ومحافظ أسوان.. وموكب «السخنة».. والأستاذ هيكل
بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث الآن عن امكانية نجاح الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة فى قتل يحيى السنوار زعيم حركة حماس أو اصابته على الأقل.. وتشير فى ذلك إلى أن الاتصالات قد انقطعت بينه وبين قواعد «حماس» فى غزة وخارجها.
وسواء كان صحيحًا أن السنوار الذى كان مخططًا لهجمات السابع من أكتوبر الماضى قد قتل أو أصيب فإن التخلص من السنوار لا يمثل نهاية للقضية.. فالقضية الفلسطينية لا تنحصر فى السنوار أو فى حركة حماس أو قطاع غزة لأنها قضية شعب يتوارث البحث عن حقه فى الحياة من خلال دولته الفلسطينية المستقلة ومن خلال الخروج من عباءة الاحتلال وتكرار الاعتداء على مقدساته الإسلامية.
ويخطىء نتنياهو وقادة إسرائيل إذا اعتقدوا أن القضاء على حماس فى غزة وحزب الله فى جنوب لبنان سوف يحقق الأمن والسلام لإسرائيل فالأجيال القادمة ستكون أكثر شراسة ورغبة فى الانتقام للشهداء الذين يتوالى سقوطهم فى المعركة غير المتكافئة بين إسرائيل والمقاومة.
ولا بديل ولا استقرار فى المنطقة إلا بالبحث عن كيفية تفعيل السلام الدائم والعادل.. السلام الذى يوقف لغة القوة واهدار الدماء.. السلام الذى يمكن من خلاله مداواة الجراح وإزالة حرارة الماضي.. وهذا السلام لن يتحقق إلا بالحوار الجاد لتطبيق حل الدولتين.. الحوار الذى يوقف غرور القوة لأن القوة الغاشمة لا تصنع الأمن والأمان بل تزيد وتعمق من جذور الكراهية وتباعد المسافات والسنوار حيًا أو ميتًا هو طرف من أطراف القضية.
> > >
ولماذا تريد إسرائيل جر حزب الله فى لبنان إلى المواجهة والحرب.. ان حزب الله يتخذ مواقف تتسم بضبط كامل للنفس.. وحزب الله يتجنب تقديم الدوافع والمبررات لإسرائيل لشن هجوم شامل على الجنوب اللبناني.. وحزب الله يجيد فن الكر والفر.. وحزب الله لن يفقد سيطرته على قراره إلا إذا نجح نتنياهو فى التخلص من زعيم الحزب حسن نصر الله واغتياله.. وحتى لو حدث ذلك فإن أفضل نصيحة يمكن تقديمها لحزب الله هى ضبط النفس.. فالوقت الحالى ليس وقت الصدام والانجرار إلى الفخ التوسعى التدميرى الذى يتبناه نتنياهو.. الوقت الحالى هو وقت الدهاء والسياسة.. وعلى الأقل حتى تنقضى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فنتنياهو لا يثق فى هاريس ويريد أن يفوز ترامب ولذلك يرغب فى اثارة حرب موسعة فى المنطقة لإحراج بايدن وهاريس وافساح المجال لترامب.. والحرب هى الفرصة الأخيرة أمام ترامب للفوز بعد أن اظهرت معظم استطلاعات الرأى أن هاريس تتقدم السباق الانتخابي..!!
> > >
ونعود لحواراتنا وقضايانا المحلية ونشيد بما فعله اللواء إسماعيل كمال محافظ أسوان الذى حرص خلال تفقده لمدارس قرية أبوالريش على أن يشرب كوبًا من المياه من «حنفية» داخل إحدى المدارس تأكيدًا على سلامة وجودة هذه المياه وردًا على مزاعم تلوث مياه أسوان كما تزعم مواقع التواصل الاجتماعي.
وما قام به المحافظ أمام أعين الجميع هو أبلغ رد وهو أفضل تصرف جاء عفويًا وسريعًا فى وقت تزايدت فيه الأقاويل والشائعات والمبالغات حول عدم سلامة مياه الشرب فى أسوان التى قيل أنها كانت سببًا فى كثير من حالات الإصابة بنزلة معوية وتسمم.
والحقيقة أنه لو كانت المياه سببًا لما كان ممكنًا السيطرة على الموقف ولكان الضحايا بعشرات الآلاف.. ولكنه كما يقول المحافظ أمر ناجم عن تناول بعض الأطعمة والمشروبات التى سببت تسممًا غذائيًا وليس وباء أو فيروسًا غامضًا.. وكلها أمور يمكن أن تحدث بسبب التلوث والاهمال.. واحذروا الشائعات التى تنتشر كالنار فى الهشيم.. الناس تهوى وتتلذذ بالمبالغة.
> > >
وننتقل لعالم آخر.. وأجواء أخري.. وفى الطريق من القاهرة إلى العين السخنة.. الطريق الذى يمثل نقلة حضارية فى الطرق.. كان هناك موكب ضخم ممتد للعديد من الدراجات النارية التى احتلت الطريق وفقًا لنظام فى القيادة والمسافات بزى خاص يرتديه راكبوها بخوزاتهم التى تعيد إلى الذاكرة مشاهد الأفلام الأمريكية.. وكان المشهد مهيبًا.. ومخيفًا أيضا.. وتوقفت على أحد جوانب الطريق للمشاهدة وللاستمتاع كذلك.. فكل سائق وراءه حسناء قد التصقت به وقد تطاير الشعر الغجرى المجنون يمينًا ويسارًا.. ومع الاعجاب بالمشهد كانت الحسرة على أيام الشباب التى ولت..!! كان نفسنًا نركب عجلة مش موتوسيكل..!
> > >
واتصلت «بالحداد» ياباشا عاوزك فى شغلانة لتركيب اطار حديد لشباك.. حاضر سوف احضر للمعاينة بعد ساعة..! ومرت ساعة.. اثنين.. ثلاثة.. وانت فين يا باشمهندس.. أنا فى الطريق.. عشر دقائق أكون عندك..! وبعد عشر دقائق أصبح الموبايل مغلقًا.. والباشمهندس أغلق هاتفه.. ولم يعد يرد.. وفى المساء أعاد فتح «الموبايل».. وكنت فين ياباشمهندس..؟ معلش أصل العربية عطلت وان شاء الله أجيلك بكرة! ولا بكره ولا بعده ولاعاوز أشوف وشك ياراجل.. إيه الاستهتار ده.. ايه انعدام الذوق على هذا النحو!! ناس عاوزة فلوس من غير ما تشتغل.. ومن غير احترام أيضا..!
> > >
واكتب عن الاستاذ.. عن القيمة والقامة والتاريخ.. والأستاذ فى الصحافة المصرية هو الاستاذ محمد حسنين هيكل.. الذى نعيش هذه الأيام ذكرى ميلاده بعد أن رحل عن عالمنا فى فبراير من عام 2016 عن 92 عامًا.
والاستاذ هيكل الذى عمل بمهنة صاحبة الجلالة لمدة 75 عامًا هو المعنى والرمز لقيمة أن تكون صحفيًا تشارك فى صناعة وكتابة أحداث الأمة.. أن تكون صحفيًا فأنت كلمة الوعى والصدق والحق.. أن تكون صحفيًا فأنت ضمير الأمة الحى الذى لا يموت ولا يشتري.. أن تكون صحفيًا فأنت الثقافة التى تتجدد وتواصل رحلة البحث عن المعرفة مهما بلغ بك العمر.. وأن تكون صحفيًا فأنت مدرسة متنقلة فى كافة نواحى الحياة.. وأن تكون صحفيًا فأنت القدوة للجميع سلوكًا وعطاء.. ولكن تكون صحفيًا اقرأ وتعلم واستوعب كيف كان جيل العمالقة وكيف تحول محمد حسنين هيكل إلى «الأستاذ».. وما أروع أن تكون أستاذًا.
> > >
وأخيرًا:
> واللهم فرجها على من ضاقت عليه دنياه يا أرحم الراحمين يا الله.
> ومن الحكم الشعبية.. «لا تبحث عن الإنسان الذى عنده خير، بل ابحث عن الإنسان الذى فيه خير، فما أكثر من لديه خير ولكن ما فيه خير».
> ولا تيأس إن الله يرسل جبره فى عز الانكسار.
> ويارب مدنا بالطمأنينة كى نجتاز الأيام أن ثقلت.