تخيلوا لو أن دولة عربية أو إسلامية صدر بحقها قرار من مجلس الأمن يلزمها بأمر كوقف الحرب على دولة أخرى ولم تلتزم فماذا يمكن أن يحدث تجاهها من المجتمع الدولى .
بكلام آخر : لو أن قرار مجلس الأمن الذى صدر بتاريخ 31 مايو 4202 وحمل رقم 5372 وتضمن ثلاث مراحل لإنهاء الحرب على غزة تمامًا لم تكن اسرائيل طرفًا فيه، والطرف الذى لم يستمع للقرار دولة عربية أكان المجتمع الدولى يصمت تجاه هذه الدولة؟
من المؤكد أن العالم كله كان سيجند ضد هذه الدولة لأنها لم تستمع لقرارات مجلس الأمن، ولأنها دولة خارجة على الإجماع الدولى وبسرعة تتم التدابير وتستخدم الآليات القانونية لتأديب هذه الدولة وإلزامها بما رآه مجلس الأمن كأن يتم تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذى يتضمن استخدام القوة ضد دولة ما لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن خاصة لو كانت هذه الدولة عربية وخارجة عن إطار العباءة الأمريكية. فلا شك أنه سيسارع إلى تفعيل هذا الفصل الذى يتضمن بعد حديثه عن حق المجلس فى استخدام القوة المادة 42 والتى تقول «إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها فى المادة 41 لا تفى بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولى أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصار والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء «الأمم المتحدة».
ليس هذا فقط وانما الماضى القريب مازالت صورة ماثلة أمامنا حيث ادعت أمريكا أن العراق بها أسلحة دمار شامل ثبت بالتفتيش من قبل الأمم المتحدة والذى سمحت بها العراق نفسها عدم وجود هذه الأسلحة ومع ذلك قررت أمريكا تدمير العراق دولة وجيشا ومجتمعا حتى إعادته إلى البدائية الاولى وقتلت أكثر من مليون عراقى فضلا عن الرئيس العراقى صباح عيد الاضحى فى إشارة إرهابية واضحة بالإضافة إلى سلوكيات بشعة ارتكبها الجنود الامريكان فى حق هذا البلد من نهب واغتصاب وغير ذلك ولم يتحدث أحد. لم يتحرك المجتمع الدولى ليسائل أمريكا عما فعلت بعيدا عن مظلة الأمم المتحدة.
القضية هنا التى أريد أن أشير إليها هى أن العدالة الدولية باتت فى خطر وأن القانون الدولى بات يطبق على الضعفاء فقط فالقوى الكبرى تملك حق الفيتو الذى يحميها من تطبيق أى عقوبات عليها مهما ارتكبت بل يحمى الدول التى تدور فى فلكها من العقاب أيضا مثلما نرى فى حالة أسرائيل التى تفعل ما تشاء وهو مطمئنة أن أمريكا ستستخدم حق الفيتو لحمايتها بل ستستخدم قواتها وسياستها فى الدفاع عنها وبالتالى تقوم بإبادة شعب كامل وهو الشعب الفلسطينى أمام أعين العالم وهى آمنة . وهو أمر من المؤكد أن دولا كثيرة فى العالم لن تصبر عليه طويلا خاصة الدول التى تمثل تكتلات معينة كان يجمعها دين أو قومية أو عرق أو مصالح كان تريد رفع ما يقع عليها من ضرر أو التخلص من هذا النظام الظالم.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن ناموس الكون الذى أراده له ربه قضى بأن الظلم إلى زوال دائما مهما طال أمده ، وأن العدالة من عوامل الاستمرار وطول البقاء للمجتمعات عامة وخاصة وبالتالى فعلى العالم أن يفكر بطريقة إصلاح لمنظومة مجلس الأمن والأمم المتحدة حتى لا يصحو يومًا على جانب كبير من المجتمع الدولى وقد أعلن الخروج من تحت هذه المظلة والكفر بها والتكتل فى إطار جديد قد يقسم العالم إلى قوى متصارعة سياسيا وقد يدفع إلى حرب واسعة تطول سنواتها حتى يعود العالم مرة أخرى إلى نظام يجمع الجميع فى إطار قانونى أكثر عدلا بعد أن يتكبد المجتمع الدولى خسائر كبيرة.