مازالت تداعيات تفجيرات البيجر الخاص بعناصر حزب الله متواصل حيث أعلن وزير الصحة اللبنانى فراس الأبيض أمس ارتفاع حصيلة ضحايا تفجير أجهزة الاتصال التى يستخدمها حزب الله خلال اليومين الماضيين إلى 37 قتيلا و3539 جريحا.
وأوضح الوزير فى مؤتمر صحفي، أن 12 شخصا قتلوا فى الموجة الأولى من انفجارات أجهزة «البيجر» الثلاثاء و25 شخصا فى الموجة الثانية من الانفجارات التى طالت أجهزة الاتصال اللاسلكى الأربعاء. وقال وزير الصحة إن «عدد الجرحى الذين وصلوا للمستشفيات فى هجمات 2023 ومن بين الجرحى تم تسجيل 1343 حالتهم متوسطة أو بليغة.
من جانبه، طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى مجلس الأمن الدولى الذى يعقد اليوم جلسة لمناقشة الانفجارات اتخاذ «موقف حازم لوقف الحرب التكنولوجية التى تشنها» إسرائيل على بلاده وتسببت بسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحي.
اما حسن نصرالله الامين العام لحزب الله فقد اكد إن إسرائيل تجاوزت كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء، وكانت تعلم أن عدد تلك الأجهزة يتجاوز 4 آلاف، ما يعنى أنها كانت تتعمد فى الحد الأدنى قتل 4 آلاف شخص فى دقيقة واحدة».
أقر نصر الله بأن لبنان تعرض إلى ضربة جديدة أمنية وإنسانية غير مسبوقة فى تاريخ البلاد، وأنها بمثابة إعلان حرب، ومجزرة تستدعى الرد، مؤكدا أنه جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف الحرب على غزة.
أضاف قائلا: «تلقينا ضربة كبيرة وقاسية، ولكن هذا هو حال الحرب والصراع، ونحن نعرف أن عدونا لديه تفوق، ولم نقل غير ذلك، على المستوى التكنولوجي، لأنها ليست إسرائيل فقط، معهم أمريكا والغرب وحلف الناتو، وكل القوى التى تملك التكنولوجيا الحديثة».
وكشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن شركة «بى إيه سي» المجرية التى ارتبط اسمها بتفجير أجهزة «البيجر» فى لبنان الأيام الماضية ما هى إلا جزء من «واجهة إسرائيلية». وكانت شركة «جولد أبوللو» التايوانية لصناعة أجهزة «البيجر»، ذكرت فى وقت سابق أن نموذج الأجهزة الذى استخدم فى تفجيرات لبنان هو من إنتاج شركة «بى إيه سى كونسلتنج»، التى تتخذ من بودابست مقرا ولديها ترخيص لاستخدام علامتها التجارية.
قالت «نيويورك تايمز» نقلاً عن 3 مصادر استخباراتية وصفتها بالمطلعة، إن الشركة المجرية وشركتين وهميتين أخريين على الأقل تم إنشاؤهما أيضا لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص الذين يصنعون أجهزة «البيجر»، وأشارت الصحيفة إلى أن المُصنع الحقيقى لهذه الأجهزة «الاستخبارات الإسرائيلية».
قالت إن شركة «بى إيه سي» تعاملت مع عملاء عاديين وأنتجت لهم مجموعة من أجهزة «البيجر»، لكن «العميل الأهم كان حزب الله، وأوضحت أن أجهزة «البيجر» التى أنتجتها الشركة لحزب الله خصيصا كانت تحتوى على بطاريات مخلوطة بمادة «بينت» المتفجرة، وفقا للمصادر الثلاثة.
حسب «نيويورك تايمز»، بدأ شحن أجهزة «البيجر» إلى لبنان فى صيف عام 2022 بأعداد صغيرة، لكن الإنتاج زاد بسرعة بعد أن حظر زعيم حزب الله حسن نصر الله استخدام الهواتف المحمولة سهلة التتبع، وقرر الاعتماد على أجهزة منخفضة التقنية مثل «البيجر».
قالت الصحيفة نقلا عن مصادرها الاستخباراتية: «أمر نصر الله مسئولى حزب الله بحمل أجهزة البيجر فى جميع الأوقات، وفى حالة الحرب يتم استخدامها لإخبار المقاتلين إلى أين يذهبون. وخلال الصيف، زادت شحنات أجهزة «البيجر» إلى لبنان، حيث وصلت الآلاف منها ووزعت على أعضاء حزب الله وحلفائهم، وفقا لمسؤولى استخبارات أمريكيين.
فى تايوان، قال وزير الدفاع إن فريق الأمن الوطنى فى البلاد «يولى اهتماما كبيرا» لتفجير آلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية (بيجر)، الذى استهدف حزب الله فى لبنان، وذلك بعد ربط اسم شركة تايوانية بإنتاج تلك الأجهزة.
قال وزير الدفاع التايوانى ولنغتون كو للصحفيين فى تايبيه، إن الحكومة تراقب التطورات عن كثب، وأضاف كو، من دون الخوض فى التفاصيل: «بعد ورود الخبر، علمت أن أجهزة الأمن الوطنى المعنية تولى الأمر اهتماما كبيرا فى الوقت الحالي».
قال المتحدث باسم وزارة الدفاع سون لى فانج، إن المعلومات المعلنة من الشركة هى أنها لم تصنع أجهزة الاتصال. وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالتعاون الدولي، فإن تايبيه تريد نوعا من التعاون يساعد فى الحفاظ على الاستقرار فى مضيق تايوان، و»ليس النوع الذى ينطوى على أى أعمال استفزازية محتملة خارج المنطقة».
وأكدت لى هوى تشيه المتحدثة باسم مجلس الوزراء التايوانى أن أجهزة «البيجر» التى تم تصديرها من الجزيرة «لا تواجه مشكلة التعرض للانفجار. وأضافت أن وحدات الأمن الوطنى تراقب الشائعات على الإنترنت التى يشتبه فى أن مصدرها من الخارج، التى تسعى إلى ربط حكومة تايوان «بشكل خبيث» بالقضية.
و فى اليابان، أعلنت شركة «آيكوم» اليابانية أنها أوقفت قبل نحو 10 سنوات تصنيع طراز أجهزة اللاسلكى التى انفجرت فى لبنان. وأوضحت الشركة فى بيان أن طراز «آى سى فى 82» جهاز لاسلكى محمول كان ينتج ويصدر إلى مناطق منها الشرق الأوسط من 2004 إلى أكتوبر 2014.
أضافت: «أوقف انتاجه قبل 10 سنوات تقريبا. ومنذ ذلك الحين لم يتم شحنه من جانب شركتنا. وقالت الشركة إن البطاريات اللازمة لتشغيل الجهاز تم إيقاف إنتاجها أيضا».
كما ذكرت أن المنتجات التى تصدرها إلى الخارج تخضع لعملية تنظيمية صارمة وضعتها الحكومة اليابانية. أفادت أن «كل أجهزتنا اللاسلكية تصنع فى فرعنا للإنتاج واكاياما آيكوم إنكوربورترايد فى منطقة واكاياما فى ظل نظام إدارة صارم، لذا لا تستخدم فى المنتج أى قطع أخرى غير تلك المحددة من جانب شركتنا».
يأتى هذا بينما، أعلن الجيش اللبنانى تفجير أجهزة «بيجروأجهزة اتصال مشبوهة فى مناطق مختلفة، ودعا الجيش، فى منشور على منصة «إكس»، المواطنين إلى الابتعاد عن أماكن التفجير، والإبلاغ عن أى جهاز أو جسم مشبوه وعدم الاقتراب منه.
فى الوقت نفسه، وجهت المديرية العامة للطيران المدنى تعميماً إلى شركات الطيران العاملة فى مطار رفيق الحريرى بالعاصمة بيروت يقضى بمنع نقل أى جهاز «بيجرأو لاسلكي»واكى تاكي»على متن الطائرات.
نص التعميم على أن «يطلب من كل شركات الطيران العاملة فى مطار رفيق الحريرى – بيروت، إبلاغ جميع الركاب المغادرين عبر المطار، بأنه وحتى إشعار آخر يمنع نقل أى جهازعلى متن الطائرة، سواء داخل حقيبة السفر أو حقيبة اليد، وكذلك بواسطة الشحن الجوي، وإلا سوف تتم مصادرة تلك الأجهزة من الوحدات الأمنية المختصة فى المطار».