أهرب من هاتفى الذكى كثيرا!!! فأنا لا أريد حقا أن أرى إعلانا عن شقة فى التجمع الخامس بـ 20 مليون جنيه لمجرد أننى بحثت عن شقة للإيجار بالوسط المحيط… ولا أريد عروض الصوانى والمحمر والمشمر وأطباق السلطان التى تبلغ قيمتها نصف مرتبى الشهرى لمجرد أننى تابعت أحد الطهاة المحليين وهو يقوم بطش الملوخية!!!…
ولا أريد أن أرى عرضا سخيفا من إحدى الفنانات وهى ترش عطر العود المغشوش على يدها وتمثل بانبهار نشوتها المزيفة بالرائحة…
إذا كنا نحن وأطفالنا فى دائرة مغلقة… فأنا متأكدة أنها ملعونة… هى دائرة استهلاك وإلحاح وتلاعب… الجميع يريد التأثير على سلوكك بشكل ما!!! فإذا كنت أعيش بمدينة صغيرة هل يهمنى حقا رؤية محتوى يدعونى إلى رحلة بجزيرة هاواى لمجرد أننى قرأت على جوجل عن بعض طقوس الهنود الحمر؟؟؟!!!
أهرب من هاتفي… فيقع مرات وينكسر !!وتظل الأرقام تحمل فقط نفسها… فأحمل هاتفا آخر ثم أهرب للهاتف القديم العتيق… ذلك الجنى البدائى …الذى يساعدنى فى الإحساس بأنه لايوجد من يلح ويعرض ويسوق ويحاول بشكل ما أن يأخذ مكانا فى أجندة حياتى بدون وجه حق!! كنت من أهل الشوبينج!! فأصبحت أتألم عندما أتذكر سلوكى الشرائى غير المسئول!!! القائم على الإستجابة اللحظية لمغريات التسويق والإعلان!! فأشترى وأشترى ولا أعرف لماذا!! وتنفذ نقودي!!! فأعمل لأشترى ثم أشتري!!… فأصبح لدى الكثير من الكتب والكثير من الملابس والكثير من الأحذية…و عندما جاء سارق وقام بخطف كل أحذيتى من أمام البيت فى أثناء النقل من مكان لمكان شعرت أننى حرة وقضيت العام بحذاء واحد… وذقت طعم الحرية ولازمنى شعور أن السعادة تكمن فى التخلي!!..
أشعر بالأسى أحيانا على واقعنا المتسارع !ويؤلمنى معرفة أننى أخطأت عندما رأيت فراشة بطريقى تحاول الطيران وكأنها قد خرجت للتو من الشرنقة ثم هرولتى بدون تفكير لمساعدتها… بالأساس مساعدة الفراشات على الطيران يضعف أجنحتها ويؤدى إلى مقتلها بالنهاية!!!
يؤلمنى يا صغار أن أقول لكم إن كل ما تمرون به من إحباط وتغير بالمزاج والمشاعر وصراع وخوف وتردد وتمرد مكبوت… هو جزء من عملية التحول والنضج!!
وأنه حتى لو امتلكت عصا سحرية لتحويل كل همومكم إلى فراغ فأنا أو غيرى نكون قد قمنا باغتيال رحلتكم وتسببنا لكم بعجز شديد…ف المعاناةً جزء من الرحلة ..وواقع اليوم كان حلما أمس… وكل مر حتما سيمر…و سنسأل أنفسنا بنهاية الرحلة هل حقا استمتعنا وعشنا واختبرنا… ثم اخترنا ؟؟!!!… أم تركنا أنفسنا للتيار …
هل قلنا «لا» ودفعنا الثمن؟!!!
أم قلنا «نعم» وكنا نحن الثمن!!!!
…رغبة فى البوح….
فرغم مضى الوقت
مازلت أتشتت وأتوتر وأفكر وتتملكنى العصبية!
ومازلت لا أقوى على دفع ثمن كل أحلامي!
وتعلمت أن الحياة سوبر ماركت كبير جدا وليس من الضرورى أن تجرب كل السلع وكل الماركات ولا كل الخبرات تستحق التجربة…
مازالت تلميذة أتعلم أن أختار معركتى وأوفر وقتي… واستمتع بالقليل من الدوبامين… وأعيش الادرينالين عندما يتطلب الأمر… فأحيانا الشعور بالهلع مطلوب لننقذ أنفسنا ونكمل بالحياة ..
مازلت أكافح مع الصبر الجميل وغير الجميل… قدمت التضحيات ولم أنتظر مقابلاً…اخترت ولم يتم إختيارى وكل يوم أعلن لنفس أننى أنا المسئول الوحيد على هذا الكوكب عن مصيري… وقرارت اليوم هى مستقبل الغد… وأن لكل شيء ثمناً!!