية الإسرائيلية وأمام أعين العالم وبالسلاح الأمريكى بالتعاون الاستخباراتى الأمريكى والحماية السياسية الأمريكية والأخطر الخداع الأمريكي، أمر ستكون له آثاره السيئة على صورة الامبراطورية الأمريكية فى الذهنية العربية والإسلامية.
فمازالت أمريكا حتى اليوم تحدث الناس عن قرب إتمام صفقة وقف إطلاق النار وهى أول من يعلم أن إبرام صفقة عادلة لوقف إطلاق النار أبعد ما يكون أن يحدث حالياً وتكنه إسرائيل بل تعلنه لأنها تعلم نوايا اسرائيل وتباركها وتقف فى ظهرها لتحقيقها، ألا وهى تهجير الشعب الفلسطينى بدليل الخريطة التى عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضية السابع والعشرين من سبتمبر، فلم تكن بها الضفة وغزة لأنها ضمن إسرائيل.
مازالت أمريكا التى تخطط مع إسرائيل لاتمام أهدافها، بل حضر رئيسها بايدن مجلس الحرب الاسرائيلى فى إعلان واضح أن أمريكا شريكة فى الحرب تؤكد بعد كل عملية إجرامية يروح ضحيتها الأبرياء أنها لم تكن على علم بها وأن اسرائيل لا تستهدف المدنيين وأنها ترى أن المفاوضات هى الحل والمفاوضات من وجهة النظر الأمريكية– الإسرائيلية يجب أن تنتهى باستسلام المقاومة وخروج أصحاب الأرض من أرضهم وسيطرة المغتصب على ما اغتصبه من أرض من خلال اتفاقيات– إنها العدالة الأمريكية– ليس هذا فقط، ثم تورط الدول العربية بما تدعو آلية من قوات عربية لحفظ السلام فى غزة، لتخلق واقعاً جديداً، فبدلاً من أن توجه المقاومة جهودها لتحرير أرضها من المغتصب الاسرائيلى يصبح الصراع بين المقاومة والقوات العربية وهذا أخطر ما يمكن أن يحدث من حلول تفاوضية وهو سلوك أمريكى فى قضايا كثيرة يتم فيه دفع آخرين للحرب عنها بالوكالة.
مازالت أمريكا تؤمن بصواب منهجها الذى فعلته مع الهنود الحمر أصحاب أمريكا دون أن تدرى أن ما تم مع الهنود الحمر من إبادة لا يمكن أن يتحقق فى فلسطين لأسباب كثيرة قد نعود إليها لاحقاً.
فحتى يومنا هذا مازالت أمريكا ترى أن إسرائيل لا تبيد الفلسطينيين وأنها لا تقصد قتل المدنيين وأن اسرائيل مازالت تحقق فيما نُسب إلى جنودها من جرائم اغتصاب وتعذيب.. والحقيقة، أن الكلام عن هذا التحقيق للاستهلاك الإعلامي.. بدليل أنها توقفت عن الحديث عن حل الدولتين، وهو حديث تلجأ إليه لخداع الجماهير العربية لتهدئة غضبها فى لحظة ما أو أثناء تمريرها رغبة تخصها وتصب فى صالح إسرائيل.. وأصبح حديثها الآن عما بعد الحرب الذى لا يكون فيه من يدافع عن الحق الفلسطيني.
ما حدث يوم الجمعة الماضية فى لبنان من تدمير واسع للمبانى التى بها مدنيون، يؤكد أن الكلام عن الصفقات لا أصل له، وأن اسرائيل وامريكا ماضيتان فى مخططهما، الذى يهدف إلى فرض ما تراه بالقوة وهو ما يجب أن ننتبه إليه.