هم من خلقوا لتعمير الكون، بل هم من قال فيهم رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ: «الخير فى وفيّ أمتى إلى يوم القيامة» هم قوة الدفع فى كل المجتمعات الحية..فى الماضى والحاضر والمستقبل.. هم ربان السفن الذين يقودونها إلى بر الأمان، وإن شئت قل إلى ما يسعد البشرية.. هؤلاء لا يتبارون ولا يتباهون بما قدموه ويقدمونه، ولا يعجبون بما يفعلون، فأعمالهم حسبة لوجه الله تعالي، لا ينتظرون جزاءً ولا شكوراً، هم المصلحون والمخلصون والمؤثرون، وإن كلفهم ذلك الكثير. هم من قدموا التضحيات تلو التضحيات فلم تلن لهم قناة ولم يتواروا، ونالهم الويل والثبور على مر الأزمنة والعهود، أقصوهم وإن تبوأوا الصدارة فى القلوب، حاولوا تغييبهم ففرضوا أنفسهم بأعمالهم النافعة والناجحة التى لا تغمضها العين ولا تصمها الأذن. هؤلاء هم الملاذ دون استدعاء أو طلب، وإن خذلك من تظنهم أنهم عضدك، بل ومن المقربين إليك أمثالهم، سيرتهم عطرة، وتاريخهم ناصع البياض، من الصعب إهمالهم فى حياتهم ولا نسيانهم بعد مماتهم هم مشاعل النور عندما تشتد الخطوب والأهوال، ذكرهم فريضة دون غيرهم من يستجار بهم ويقصدهم ذوو الحاجات، بل هم المفاتيح للأبواب الموصدة، هم من يشدون على يديك إذا تكالبت على رأسك الهموم والنوائب، وجارت عليك الدنيا، من يفتدونك «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» «الحشر: الآية 9».. التغيير فى خريطتهم وعلى أجندتهم فريضة. إذا قام به البعض لا يسقط عن الآخرين، بل هم من يتوقون إلى الأصلح والأنفع، ليس لهم وحدهم وإنما للبشرية جمعاء، وإن اختلفت المعتقدات والألوان واللهجات.. «وتلك الأيام نداولها بين الناس»، وزيادة على ذلك فإيمانهم أعمق أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض، هم المعادن النفيسة التى لا تؤثر فيها عوامل الدهر.. القذيفة التى تصيبهم تقوى من ظهورهم وتشد من عضدهم.. قلوبهم نقية ووجوههم مشرقة وبلجة، فهم لا يعرفون للأحقاد ولا للضغائن طريقاً.. أمثالهم تبوأوا مقاعدهم فى الجنة وفى أعلاها، وهناك ينتظرون ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. هم من يرون أن فى الاتحاد قوة، وأن التشرذم والتفكك هو الطريق الأيسر والممهد للانزواء والإخفاق والتقهقر.. و»اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» هؤلاء هم أواصل الأمم وأركانها، أقرانهم فى كل زمان ومكان، والمؤسف أننا لا نقف على أقدارهم وأوزانهم وما يحملون من خير فى جعبتهم إلا بعد فوات الأوان، فهل تعرفونهم أما المحبطون فتراهم فى كل زمان ومكان .يسمونهم بأعداء النجاح وأعرفهم انا وانت بالمحبطين. عددهم ليس بالقليل ينتشرون فى أماكن التجمعات المختلفة. أفواههم تقطر بالهزيمة والحقد على عباد الله وان لم يعرفوهم. ألسنتهم سياط على كل النابهين والناجحين والحالمين بمستقبل أفضل . دون غيرهم من يقفون على كل الخبايا وهم ادرى باستراتيجيات السعادة للبشرية جمعاء. نظرة واحدة فى وجوههم تصيبك لسعة ورعشة. بل هم بشحومهم ولحومهم العقبة الكئود أمام كل المشاريع الناجحة والواعدة.
المحبطون هم أقرب الى نافخ الكير وان كانوا هم من يبثون السموم ويطلقون سهامهم طوال العام. ليس هذا وفقط بل هم من يعيدونك الى الأزمان الغابرة. شاغلهم الأوحد فى هذه الايام ان الغد مظلم والقادم أسوأ . إذا حاولت محاورتهم والوقوف أمام شطحاتهم فلن تضع الحرب أوزارها . وفى كل الأحوال انت لا تعيش المرحلة التى نحياها . ولا تدرك لوازمها . أمثال هؤلاء هم المعاقون فعلا وقولا. واندثارهم صعب بل مستحيل والغريب انهم فى تكاثر مستمر ودائم. أمثالهم مرضى والأخطر انهم لا يقرون بمرضهم. والغريب فى الأمر انهم يظنون وبعض الظن إثم انهم النبلاء ويتبارون بذلك