نوقن أن ما صدر من قرارات وما يصدر تباعاً بشأن المرحلة الثانوية فى ثيابها الجديدة، إنما يسهم فى التخفيف من حدة الضغوطات التى تقع على كاهل الأسرة المصرية والطلاب فى آن واحد، ويصب قطعاً فى صالح العملية التعلمية ومخرجاتها، ومن ثم يؤثر إيجاباً على سوق العمل الوطني، وهنا يتوجب علينا أن نستعد لنظام تعليمى يحث الطالب فى مجمله على أن يكتسب خبرات التعلم بصورة وظيفية وبشكل مركز، حيث يعتمد على العديد من المصادر والأوعية التعليمية، وفى مقدمتها المعلم الذى يجب أن يمتلك التفرد المهارى المرتبط بأدائه التدريسى والأكاديمي.
غاية تطوير المرحلة الثانوية، يكمن فى أن تفرز لنا تلك المرحلة خريجاً قادراً على مواصلة التعليم فى مراحله القادمة والمتقدمة، كما يستطيع أن ينخرط فى سوق العمل فى ضوء ما يمتلكه من تلون خبرات تتضمن فى طياتها مهارات متفردة، تساعده فى أن يحدث نقلة نوعية فى الاقتصاد الوطنى ومسارات التنمية المستدامة بمجالاتها المختلفة، ناهيك عن تعضيد الهوية القومية المصرية التى تزيد من ولاء وانتماء الفرد للوطن الحبيب.
وإذا ما استرجعت ذاكرتنا المشكلات التى كنا نعانى منها فى نظام المرحلة الثانوية السابق، فسنجد أن كثافة وتعدد المقررات تأتى فى الصدارة، حيث شكلت عبئاً وضغطاً مادياً على الأسرة وذهنياً على الطالب، خاصة فى السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية باعتبارها سنة مفصلية، فكان هناك إرهاق بما تحمله الكلمة من معني.
وللأسف، لم تستطع المؤسسة التعليمية القيام بدورها، المتمثل فى تقديم تعليم جيد يفى باحتياجات الطالب وبصورة المناهج وما تتضمنه من مقررات وأنشطة تعليمية.. لذا سنحت الفرصة للمراكز التعليمية الخاصة أن تؤدى أدواراً بصور غير مشروعة وغير منضبطة، لتستهدف النيل من مقدرات الأسرة المصرية بشكل غير مسبوق وغير إنساني.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ارتبط بكم المقررات أيضاً نظم امتحانية اقتصر قياسها على التحصيل فى مستوياته الأولية، ومن ثم اعتمد اكتساب ما بين طياتها من خبرات على فلسفة حقن الأذهان، وهذا يعنى أن الاهتمام بمهارات التفكير العليا بات محدوداً فى تناوله.
نظرة التخصص، تحتم علينا أن نؤكد أن المحتوى التعليمى أو المقرر الدراسى معياره الحاكم يقوم على فلسفة التسلسل والتكامل، بداية من السنة الأولى بالمرحلة الثانوية وانتهاء بالسنة الأخيرة منها، وبمنتهى الموضوعية نجد أن مجموع الخبرات التعليمية التى تقدم لأبنائنا طلاب المرحلة الثانوية الجديدة فى كليتها متميزة، وتحقق النواتج المنشودة منها، وتتسق مع المعيار المشار إليه.. تفاصيل الخبرة وما تتضمنه من مهام تعليمية، يؤديها الطالب بصورة وظيفية تكسبه النواتج التى ننتظرها طويلاً من تعليمنا القومي، حيث امتلاك الطالب بالمرحلة الثانوية لمتنوع من مهارات الابتكار والإبداع مروراً بمقدرة الطالب على الاستنتاج والتفسير والاستنباط والاستيعاب المفاهيمي، ومقدرته على التحليل والاستخلاص والملاحظة.
نؤكد أنه إذا ما عمرت مؤسساتنا التعليمية بأبنائنا الطلاب بفرق التعليم الثانوى وتم تدريس المقررات التى تم التوافق عليها فى بيئة مواتية، فإن ثمرة الحصاد ستكون بمشيئة الله تعالى كبيرة.. يكتسب الطالب الخبرة فى صورتها المتكاملة، ويستشعر بقيمة المؤسسة التعليمية، ويبدى ولاء وانتماء لكيانها.. وللحديث بقية.