اشتعل الإقليم ووصلنا إلى نقطة اللاعودة، ضاعت غزة واصيبت بكساح شامل وتحول القطاع إلى ما يشبه «مقلب مخلفات حرب « وها هو الجنوب اللبنانى يدخل نفس النفق المظلم ليصاب لبنان الجريح بمزيد من الجراح المسمومة، وبعيداً عن العبارات الإنشائية والمحسنات البديعية فى تناول ما جرى من أحداث فى الضاحية الجنوبية والتى كان الهدف الأساسى منها تصفية السيد/ حسن نصرالله، بعد اصطياد قادة أركانه العسكريين والميدانيين بعد عملية الاختراق الشاملة عن طريق وسائل الاتصال المختلفة، نجحت إسرائيل فى عملية الاختراق ونجحت فى عمليات الاغتيال ونجحت فى تفخيخ كل الخطوط الحمراء على طول ساحات المواجهة، إسرائيل التى اغتالت إسماعيل هنية فى طهران كانت تستهدف جرجرة إيران إلى ساحة المواجهة لكن إيران تجرعت المرارة واستمعت إلى النصائح بألا تفعل مغبة التداعيات الخطيرة عليها بشكل مباشر، لم تسكت إسرائيل التى وضعت خطة محكمة للقضاء على ما يسمى بمحور الممانعة دفعة واحدة، فرغت إسرائيل من تقطيع أوصال قطاع غرة وشل حركة حماس ووضعها على كرسى متحرك، وانطلقت صوب الجنوب اللبنانى تقصف وتقتل وتدمر، كانت تنتظر الرد الإيرانى المزلزل لكن الرد كان صادما للجميع حينما وقف الرئيس الإيرانى على الأراضى ليصرح بأنه يمد يده بالسلام للغرب والأمريكان وينتظر من يلتقط الفرصة ويصافحه على هذا السياق، إسرائيل وتحت تأثير صدمة التصريحات الإيرانية الداعية للسلام قررت التصعيد إلى أقصى مدى وقررت اجتياز ومحو كل الخطوط الحمراء بتصفية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ما جرى ليس نهاية القصة فهناك فصول جديدة أكثر دموية سنشهدها ويشهدها هذا الإقليم البائس، لو تكتفى إسرائيل بما أنجزته فى غزة والجنوب، بيد أن نتنياهو تحول إلى شخص عاشق للدماء وشهيته مفتوحة للقتل والتصفية، لن يتوقف هذا المجنون عن القيام بأعمال جنونية، فالضفة الغربية وبيروت وصنعاء ودمشق وبغداد لن تكون بعيدة عن مرمى الأهداف الإسرائيلية الحالية، تتحرك إسرائيل فى فراغ صنعته الولايات المتحدة فى المنطقة وفى ظل عجز المجتمع الدولى نتيجة شلل منظماته الدولية وتعطل قانونه الدولي، إيران تعلم أنها إذا قررت التدخل وتوجيه بعض صواريخها إلى إسرائيل فهى لن تكون فى مواجهة مع تل أبيب فقط وإنما مع الغرب برمته، إيران فى مأزق تاريخى لم يسبق لها ان وقعت فيه من قبل، فإيران اليوم غير إيران الشاه، وإيران اليوم ليست أيضاً إيران الثمانينيات، فسوريا مأزومة والعراق تحاول التعافى ولبنان وقعت فى الفخ منذ عقود وفلسطين ما عادت فلسطين، لكن إسرائيل هى إسرائيل بمخططاتها الصهيونبة المسمومة التى لا تعرف السلام ولا تحترم القوانين ولا تؤمن بالحق وإنما يرتبط فقط إيمانها بالقوة، إسرائيل التى تعمل على تطوير قدراتها التكنولوجية للسيطرة على عقول الجميع ومن ثم تتفوق وتنتصر على الجميع، لا يجب ان ننسى ان إسرائيل دولة نووية وهذا جزء من المعادلة يجب ألا نغفله، من جماع كل ماسبق يجب ان ننتبه إلى ما يلى :-
– معادلة الأمن القومى العربى تغيرت تماماً وما عادت كما كانت.
– محددات الأمن القومى تبدلت وصارت المعادلة مغايرة تماماً لما هو محفوظ فى كتب الإستراتيجيات وفى عقول الخبراء.
– إسرائيل لن تقدم قرابين للمهزومين فلن تتنازل وتقيم دولة فلسطينية ولن تجلس مع الظواهر الصوتية.
– لابد من تجميد الأفكار الكلاسيكية وبناء نموذج إستراتيجى جديد وفقاً للمحددات والمتغيرات الجديدة.
– تبقى مصر ورغم كل ما جرى ويجرى ودار ويدور هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تقف على أرضية صلبة وراسخة بها مؤسسات عريقة وجيش قوى وحكمة بالغة.
– هناك معادلة جديدة للأمن القومى المصرى تحتاج إلى نقاش معمق وفقاً للمستجدات الدرامية الجارية.