يعد تكامل خطط الدولة التنموية مع القطاع الخاص هو اساس النجاح فى تجارب الدول المختلفة التى حققت معدلات عالية من النمو الاقتصادى وأحدثت نجاحات بارزة، بالجمع بين تصدير السلع والخدمات وانهاء التقسيم التقليدى بينهما فأصبح نجاح قطاع الخدمات شريكاً اساسياً لنجاح القطاعات الصناعية لما تحتاجه من خدمات مالية وخدمات استشارية، فالخدمات اصبحت صناعة كالسلع وزيادة تنافسيتهما يعتمد على سياسات مكثفة من التدخل لتزليل عقبات نموهم وتوفير الاسس لتصديرهم، واتباع سياسات التأثير التحفيزى لهم ثم التجارة والتصدير. والقطاعات الخدمية بمصر تساهم بنسبة تصل إلى 60 ٪ من الناتج المحلى الاجمالى خاصة أن بعض الخدمات كقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الجديد يساهم وحده بحوالى 6 ٪ من الناتج المحلى الاجمالى واصبحت له منتجات تصديرية باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتطوير قطاع الخدمات أساسى فى القضاء على البطالة وزيادة الدخل وحيث يعمل فى قطاع السياحة فقط 10 ٪ من القوى العاملة ويعمل بالزراعة والصيد 20 ٪ ويعمل بقطاع الصناعة 28 ٪ فى حين يعمل بالقطاعات الخدمية الأخرى معظم الباقى (كالتعليم والصحة بنسب 7.5 ٪ والتشييد والبناء 13 ٪ والنقل والتخزين والخدمات المالية وقطاع الخدمات الترفيهية بالفنون والآداب والرياضة وصناعة الأفلام وغيرها).
ومع ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتزايد امكانات تداول الخدمات وتحسين الانتاجية ظهرت سياسة «تصدير الخدمات»، فنشاط الخدمة الواحدة يمكن ان يتم بمواقع جغرافية مختلفة وبالتالى فإن تصدير الخدمات ميزة خاصة للدول صاحبة الموقع الجيواستراتيجى والذى يؤهل مصر لتكون رائدة فيه. فالدول متوسطة الدخل التى بدأت فى تصدير الخدمات تمكنت من تحسين نمو اقتصاداتها حتى أصبحت صادرات الخدمات تتفوق على صادرات الصناعات التحويلية على مستوى العالم، مستخدمين نفس الاستراتيجيات المطبقة ببرامج زيادة الصادرات.
والبداية بوضع خطة قومية استراتيجية تستهدف عمل (Branding)»علامات تجارية» للمنتجات المصرية من السلع والخدمات تميزها بالجودة المرتفعة، فالعلامات تسهم بالتعريف بالسوق وزيادة الصادرات المصرية للاسواق العالمية على المدى الطويل. وهى ضرورية لحدوث نمو حقيقى فى الدخل القومى والدخل للفرد ولتعزيز القيمة المضافة فى القطاعات الخدمية على نفس المنحى المتبع بقطاعات انتاج السلع الصناعية والزراعية والتحويلية – وبالتركيز على التصدير. واعتماد سياسة تصديرية يتطلب تضافر جهود كافة الجهات الحكومية والقطاع الخاص لزيادة الصادرات المصرية–من السلع والخدمات – للأسواق الخارجية بما يسهم فى إحداث نقلة للصادرات المصرية بإنشاء مجالس متخصصة لتصدير الخدمات السياحية واخر للخدمات الطبية والتعليمية والمالية والترفيهية وغيرها) ثم ضمهم الى المجلس التنسيقى للمجالس التصديرية مع مراجعة اعتماد خطط عمل المجالس التصديرية والتنسيق فيما بين المجالس التصديرية للمشاركة فى سلاسل التوريد العالمية والأسابيع التجارية، ووضع إطار مؤسسى لتنمية الصادرات وتحقيق التكامل الاقتصادى وتسهيل التجارة فى السلع والخدمات وتوفير الخدمات التصديرية ووضع منظومة الحوافز التصديرية وتوفير برامج تمويلية وسياسات تنموية لزيادة الصادرات وتنفيذ مبادرات للترويج للصادرات وضم الخدمات لأعمال هيئة تنمية الصادرات وتفعيل المشاركة فى المعارض الخارجية وايفاد البعثات الترويجية، وبناء القدرات التصديرية بتوفير خدمات التصدير وبرامج تدريبية للمصدرين وبخاصة بالخدمات وبالصناعات المستفيدة من الذكاء الاصطناعي، واعطاء أولوية لخدمات السياحة والمقاولات والتعليم والصحة والبنوك (والتى كانت الاساس فى نمو المغرب وتركيا) وصناعات التكنولوجيا والدواء والسيراميك والسجاد ومواد البناء. خاصة وان تصدير الخدمات يفتح فرص ضخمة للقطاعات الخدمية كالتعليم والمقاولات والصحة (بفتح فروع خارجية) للمشاركة فى مشروعات إعادة الإعماربدول أفريقيا (حيث ان الوكالة الافريقية لاعادة الاعمار مقرها القاهرة) والدول العربية كليبيا والعراق وسوريا وفلسطين، الأمر الذى سينعكس إيجابيًا على معدلات صادرات قطاع صناعات مواد البناء على سبيل المثال.
وهنا لابد التأكيد على أهمية ادراج الخدمات بصندوق مساندة الصادرات لدعم القطاعات التصديرية بتقديم الدعم المالى الذى يساعدهم كمصدرين على تحمل تكاليف الصادرات للعلامات التجارية المصرية من خلال تغطية بعض المصروفات المرتبطة بالتصدير، مع توفير المعلومات والتدريب: لزيادة معرفتهم بالأسواق الدولية وتحسين مهاراتهم، وكذلك تعزيز وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، مما يعزز فرص الصادرات.