فى عصر يتسارع فيه التطور التكنولوجى بشكل غير مسبوق، يأتى اعتماد زعماء العالم للميثاق الرقمى العالمى الملحق بميثاق المستقبل على هامش أعمال الدورة الـ «97» للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، خطوة حيوية نحو تحقيق توازن بين الابتكار وحوكمة التكنولوجيا.
يعد هذا الميثاق الأول من نوعه الذى يضع إطاراً شاملاً للتعاون الرقمى وحوكمة الذكاء الاصطناعى مما يفتح آفاقاً جديدة لضمان استخدام التكنولوجيا فى خدمة الانسانية جمعاء.
تعتبر التكنولوجيا أداة قوية يمكن ان تغير مجرى حياة الافراد والمجتمعات ومع ذلك، فإن استخدام هذه التكنولوجيا دون قواعد واضحة قد يؤدى إلى نتائج سلبية مثل انتشار المعلومات المضللة وزيادة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن التهديدات المتعلقة بالخصوصية والأمان من هنا يبرز دور الميثاق الرقمى العالمى فى وضع إطار عمل يضمن استخدام هذه التكنولوجيا بشكل مسئول ومفيد للجميع.
تتضمن أهداف الميثاق الرقمى العالمى تعزيز الشفافية والمساءلة فى تطوير واستخدام التقنيات الحديثة كما يسعى الميثاق إلى تحقيق العدالة الرقمية بحيث تتاح فوائد التكنولوجيا لجميع الفئات وليس للأثرياء فقط أو الشركات الكبري. من خلال تشجيع التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يسعى الميثاق إلى خلق بيئة رقمية آمنة وموثوقة.
ويحتل الذكاء الاصطناعى مكانة مركزية فى الميثاق حيث يعد أحد أكثر مجالات التكنولوجيا تأثيراً فى حياتنا اليومية ومع تزايد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى كان من الضرورى وضع ضوابط واضحة تضمن الاستخدام الاخلاقى والمستدام لهذه التكنولوجيا.. الميثاق يسعى إلى وضع معايير تضمن عدم استغلال الذكاء الاصطناعى فى انتهاك الحقوق الاساسية للأفراد ويؤكد على ضرورة استخدامه كأداة للتمكين وليس للقمع وعلى الرغم من الجهود المبذولة يواجه الميثاق الرقمى العالمى تحديات كبيرة أبرزها التنوع الثقافى والاقتصادى بين الدول فقد تختلف الاولويات والاحتياجات من منطقة إلى أخرى مما قد يعقد عملية التوافق على معايير عالمية كما يتطلب تحقيق أهداف الميثاق التزاماً حقيقياً من جميع الاطراف المعنية وهو ما قد يكون صعباً فى ظل المنافسة المتزايدة بين الدول.
هذا الميثاق لا يمثل مجرد وثيقة بل هو دعوة للعمل والتفكير الاستراتيجى فالمستقبل لا يمكن ان يبنى على أسس قديمة بل يتطلب رؤية جديدة تستجيب للتغيرات السريعة التى يشهدها العالم،، إن الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى هى المفتاح لتحقيق الاهداف المرجوة.
إن الميثاق الرقمى العالمى يمثل بداية مهمة نحو مستقبل رقمى أفضل فهو يدعو إلى تعاون عالمى لضمان استخدام التكنولوجيا بشكل يحقق المنفعة للجميع لذلك من الضرورى أن نعمل جميعاً على دعم هذا الاطار والمشاركة فى تشكيل مستقبل رقمى يضمن تحقيق العدالة والشفافية ويسهم فى بناء عالم أفضل للأجيال القادمة إن استخدام التكنولوجيا فى خدمة الانسانية هو الهدف الاسمى الذى ينبغى أن نسعى لتحقيقه.
يمثل اعتماد هذا الميثاق فرصة سائحة لإعادة صياغة العلاقات الدولية بما يتماشى مع تطلعات القرن الحادى والعشرين إذا تم تنفيذه بشكل فعال فإن هذا الميثاق يمكن ان يكون حجر الزاوية لبناء عالم أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة حيث تتعاون الدول معاً لصناع مستقبل مشترك ملئ بالأمل والفرص.