ما زال الحديث مستمرا حول ضرورة المزيد من القوانين والتشريعات الجديدة لمواكبة التحديات الكبيرة التى تواجهها مصر خلال هذه الفترة الحالية. إضافة إلى أهمية التعديلات التشريعية الجديدة لتتواكب مع كل الإجراءات التى تقوم بها الدولة فى كافة المجالات .وقلت فى المقالات السابقة أنه على كل وزارة أن تقوم بإعداد كل التشريعات الخاصة بها من خلال الحكومة وتقدمها فى مشروعات قوانين لعرضها على البرلمان لإقرارها، بمناسبة قرب عقد دور الإنعقاد الجديد. وهذه فرصة لأن تقوم الحكومة بتقديم كل مشروعات القوانين التى تخص الوزارات المختلفة من أجل تطور اداء هذه الوزارات مع كل جديد واقع على الأرض .وقد تحدثنا من قبل عن كثير من التشريعات الجديدة التى يجب أن تصاحب التطورات الجديدة فى كل وزارة. والآن نتحدث عن أهمية إجراء المزيد من القوانين فيما يتعلق بالنواحى الاستثمارية.فى الحقيقة أن كل قوانين الاستثمار يجب أن تتغير بين الحين والآخر. وألا تقف الحكومة مكتوفة الأيدى أمام أهمية جذب الاستثمارات خاصة الخارجية لأهمية تلك الاستثمارات وقد شهدنا فى الشهور الماضية كيف أن مصر إستطاعت بقوة وجدارة تستحق التقدير والإشادة فى جذب العديد من الاستثمارات الخارجية، وعلى رأسها ما يحدث الآن فى رأس الحكمة وتحويل هذه المنطقة المهجورة من عشرات السنين من بعد الحرب العالمية الثانية إلى مكان عالمى ابتداء من مدينة العلمين وحتى مطروح والسلوم. وبالتالى كل هذه الأمور لجذب المزيد من الاستثمارات تحتاج الى تطور مستمر فى إصدار التشريعات التى تسهل على المستثمرين أداء عملهم بشكل غير نمطي، وبعيدا عن الروتين والبيروقراطية.
ولذلك تهدف قوانين الاستثمار الجديدة لزيادة نسبة المنتج المحلى ورفع مستوى المنافسة ومحاربة الإحتكار ومنح حوافز إستثنائية للمشروعات كثيفة العمالة والمناطق الجغرافية الأكثر احتياجا للتنمية. وكذلك للمشروعات الصغيرة، وخصوصا مشروعات الشباب والمرأة ورواد الأعمال والمشروعات الناشئة، كما استحدثت التعديلات المناطق التكنولوجية الخاصة، وحدد القانون مدة زمنية محددة للخدمات المقدمة من مجمع خدمات الاستثمار المنصوص فى القانون ويمنح صلاحيات للجهات الادارية الممثلة فى المجمع لسرعة اتخاذ القرار وتمرير الموافقات وتفعيل خدمة الشباك الواحد واستحدث نظام مكاتب الاعتماد لفحص مستندات المستثمرين ولتسهيل اجراءات الاستثمار. كما قام القانون الجديد بإرساء وتحديد قواعد الحوكمة والشفافية بالنسبة لمجالس إدارة الهيئة والمناطق التابعة لها.
كما أن تهيئة المناخ الاستثمارى فى مصر واحد من أهم المكاسب التى شهدتها فترة الإصلاح الاقتصادى منذ بدء التطبيق وحتى الآن نظراً لأهمية هذا المناخ لجذب الاستثمارات وتشجيع أصحاب الأعمال على ضخ استثمارات جديدة، ورفع معدلات التشغيل وتوفير فرص العمل، وبالتالى تحقيق معدلات النمو المستهدفة، وجاءت التعديلات التشريعية فى مقدمة جهود تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة، وفتح الباب أمام القطاع الخاص المصرى والأجنبى للمساهمة فى زيادة معدلات التشغيل، والنمو، وتوفير فرص العمل للشباب ومنذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى حرصت الدولة المصرية على توفير بيئة تشريعية داعمة للاستثمار من خلال إصلاح شامل لكافة القوانين المؤثرة على مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال فى مصر، كما مرت البيئة التشريعية بمراحل مختلفة تهدف إلى تشجيع وجذب المزيد من الاستثمار فى مصر، ومن أبرزها قانون الاستثمار الذى يسعى إلى توفير الحوافز، وتحقيق الحوكمة وتسهيل التجارة عبر الحدود، وتوفير الضمانات التى تحمى من القرارات التعسفية، ويأتى بأدوات وإجراءات تنظيمية لتسهيل عملية الاستثمار وبدء مزاولة النشاط، هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من القوانين المكملة لهذا القانون المتعلقة بكافة المجالات والقطاعات الاقتصادية.
وشهد الإصلاح التشريعى فى مصر أيضاً تعديلات على قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، والتى تُصنف على أنها الأكبر منذ تدشين هذا القانون عام 1981، وتهدف إلى تعزيز حوكمة الشركات والإفصاحات المرتبطة بها، وتحسين مركز مصر فى التقارير الدولية ذات الارتباط بمناخ الاستثمار، مثل تقرير التنافسية العالمى الذى يُصدر عن المنتدى الاقتصادى العالمي، وهو ما كان يتطلب تعديلات بقانون الشركات الحالى لمواكبة التطورات فى العملية الاستثمارية عالمياً. وقد فعّلت التعديلات آليات عمل شركات الشخص الواحد والشركات ذات المسئولية المحدودة، وتنظيم عمليات إصدار أسهم الشركات وقيدها بالحفظ المركزى مع إضافة جواز استخدام أسهم الإصدار الممتازة ولو لم ينص على ذلك ابتداء بنظام الشركة مع وضع ضوابط إصدارها حماية لباقى المساهمين.
وبالتالى فإن هناك ضرورة ملحة لإجراء تعديلات تشريعية لتواكب كل تطور فى عالم الاستثمار وما تقوم به مصر لجذب الاستثمارات بصفة مستمرة.