القرارات الشجاعة لوزير التعليم الدكتور محمد عبداللطيف بإغلاق السناتر وإلغاء تراخيص الكتاب الخارجي.. لا يجب أن تكون مجرد قرارات ثورية يكون مصيرها الأدراج.. ويجب أن تتبعها خطوات عملية تنفيذية.. يجعل المدارس جاذبة للطلاب وليست طاردة.. وتلك مهمة ليست سهلة.. وتحتاج جهدًا وإرادة.. ومتابعة دقيقة للمعلمين وأسلوب شرحهم داخل الفصول.. لأن نفس مدرس الفصل الذى يأتى للمدرسة ويوقع فى دفاتر الحضور ويستغل الفصول للترويج لنفسه وجمع أكبر عدد من الطلاب للسناتر التى يدرس فيها.. ولا يشرح داخل الفصل بنفس جودة وتفصيل السناتر.. هو ذاته ذائع الصيت امبراطور السناتر والدروس الخصوصية والذى يحجزه الطلاب من الاجازة الصيفية.. ولو أعطى بضمير داخل الفصل وبنفس جودة السناتر لكانت المدرسة جاذبة ومفيدة وما كانت هناك سناتر ولا دروس خصوصية تكلف ميزانية الأسرة المصرية الملايين.. ولو وضعت الوزارة كاميرات مراقبة للشرح والأداء للمعلمين داخل الفصول.. وكان الأداء هو معيار الترقية والكادر والراتب.. لتغيير الوضع وحرص كل مدرس على درجته وتقديره.. أو استقال إذا لم يكن فى حاجة للوزارة ومدارسها ويترك الفرصة لغيره.. لمن يستطيع أن يعطى بأمانة لطلابه.. وأول خطوات المدارس الجاذبة.. أن يشعر الطالب بأن الإفادة العلمية والشرح الوافى والاستيعاب الكافى الذى يغنيه عن الدروس الخصوصية لن يجده إلا فى فصول المدرسة.. عندها ستكون المدارس جاذبة ولن تكون هناك حاجة إلى السناتر ولا الدروس الخصوصية.. والكرة فى ملعب الوزارة ومدارسها.. وبيد الوزارة بعد القرارات الشجاعة أن تكون مدارسها بديلاً للسناتر.. وتغنى عن الدروس. وفى يدها أيضًا أن يكون الكتاب المدرسى أفضل من الكتاب الخارجي.. خاصة أن مؤلف الكتاب الخارجى هو نفس المدرس الذى يعمل بمدارس الوزارة ويشارك فى وضع الكتاب المدرسي.. وأذكر فى بداية السبعينيات ونحن فى الشهادة الابتدائية كان مؤلف أول كتاب خارجى شهير هو نفس مؤلف كتاب الوزارة.. شرح مبسط واف فى الكتاب الخارجي.. وغموض وطلاسم وألغاز فى الكتاب المدرسي.. وكان السبب فى ذلك وجهة نظر قد تكون منطقية آنذاك وهى أن الكتاب المدرسى «قسمان» الأول معلومة غامضة فى الكتاب ومدرس الفصل يزيل الغموض ويوضح.. ولذلك يصبح الطالب مجبرًا على الذهاب للفصل والمدرسة.
>>>
وتلك نظرية قد ثبت عدم جديتها منذ زمن بعيد لكن أصرت الوزارة على الغموض وعدم الوضوح والتبسيط حتى اكتسح الكتاب الخارجى الأسواق وحقق أرباحًا بالمليارات.. وإلى الآن يحقق الكتاب الخارجى من الصف الأول الابتدائى وفى جميع المواد إلى الثانوية العامة أرباحًا بالمليارات.. ويبقى الكتاب المدرسى دون جدوى أو فائدة رغم أنه يكلف الدولة المليارات.. دون تصحيح مسار الكتاب المدرسي.. وجعله بنفس جودة وتبسيط الكتاب الخارجى وتلك خطوة ليست اختراع ذرة.. وفى منتهى السهولة، فإما أن تجود الوزارة كتابها.. وتنفذ إلغاء تراخيص الكتب الخارجية أو تعيد الطالب للمدرسة وتلزم كل معلميها بالشرح الوافى بأمانة وإخلاص لتعود للمدرسة وللمعلم المكانة الرفيعة التى كانت عليها.. وتعود المدرسة معقل العلم.. والمعلم فى منزلة الرسل وأصحاب الرسالات السامية.
>>>
أما الخطوة المهمة والتحدى الحقيقى أمام الوزير الجديد فهى كيف يقضى على «بعبع» الثانوية العامة.. وحالات الغش الجماعى وفضائح لجان المجموع الواحد.. وحصول لجان بأكملها على مجموع 98 ٪ وكأن ورقة الإجابة واحدة لدى جميع الطلاب.. ناهيك عما يسمى بلجان المناطق النائية.. والتى يتفنن البعض فى التحايل وتحويل الطلاب قبل الامتحانات بأسابيع إليها.. وبدلاً من القضاء على الغش الجماعى فى تلك اللجان.. ألغت النقل قبل الامتحانات.. واشترطت أن يكون الطالب قد أمضى عامًا بأكمله بمدارس اللجان النائية الشهيرة بالغش الجماعى ومجاميع كليات القمة.. ولم تكن تلك معضلة.. فيتم النقل من نهاية الصف الثانى ليقيد الطالب سنة كاملة.. وكان الأجدر أن تحارب الوزارة ظاهرة الغش الجماعى على المستوى العام.. بدلاً من المسكنات واستمرار التحايل على اللوائح..
>>>
إن أمام وزير التعليم الجديد «ثلاثة تحديات» سيدخل التاريخ من أوسع الأبواب لو استطاع إيجاد الحلول العملية لها.. الأول.. القضاء على السناتر والدروس الخصوصية.. تفوق الكتاب المدرسى على الخارجي.. والتحدى الثالث.. إنهاء أسطورة «بعبع» الثانوية العامة والغش الجماعي.