إذا تأملنا فى حياة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام نجدها مليئة بالعظمة، فهو الرسول والنبى الذى ختم الله به أنبياءه وقد اصطفاه على كل البشر.
الرسول صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، قد أرسله الله سبحانه وتعالى بالهدى ودين الحق، وهو محمد بن عبد الله من قبيلة قريش اختاره الله سبحانه وتعالى رسولاً للناس ليهديهم إلى الصراط المستقيم، وليخرجهم من العقيدة الباطلة واقتلاعها من جذورها إلى نور الإسلام والتوحيد، إن رسولنا هو منارة لسائر المسلمين وهو الشخص والنموذج الذى يجب أن يقتدى به.
إن انصاف الرسول عليه الصلاة والسلام بالذكر الطيب لم يبدأ عند نزول رسالة الإسلام بل كان يعرف بالخلق الحسن منذ طفولته وشبابه، وقد لقب بالصادق الأمين كناية عن صدقه فى القول والفعل، وكان أمينا فى التجارة حيث إنه كان يرد الودائع لأصحابها ويقوم بالبيع والشراء بكل صدق وأمانة، فلم يسرق ولم يظلم قط ولم يرتكب أى سوء أبدأ طيلة حياته، وكان خلقه القرآن الكريم فكانت له صفات عظيمة قد حباه الله بها عن غيره من البشر، وإن هذه الصفات لا تعد ولا تحصى منها الزهد والتواضع، والرأفة والشجاعة بالإضافة إلى أنه تحلى بالحكمة والكرم ومكارم الأخلاق وصلابة الإيمان، وكان عليه الصلاة والسلام يعطف على اليتيم ويحترم الجار وتميز برجاحة عقله وغيرها من الصفات التى من الله عليه بها. وقد شهد الله سبحانه وتعالى بأخلاقه فى قوله عز وجل: وإنك لعلى خلق عظيم، وقال عنه البراء بن عازب كان أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقاً، وقد تميز بحنوه وحبه لأهل بيته فقد كان يساعد فى الأعمال المنزلية، فقد كان يكنس بيته ويحلب الشاة، ويعد الطعام بنفسه، وكان يصلح نعله، وتميز أيضاً بحبه لأصحابه، وكان يتقدم صفوف المحاربين ويدافع ويجاهد فى سبيل الله، فلم يغضب أبداً لنفسه وإنما إذا غضب كان يغضب غيرة على الدين، وقد جمع رسولنا الكريم فى معاملته مع الآخرين بين اللين والشدة. فكان لا يتهاون أبدا فى حقه أو فى أمور الدين رغم اتصافه باللين، وكانت شدته تتضمن العدل والحكمة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.
ومن أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام انه كان يسأل عن جاره، فقد سأل عن جاره اليهودى الذى كان يسيء له، فعندما علم أنه مريض ذهب لزيارته وليطمئن عليه، وقد ورد فى حديث شريف عن أنس رضى الله عنه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً.
إن النبى عليه الصلاة والسلام معروف عند أهل مكة بالأمانة ويثقون به، فكان كل من يملك شيئاً ثمينا يقوم بإيداعه عند الرسول فهو صادق مع الله عز وجل وصادق مع الناس على الرغم من أن أهل قريش لم يؤمنوا بالله ورسوله ولكنهم كانوا يخبئون أماناتهم عنده، وعندما اشتد أذى المشركين للرسول عليه الصلاة والصلاة وأذن الله له بالهجرة إلى المدينة، كان لدى الرسول عليه الصلاة والسلام أمانات لبعض المشركين الذى كانوا يريدون قتله، فما كان من النبى إلا أن طلب من ابن عمه على بن أبى طالب أن ينام مكانه ليلة الهجرة حتى يرد الأمانات إلى أصحابها، حتى لا يظن أحد أن النبى لم يحافظ على هذه الأمانات.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحب أصحابه كثيراً فكان دائم السؤال عنهم وعندما يلتقيهم بوجه بشوش، فالحب هو نعمة من نعم الله تعالى حيث إنه يوثق العلاقات بين المسلمين، ومن الاحاديث النبوية التى توضح طيب خلقه وحسن معاملته للآخرين «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم. وأعظم ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق»، «إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا»، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا».
إن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لكل مسلم يقتدى به فقد قال رسولنا الكريم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وخير دليل على عظمة رسالة النبى صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى ختم النبوة برسالته المباركة فلا نبى بعده ولا رسولاً ويقول تعالى «ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رَجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا».
وإذا تأملنا وبصدق وعقلانية وصفاء نفس الأخلاقيات الرسول صلى الله عليه وسلم فاين نحن منها فى مجتمعنا اليوم الذى تطغى عليه الماديات وتحكمه معايير لا تمت للاخلاق والقيم بشئ.
ومن هنا وبهذا المناسبة العظيمة ونحن نحتفل بذكرى ميلاد سيد الخلق علينا ان نتخذ من رسالته القدوة ومن أخلاقه الدستور المنظم لحياتنا ولكل علاقات المجتمع وان تحكمنا الامانة والصدق والتواضع والخلق الطيب وحب الخير ونبذ الفتنة والنفاق والخيانة لنحيا حياة كريمة على هدى الرسول صلى الله عليه وسلم.