أحياناً نضحى براحتنا من أجل سعادة غيرنا وأحياناً نغفل عن احتياجاتنا من أجل تلبية رغبات الآخر ظناً منا أن الحياة ستكون أفضل بفضل محبتهم لنا لكن سرعان ما نكتشف أننا ساعدنا فى تعزيز الأنانية عندهم لأنهم اعتادوا الأخذ وفقدوا القدرة على العطاء.
منذ أكثر من عشرين عاماً كانت لى صديقة نجحت فى خطف قلبى قبل عقلى بسبب أدائها الكوميدى فى الحياة إلا أنها كانت تعيش مأساة بفضل جبروت والدها الذى كان يرفض فكرة بقائها فى القاهرة بعد إنتهاء دراستها لذا حاولت جاهدة مساعدتها من أجل تحقيق حلمها فى الحياة وكثيراً ما كنت ألغى الكثير من مواعيدى من أجل الذهاب معها إلى مواعيدها حتى يطمئن والدها.
كنت أفعل ذلك وأنا فى غاية السعادة لأنى أرى سعادتها فى تحقيق حلمها لكنى لم أر أنها لا تبالى إلا بذاتها حتى كان الحادث الذى تعرضت له حال عبورى كوبرى عباس بعد أن أطاح بى تاكسى طائش لأجد نفسى بعدها أجلس بمستشفى مبرة مصر القديمة لخياطة ما بى من جروح.
وقتها كنت وحيدة فى القاهرة فاتصلت بصديقتى لتأتى وتمكث معى بعد أن أعجزتنى أوجاعى عن الحركة ليأتى ردها أكثر وجعاً حيث رفضت المجئ لأنها ستذهب لمشاهدة أحد العروض المسرحية..قالت هذا دون أن تبالى بما قدمته لها من تضحيات.
كثيراً ما نأتى على أنفسنا من أجل الآخر الذى لا يبالى بوجودك إلا من أجل تلبية رغباته وقد يكون الآخر صديقاً أو زوجاً أوحتى ابن وهذا أكبر خطأ نرتكبه فى الحياة ليس فى حق أنفسنا فحسب بل فى حق الآخرين الذين سيعانون من أنانية هؤلاء فيما بعد.
قد تضحى الأم من أجل صغارها فينشأ كل منهم على فكرة الاتكال على الآخر وقد تأتى المرأة على نفسها من أجل إسعاد زوجها والعكس صحيح وتكون النتيجة طرف أنانى فى العلاقة يحيل حياة الطرف الآخر إلى جحيم.
أياً كانت العلاقة فلابد أن يكون هناك تكافؤ فى العطاء بين الطرفين فلا تمنحوا الآخر دون أن يبادلكم العطاء حتى لا تجدوا أنفسكم ضحية علاقات سامة قادرة على تدميركم وقتها لن يجدى الندم على خطأ التضحيات.