وتتجاوز جذور الليبرالية ثورة ٩١٩١ وما كادت تتبلور هذه التجربة فى منتصف القرن العشرين حتى قامت ثورة يوليو التى حدت من تنامى قوة التيار الليبرالى فى مصر إلا أن التاريخ الحديث يزخر بالعديد من دعاة الفكر الليبرالى ورموزه فى مصر ومنهم أحمد لطفى السيد وعلى عبدالرازق ونجيب محفوظ.
هناك ثمة اختلافات بارزة بين الليبرالية الحديثة فالليبرالية الكلاسيكية تتميز بالإيمان بدولة الحد الأدنى التى تقتصر وظيفتها على حفظ النظام الداخلى والأمن الشخصى بينما تقبل الليبرالية الحديثة بأن الدولة يمكن لها أن تساعد الناس فى مساعدة أنفسهم وتعكس الليبرالية تطلعات الطبقات الوسطى الصاعدة ولعل ذلك من أكبر التحديات التى تواجه أغلب الدول النامية خاصة مع تتابع الأزمات الاقتصادية مثل جائحة كورونا ثم الحروب فى أوكرانيا وفلسطين حتى كاد المنتمون لتلك الطبقة أن يندثروا.
لقد تصارعت مصالح الطبقة المتوسطة – قديما – مع القوة الراسخة للملوك والأرستقراطية المالكة للأرض فاستهدفت إحداث إصلاح أساسى وفى بعض الأوقات التغيير الثورى وجسدت كل من الثورة الانجليزية فى القرن السابع عشر والثورتين الأمريكية والفرنسية فى أواخر القرن الثامن عشر ذلك بصورة واضحة حيث تحدوا السلطة المطلقة للملكية التى يفترض أنها تقوم على عقيدة الحق الإلهى المقدس للملوك وحديثا تصارع من أجل البقاء فكثرة التحديات أصبحت تشكل خطورة بالغة على أبناء الطبقة المتوسطة وأصبحوا مهددين بضياع كافة حقوقهم.
ولقد أثرت التطورات التاريخية منذ القرن التاسع عشر بوضوح على طبيعة ومحتوى الأيديولوجيا الليبرالية فمع نجاح الطبقات الوسطى الصاعدة فى ترسيخ سيطرتها الاقتصادية والسياسية تغير طابع الليبرالية حيث خفت الوهج الراديكالى وحتى الثورى الليبرالية مع كل نجاح لها وهكذا أصبحت الليبرالية تتسم بالمحافظة والإصلاح بصورة متزايدة وأخذت تدعو بدرجة أقل للإصلاح والتغيير الهادئ وبدرجة أكبر للحفاظ على المؤسسات القائمة وبحلول عام ٠٠٠٢ أصبحت هناك أنظمة سياسية ذات ملامح ديمقراطية ليبرالية بارزة فى قرابة ثلثى دول العالم وإن كانت تندرج تحت تصنيف «الليبرالية الاجتماعية» بشكل أعمق.. وللحديث بقية.