لا يمكن لنا أن نصف ما تتعرض له مصر بالتحدى فقط..فما أكثر التحديات التى تمر بها دول مختلفة وتهوى على أثرها أو تشهده دول عظمى فتتباطأ مسيرتها، لكن ما تشهده دولتنا الآن هو اجتماع لمفردات قد لا تخطر فى أكثر السيناريوهات تشاؤما، ومع ذلك حققنا نجاحات مستمرة على كل المستويات.
النجاح الذى حققناه ووفقاً لما تشير القيادة السياسية دائما أنه لا يكفى مع طموحاتنا، من هنا لابد أن نبحث عن حلول إبداعية تتلاءم مع هذا النمط من التحديات والتى تستحيل معه الأفكار النمطية أو التقليدية، تحقيق الإبداع فى أى منظومة بالمقاييس العالمية، له طريقتان أساسيتان، أولاهما النجاح بالتجربة والخطأ، حيث نجرب أسلوبا أو منهجا مختلفا فإذا أصاب عملنا على تطويره وإذا فشل درسنا الأسباب وراء ذلك وعملنا على تجنبها أو محاولة حلها، ورغم أنها الطريقة المستخدمة فى عدد من الدول لكنها طريقة مكلفة ومرهقة وتحتاج لوقت طويل وتستغرق الكثير من الموارد، على العكس الطريقة الثانية والتى تعتمد على العمل البحثى بما فيه من أساليب تجريبية أو شبه تجريبية نعرف منها مدى كون هذه الفكرة صائبة أم لا، وكيف يمكن تعديلها لتصبح طريقة نعتمد عليها بنسبة نجاح شبه مضمونة.
مراكز الفكر والبحث هى البيئة المواتية التى تحقق المعادلة الصعبة فى الاستفادة من عقول السادة أصحاب الخبرات الطويلة وتوظيف طاقات وقدرات الشباب أصحاب العقول الفذة، هى مؤسسة قادرة بذاتها أن تحقق ما تحتاجه مصر الآن، ومن خلال مكوناتها البشرية العميقة تتمكن من توليد أنماط من الحلول لكافة ما نلاقيه من تحديات، والجدير بالذكر أن أفضل نموذج يمكن لنا استقراؤه هو ما تفعله الدولة والتى تعمل على تنمية وتعزيز هذا النوع من المراكز فى مختلف التخصصات السياسية والعلمية على حد سواء، وتتيح نتائجه للمواطنين ممن أرادوا الاطلــاع، الآن يأتى دور المســتثمر أو المالك لأى مؤسسة فى الاعتماد والتعويل عليها.
ونحن لدينا العديد من المراكز المعتمدة، بعضها حكومى وبعضها خاص، منها المتخصص وشديد التخصص، تتضمن الكفاءات الفريدة وتوفر النتائج الخاصة، تحتاج فقط لمن يتعرف على دورها وأهميتها، ولا ينظر للتكلفة اللحظية بها بقدر ما ينظر لتوفيره موارد الدولة وقدراتها وتوفيره التكلفة على نفسه، وما أطالب به تعظيم الجهات المختلفة للإفادة من هذه المراكز والعمل على تأسيس مراكز جديدة موثقة ومعتمدة تمثل شريان أفكار خلاقة، كما أدعو القائمين على كبرى المراكز الفكرية أن يوظفوا لديهم شباب الخريجين والباحثين وأوائل الجامعات لنحقق ما يدعو له الرئيس باستمرار.