قادة اغتالتهم قوات الاحتلال على مدى عقود
منذ نشأة حزب الله في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، اعتبرت دولة الاحتلال أن الخلاص من أعضائه نصر لها ويفقد المقاومة صوابها، فكانت قائمة الاغتيالات طويلة، كما كان التهديد والوعيد بالرد والثأر متكررا.
في عام 1991، تسلم عباس موسوي الأمين العام السابق لحزب الله منصبه، لكنه لم يستمر لأكثر من تسعة أشهر، حيث اغتالته إسرائيل بعد ساعات من خطاب ألقاه في جنوب لبنان في ذكرى استشهاد أحد أفراد الحزب عندما قصفت مروحيات الاحتلال موكبه.
وفي عام 2008 اغتيل عماد مغنية، أحد أبرز قادة حزب الله في العاصمة السورية دمشق بعد لحظات قليلة على خروجه من اجتماع مع قادة فلسطينيين وبعض أعضاء الحرس الثوري الإيراني، للتباحث بشأن تدريبات وتنسيقات عسكرية.
ويعدّ مغنية أهم القادة العسكريين والأمنيين لحزب الله، وكان مسئولاً عن العمليات الخارجية في الحزب. كما كان مطلوباً في 42 دولة، وكان على رأس قائمة للمخابرات الأمريكية تضم 22 اسماً، مع جائزة بـ 25 مليون دولار لمن يدلي عليه. هدد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وقتها بالثأر لمغنية، لكن لأسباب مجهولة لم يأت الرد بعد.
كما قُتل القيادي في حزب الله حسّان اللقيس في 5 ديسمبر 2013 رمياً بالرصاص المباشر من سلاح مزود بكاتم للصوت أمام منزله في منطقة الحدث قرب الضاحية الجنوبية في لبنان. وهي المرّة الأولى في تاريخ استهداف قياديى »حزب الله« التي يُستخدم فيها الرصاص المباشر وجهاً لوجه.
وكان اللقيس مسئولاً عن تطوير الأسلحة والبنى التكنولوجية في حزب الله، وأسهم في بناء ترسانة له من الأسلحة أكثر تعقيداً من تلك التي تمتلكها العديد من الجيوش النظامية. كما أسهم في إنشاء أنظمة مراقبة باستخدام طائرات من دون طيار وشبكات اتصالات مستقلة، واستخدم قواعد سرية داخل سوريا لتخزين الصواريخ المتطورة بعيدة المدى.
وكانت سوريا ساحة لهدر دماء أعضاء وقادة حزب الله، فمنذ دخول الحزب الحرب السورية إلى جانب النظام السوري العام 2012، بدأ الخطر يقترب أكثر من قادته الكبار وعناصره المنتشرة على الجبهات السورية فكان عام 2015 عام الذروة مع خسارة الحزب عدداً كبيراً من قادة الصفّ الأوّل معظمهم قتلوا خلال الاشتباكات سواء مع تنظيم داعش الارهابي أو مع فصائل المعارضة السورية المسلحة.
لكن في نهاية عام 2015 أعلن حزب الله مقتل سمير القنطار، الذي كان يُدير عمليات الحركة في جنوب سوريا، حيث استهدف من قبل إسرائيل في غارة جوية على منزله في منطقة جرمانا في العاصمة السورية.
بعدها بفترة قصيرة، تم اغتيال جهاد مغنية نجل عماد مغنية في يناير 2016 بمروحية إسرائيلية نفّذت هجوماً في منطقة القنيطرة في هضبة الجولان المحتلة، أوقع خمسة قتلى من حزب الله بينهم جهاد مغنية، والقائد العسكري البارز محمد عيسى، أحد مسئولي ملفي العراق وسوريا.
هذه المرة رد حزب الله انتقاما للاغتيالات حيث ضرب دورية عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بعد 10 أيام فقط. وأدَّى الهجوم إلى مقتل اثنين من قوات الاحتلال بمن فيهم ضابط.
ولم تتوقّف عمليات الاستهداف لقادة حزب الله في سوريا، فوصلت خسائره إلى ذروتها مع مقتل قائده العسكري مصطفى بدر الدين قرب دمشق في 14 مايو 2016، وإعلان الحزب «أنه قُتل نتيجة قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية» على مركزه قرب مطار دمشق الدولي.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في اكتوبر 2023، واشتعال جبهة جنوب لبنان كنوع من الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية، نفذت قوات الاحتلال العديد من عمليات الاغتيال السياسي لقادة حزب الله بينهم من كانوا في الصفوف الأولى وصفوة الحزب.
كان وسام حسن طويل (الملقب بالحاج جواد) المشرف على ملفي العمليات الخارجية والتصنيع العسكري للحزب، أول قائد اغتالته إسرائيل بمُسيّرات استهدفت سيارته في الثامن من يناير 2024، في بلدة خربة سلم جنوبي لبنان.
وفي يونيو 2024، اغتالت إسرائيل سامي طالب عبد الله (الحاج أبو طالب) قائد وحدة النصر في حزب الله المسئولة على القطاع الشرقي، والذي أشرف على العديد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، في غارة استهدفت بلدة جويا جنوبي لبنان.
في يوليو 2024، أعلن حزب الله اغتيال القيادي العسكري محمد ناصر في هجوم بمسيرة استهدف سيارته في مدينة صور بجنوب لبنان. وكان ناصر، أحد أبرز قادة وحدة عزيز (بقوة الرضوان) المسئولة عن القطاع الغربي، وشارك في توجيه العمليات العسكرية التي تستهدف إسرائيل من خلال الطائرات المسيّرة أو الصواريخ أو العمليات المركبة.
في 30 يوليو 2024، أعلن جيش الاحتلال أنه اغتال فؤاد شكر، كبير مستشاري الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في غارة شنّتها طائراته على مبنى بحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأكد حزب الله اغتياله.
وكان «شكر» المسئول العسكري المركزي الأول لحزب الله منذ بداية تأسيسه في ثمانينيات القرن العشرين، وشغل عضوية الشورى المركزية للحزب إضافة إلى عضوية المجلس الجهادي، أعلى هيئة عسكرية، وتحدثت تقارير عن أن «شكر» كان المسئول عن برنامج الصواريخ الدقيقة في حزب الله.
وأعلن جيش الاحتلال اغتيال إبراهيم عقيل القيادي العسكري الكبير في حزب الله، وأحمد وهبي قائد تدريب قوة الرضوان، في 20 سبتمبر الجاري، بصاروخين أطلقتهما طائرة من طراز »إف-35« على شقة في منطقة الجاموس بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي 24 سبتمبر الجاري، استهدفت إسرائيل إبراهيم قبيسي، قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله، بغارة جوية نفذتها على منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية.
بعدها، اغتال جيش الاحتلال القيادى العسكري في حزب الله محمد حسين سرور، رائد إنتاج المسيرات في الحزب، في غارة نفذتها طائرة من نوع »إف-35« أطلقت 3 صواريخ على مبنى سكني في حي القائم بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وتعتبر الغارة الإسرائيلية التي شنتها المقاتلات الإسرائيلية، قبل أيام، إضافة إلى تفجيرات أجهزة النداء على يومين متتاليين أكبر عملية اختراق أمني يواجهها الحزب على حد تعبير الكثير من المحللين والمراقبين، وحلقة جديدة من سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية لقادة الحزب اللبناني بدأت وربما لم تنته بعد.
وفي الغارات الاخيرة، تم استهداف مقر كتيبة الرضوان «قوة النخبة» لحزب الله أثناء عقد اجتماع سري على مستوى الصف الأول للحزب، وأسفرت الغارة عن مقتل نحو 20 من القادة رفيعي المستوى من كتيبة الرضوان، بحسب الإعلام الإسرائيلي.
أما الغارة الأعنف التي طالت الضاحية الجنوبية منذ عام 2006 والتي أعلن حزب الله مقتل زعيمه حسن نصر الله فيها، طالت أيضا علي كركي قائد الجبهة الجنوبية للحزب، وهو القائد العسكري الثالث في حزب الله بعد فؤاد شكر و6 قادة أخرين بالحزب.