بيد أننا لم ننجح فى القضاء على ظاهرة العشوائيات الثقافية والفكرية والسلوكية بنفس القدر الذى تحقق فى القضاء على عشوائيات البناء والقضاء على المناطق الخطرة، العشوائيات التى أقصدها ترتبط بالسلوكيات الخاطئة المضللة التى نراها تصدر من أناس لا يستحقون أماكنهم بعد أن فقدوا مكانتهم، أولى هذه الظواهر العشوائية هى الفوضوية التى تحكم عملية الإفتاء فى الأمور والمسائل الدينية والشرعية، تابعنا العديد من هذه الحماقات منذ فتاوى إرضاع الكبير إلى فتاوى اسرقوهم يرحمكم الله، تقوم الدنيا وتقعد دون أن يتسلل مشرط الجراح ليستأصل تلك الأورام الخبيثة، الخطر على الدين لا يحتاج شرحاً والخطر على الوطن يحتاج تذكيراً، فعندما يخرج أحدهم ويفتى بأن التهرب من الضرائب والجمارك والتأمينات حلال شرعاً! وعندما يخرج أحدهم ويحلل تجارة الآثار! وعندما يطل علينا صاحب هذا الوجه الكريه الذى يقطر سموماً وكراهية ويقول اسرقوهم يرحمكم الله! هذا الدجال للأسف الشديد أستاذ فى جامعة الأزهر ولا أعلم حتى الآن هل هو على قوة الأزهر الشريف أم استقال أم أقيل؟ ولا أعلم كذلك أهو فى مصر أم فى الخارج، دخلت على صفحة هذا الدجال فوجدت العجب العجاب، ما هذا الهراء باسم الدين؟ ويتجرأ على الله ورسوله ويقول اسرقوا ترحموا!! والذى نفسى بيده لو كان سيدنا محمد بن عبدالله بيننا لأقام عليه الحد، ولو كان بيننا الخليفة أبو بكر لفعل فيه ما فعله فى مانعى الزكاة، عموماً علينا أن نكون على ثقة أن الوعظ والإرشاد لن يأتى مفعوله فى مثل هذه الأمور، القانون والتشريع والدستور هو الحل، لا يمكن أن تستمر هذه الفوضى العارمة التى تضرب أروقة عالم الفتوي، لدينا الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، لدينا علماء أجلاء وهيئات شرعية رصينة ويشار إليها بالبنان، فكيف يقفز هؤلاء الحواة ليفسدوا المشهد ويعيثوا فساداً فى الأرض؟ لابد من تدخل تشريعى عاجل ينظم عمليات الفتوى وتدخل تشريعى عاجل لمعاقبة ومحاسبة كل من ينشر أو يذيع أو يروِّج عن عمد لهذه الأفكار والفتاوي، نحتاج كذلك إلى سرعة رد من المؤسسات الدينية المعنية بالفتوي، فلا يعقل أن تصدر فتاوى فاسدة من البعض ونجد الصمت هو رد الجهات المنوط بها الفتوى وأمور الدعوة، على صعيد آخر نجد حالة من الفوضى والعشوائية الشديدة فى مجابهة التطرف بمزيد من التطرف على الجانب العكسي، فالإلحاد ليس طريقاً لمجابهة التطرف الديني، كلاهما ممقوت ومرفوض، التطرف نحو الدين يصل إلى الإرهاب والتطرف بعيداً عن الدين يقودنا إلى الإلحاد، فكيف يمكن لنا أن نتدخل تشريعياً لمجابهة ظواهر الهجوم على الدين وصولاً إلى الإلحاد التام؟ ظاهرة ثالثة أراها تدعو للقلق والغضب وهو اعتياد تلك الظواهر، بمعنى أن تجد المجتمع وقواه الفاعلة لا تغضب ولا تنتفض لمجابهة هذه الظواهر الدخيلة والغربية، لقد كانت ظاهرة التفكك الأخلاقى فى بعض المواقف ناقوس خطر للجميع لكن لا أحد انتبه ولم يتحرك أحد بالشكل المطلوب، حتى وصلنا إلى ظاهرة التعامل مع المثلية والشذوذ على أنها قضايا ترتبط بالحريات والحقوق الشخصية وبات البعض يدافع علناً عن الحق فى النيل الجنسى والتحولات الجندرية دون اعتبار لقيم وثقافات المجتمع، يبدو أن هناك شبكة من النهايات الطرفية تخدم تلك الظواهر العشوائية، فهناك من يدافع عن التطرف والإرهاب وهناك من يتبنى أفكار الإلحاد ويروج لها على أنها قضايا مرتبطة بالتنوير ويتم خلط الأوراق بين ما هو مشروع وما هو مقبول وغير ذلك، وهناك عبر العديد من الأدوات والتطبيقات من يستملح ويدافع ويتبنى الأفكار المنحرفة أخلاقياً كما اسلفنا، والحقيقة لن نقوى على مطاردة الأفكار إلا بالأفكار ولن نقوى على حماية جبهتنا الداخلية إلا بالفهم الصحيح والوعى الحقيقى غير الزائف وكذلك القوة فى المواجهة وعدم البقاء فى المناطق الرمادية مهما كانت التكلفة