ما الذى يجرى فى المنطقة بكل تشابكاتها والتساؤلات التى تتعلق بكل ما يدور من حراك وتصريحات وهجمات.. لعلنى أجد نفسى مجبراً على طريق العديد من التساؤلات حول الموقف الإيرانى تجاه أذرعه فى المنطقة وعلى رأسها حزب الله.. لماذا تصمت طهران على ما يجرى وما يتعرض له أحد أهم وأقوى أذرعها حزب الله من اختراقات صارخة؟.. ثم الاغتيالات لجميع القيادات العسكرية من الصف والرعيل الأول سواء فؤاد شكر أو صالح العرورى أو إبراهيم عقيل وإبراهيم القبيسى أو حالة الارتباك والتخبط التى يعانى منها حزب الله.. ثم القصف العنيف والهجمات المؤلمة لجيش الاحتلال الإسرائيلى لأكثر من 1600 هدف عسكرى لحزب الله ومن أين له بهذه المعلومات الدقيقة وإلى متى تقف إيران تشاهد ما يجرى لحزب الله دون أى تدخل أو موقف وسط احتمالات لتصعيد إسرائيلى قد يؤدى إلى اجتياح بري.. بل ان رأس الحزب بات مستهدفاً.. والبعض يقولون انها مسألة وقت وان جيش الاحتلال يؤجل هذه الخطوة حتى يستسلم بنفسه.. وهل إيران تريد أن تفتح صفحة جديدة فى علاقاتها مع الغرب.. خاصة أن الرئيس الإيرانى الجديد هو إصلاحى يسعى لإنهاء العقوبات ضد بلاده ويعتبرها انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.. بل ان الرئيس الإيرانى يقول انه يريد السلام للجميع.. وعلى نفس موقف طهران مع ما يجرى لحزب الله ويستهدفه من جيش الاحتلال الإسرائيلى نطرح سؤالاً مهماً يتعلق بعلاقة طهران والحوثيين.. فقد خرج رئيس الوزراء الإيرانى ليقول ان تنظيم الحوثيين متطرف وليس لإيران سيطرة عليه.. هنا أعرض تساؤلات فقط.. هل تتبرأ إيران من علاقاتها بالحوثيين أم هى تكتيكات تفرضها ضروريات الواقع وتحدياته وضغوطه؟.. التساؤل الثالث الذى يفرض نفسه أيضاً على المشهد فى المنطقة لماذا تأخر الرد الإيرانى على اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية الرئيس السابق للمكتب السياسى لحركة حماس على أراضيها وفى حمايتها وهو ضيف الرئاسة وفى حوذة وحماية أقوى مؤسساتها العسكرية «الحرس الثوري» وهل سيأتى هذا الرد أو الثأر فى ظل تصريحات بالرد الحاسم والقريب؟ وهل سيكون الرد مفاجأة أو مختلفاً؟.. لكن حتى الآن لم يحدث شيء.. وسط صمت مطبق يخيم على موقف طهران تجاه ما يحدث لحزب الله فى لبنان أو تصريحاتها المفاجئة عن الحوثيين أو محاولات ايجاد تسويات مع الغرب.. هل تدخل إيران مرحلة مختلفة؟.. هل تتخلى عن حلفائها وأذرعها القديمة والتقليدية؟.. هل تفتح صفحة جديدة فى علاقاتها مع الغرب وتحالفاتها؟.
والسؤال المهم هل تتوارى وتنتهى الجماعات والأذرع الموالية لإيران خلال السنوات القادمة وتلقى مصيرها وتقع فريسة لجيش الاحتلال لتغيير قواعد اللعبة بالنسبة للكيان الصهيونى فى جبهات لبنان والأراضى الفلسطينية واليمن وسوريا.. الأيام كفيلة بالرد على هذه التساؤلات فى أحداث سريعة الايقاع ومتلاحقة ومفاجئة بل ومثيرة للتساؤلات.. فهل نحن أمام مناورات إيرانية لعبور الضغوط الحالية أو إصلاح الماضى بتحالفات جديدة أو برجماتية ومصالح تحكمها قواعد جديدة؟.. ولا يمكن ان يتصور عقل ان يقدم جيش الاحتلال باستهداف وقصف وتدمير مراكز ومدارس النزوح بحجة انه يتواجد بها مسلحون.. نفس السيناريو الذى تم تنفيذه فى قطاع غزة يجرى تنفيذه فى الجنوب اللبنانى والهدف هو تفريغ المنطقة من أى معنى للحياة والهدف المعلن هو اجبار حزب الله إلى الاتجاه خلف أو وراء النهر الليطانى وإقامة منطقة عازلة داخل الجنوب اللبنانى بعد أن أصبحت المنطقة العازلة منذ 8 أكتوبر الماضى داخل الأراضى المحتلة فى الشمال الإسرائيلى ونزوح المستوطنين إلى الداخل الإسرائيلى وهو ما يرهق كاهل الاقتصاد الصهيونى.
بعد الضربات الإسرائيلية المتلاحقة لحزب الله واختراق منظومة الاتصالات.
السؤال المهم.. هل تصاعدت احتمالات الاجتياح البرى لجنوب لبنان .. هناك نقاط قوة وضعف فى كل طرف تدعم فكرة أو توقع الاجتياح البرى أو تحول دون حدوثه.. فحزب الله على لسان أمينه العام حسن نصر الله رحب بذلك وتمناه.. فهناك جاهزية واستعداداً واستفادة وتناميا لقدرات الحزب خاصة البرية بعد حرب 2006 ولديه قوات خاصة مدربة بشكل كبير على خوض الحرب البرية.. لكن أيضا يمكن الوضع فى الاعتبارات هو سلسلة الاغتيالات التى وقعت فى أبرز القيادات العسكرية بالحزب وهو ما يعنى ان الخبرات والاتصالات والكوادر الخاصة بحزب الله سوف تغيب عن المعركة.. وعلى صعيد جيش الاحتلال فاعتقد انه ليس جاهزاً أو على استعداد لخوض حرب برية مع قوات ذات طبيعة خاصة فى ظل حالة الإنهاك والاستنزاف المستمر على مدار عام كامل خلال عدوانه على قطاع غزة ولم يستطع حسمها بشكل كامل وحاسم.
جنون نتنياهو وغريزة وشهية إسرائيل الخبيثة لاحتلال واغتصاب مزيد من الأراضى تزيد من قوة احتمال الاجتياح البري.. وربما لإصرار تل أبيب على عودة مستوطنيها إلى مستعمرات الاحتلال فى الشمال.. وخلق منطقة عازلة واجبار حزب الله إلى التراجع وراء النهر الليطاني.. لكن الحسابات والتقديرات والقرار رهن عقل نتنياهو المريض.
إسرائيل أعلنت نواياها بشكل واضح على لسان رئيس أركان جيش الاحتلال أو قائد المنطقة الشمالية باقتراب العملية البرية وربما تكون هذه التصريحات نوعاً من الضغوط تمارسه إسرائيل على حزب الله.. فى ظنى ان جيش الاحتلال لن يقدم على خطوة المعركة البرية وربما تعد فخاً أو انتحاراً فى ظل استعدادات الحزب لاحتمالات المعركة البرية.. بعد عام 2006 وسلسلة الانفاق والتحضيرات والأسلحة التى تناسب المعركة البرية وجيش الاحتلال يعانى من كابوس فى قطاع غزة بعد فشل المعارك البرية أمام المقاومة الفلسطينية وجل ما حققه جاء من القصف الجوى المتواصل بالإضافة إلى حالة الانهاك والاستنزاف التى تعرض لها وتراجع المعنويات.. اذن جيش الاحتلال غير مستعد عملياً لخوض معركة برية ويركز فقط على استنزاف قوات وعناصر حزب الله.
جيش الاحتلال يلوح بالحرب البرية وربما تكون التقديرات التى اعتمدت عليها حكومة الاحتلال فى الهجمات الأخيرة والتصعيد مع الحزب أمراً خاطئاً ولن تحل أزمة المستوطنين فى الشمال ولن تؤدى لعودتهم إلى منازلهم.. ولذلك فإن فرصة حزب الله فى المعركة البرية التى تمناها نصر الله وفى ظل الحشود من سوريا والعراق واليمن لدعم الحزب فى التفوق تبدو أكثر وسوف يتكبد جيش الاحتلال خسائر فادحة.. هذا تحليل موضوعى وليس فيه أى نوع من الانحياز فى قراءة لسوابق جيش الاحتلال على مدار عام.. أو إعداد حزب الله مسرح عمليات الجنوب.
الطرفان يريدان التهدئة.. وربما تنجح الحلول السياسية والدبلوماسية فى تحجيم التصعيد.
تحيا مصر