لسنوات طويلة ظل المواطن أسير ما يصل إليه من معلومات عبر مصادر مختلفة لكنها غير رسمية وكثير منها مغرض فكانت معلوماته مغلوطة وأحيانا مشوهة تطعن في كل إنجاز يتحقق وكل بقعة على أرض مصر ورغم ذلك كان البعض يتعامل مع هذه المعلومات وكأنها حقيقة لأنه لا يجد مسئولا يتحدث أو يظهر الحقيقة ويرد على الأكاذيب، كانت هناك حالة انفصال تام منحت مساحة كبيرة لدعاة الفتنة وصُناع الأزمات والكارهين كي يتلاعبوا بعقول كثير من المواطنين.
ولهذا لم يكن غريبا أن يطالب الرئيس السيسى قبل شهور الوزراء والمسئولين بأن يتحدثوا للناس ويشرحوا ما يجرى فى البلد والتحديات التى تواجهها الدولة والمخاطر التي تتعامل معها وأن يظهروا ما يتحقق على أرض الواقع ويكشفوا حقيقة كل شيء بلا خجل أو حرج، كان الرئيس وهو يتحدث يعبر عن مطلب شعبي حقيقي لأن المصريين لا يريدون سوى شيء واحد.. أن يفهموا ما يحدث حتى يدركوا الحقيقة ولا تخدعهم الأكاذيب التي تروجها مليشيات السوشيال ميديا والإعلام الموجه.
ومنذ تشكيل الحكومة الجديدة أصبح المؤتمر الصحفي الذي يعقده د. مصطفى مدبولى عقب اجتماع مجلس الوزراء كل أسبوع، جزءا من الاطمئنان لدى المصريين والرسائل التي يطلقها خلال هذا المؤتمر أصبحت وسيلة مهمة وفعالة فى الوصول إلى الناس وإظهار الحقائق لهم. وأن يفهموا ما يحتاجون فهمه من موضوعات.
حديث مدبولي الأسبوعي أصبح بالفعل أقرب إلى حوار مباشر مع المواطنين وشرح لكل الملفات والتفصيلات التي تشغلهم على مدار أيام الاسبوع، في نهج لم نعتده من قبل، ومع ترسيخه سيكون تأثيره كبيرًا على الرأى العام، خصوصاً وأن رئيس الحكومة لا يضع سقفا لحديثه ولا يمتنع عن الكلام في أي موضوعات من الاستثمارات الكبرى والمشروعات والملفات المهمة وقضايا الأمن القومي الاقتصادية والاجتماعية وصولا إلى سعر الطماطم والأدوية والحالات الصحية والأزمات الطارئة وأحيا انا الشكاوى الفردية، وكله كلام بالمعلومات دون مواربة أو تجميل أو تهوين أو تهويل هذا في حد ذاته اسلوب مختلف وإيجابي، فقبل ذلك كان البعض يرى أنه ليس دور رئيس الحكومة أن يتحدث في أمور غير استراتيجية أو تفاصيل بعيدة عن الخطوط العامة.
لكن الدكتور مدبولى تجاوز هذه الخطوط ويسير على نهج الرئيس السيسى ويتحدث عما يهم المواطن وبلغة بسيطة تصل لكل الفئات، وهو ما يزيد المصداقية ويفتح ابواب الثقة بينه وبين المواطن، والأهم أنه يسد كل الثغرات ويغلق كل الأبواب أمام مروجي الشائعات والأكاذيب، الذين كانوا يستغلون الصمت الحكومي لإطلاق أكاذيبهم في الفضاء كما يشاءون، ويشككون في كل شيء ويحرضون المواطن، مع الحديث الأسبوعي لمدبولي وانفتاحه على الجميع وعدم وضع خطوط حمراء لما يتحدث فيه أصبحت المعلومات متوافرة سواء للمواطن أو وسائل الإعلام ولم يعد هناك مجال للشائعات ولا مساحة لتصديق الأكاذيب أو التأثر بها، فكل ما يريد المواطن معرفته سيسمعه من الرجل الأول في الحكومة وعلى الهواء مباشرة، وكل ما يحتاج تفسير يوضحه، وكل ما يثور حوله الجدل يحسمه، وكل ما تنوى الحكومة اتخاذه من قرارات سيتحدث عنه ويقدم مبرراته ويرد على ما يتعلق به من استفسارات أو حتى مخاوف، وهذا هو ما يحتاجه المصريون وطالبوا به كثيرا، فالمواطن يحتاج أن يفهم، وعندما يكون الفهم عن طريق رئيس الوزراء فهذا يؤكد للمواطن أن الحكومة ليست بعيدة عنه بل تهتم به وحريصة على أن توضح له وتشركه في القرار.
وليت الدكتور مدبولى لا يتوقف عن هذا النهج أو يفرط فيه بل يجعله عرفا حكوميا ويقدم من خلاله هو ووزراءه رؤية الحكومة في الملفات المختلفة، فهذا هو الطريق الأفضل إلى اكتساب ثقة المواطن وربما رضاؤه، والقضاء على الشائعات والأكاذيب، وأعتقد أنه لو أجريت دراسة عن الشهر الأخير فسنجد أن هناك تراجعا في تأثير هذه الأكاذيب وشائعات مليشيا السوشيال ميديا الإخوانية، والسبب أن رئيس الوزراء يتحدث للناس.. والوزراء أيضا يتحدثون.