علي مدار الأسبوعين الماضيين تناولنا العلاقة بين مفهوم حوكمة المياه والسنغال كما كان واضحا في عنوان المقال ،ولكن قبل أن نختتم المقالة الثالثة ،والتي نهدف من خلالها طرح نموذجا أفريقيا ناجحًا بهدف التأكيد علي ان التعاون بين دول النهر العابر للحدود يحقق التنمية الشاملة لأبناء شعوب هذه الدول المتشاطئة علي نهر واحد ،وهو ما تأكده تجربة دول حوض نهر السنغال ،كما سنوضح بعد ذلك ،ولكن لابد ان نشير الي نقطة من وجهة نظري اعتقد انها هامة وهي حرص مصرّ الدائم والمستمر بتطبيق –الدبلوماسية المائية– والتي كنا اشرنا اليها من قبل ،وهو ما تمثل في توقيع مذكرة التعاون المشترك مع دولة الصومال التي احدثت رد فعل سريع من قبل الجانب الإثيوبي ليطلب العودة الي التفاوض في ملف السد الإثيوبي، وان الدولة الأثيوبية تري ان الحوار هو الطريق الأمثل لحل إيه نقاط عالقة مع مصر والسودان في هذا الملف، وان تتراجع عن اسلوبها، بل وأنها مستعدة للتعاون التام لحل تلك النقاط، وهو ما يعني بصورة اخري ان دبلوماسية مصر المائية –تعتبر صاحبة السبق في التعامل بها، والتجارب القديمة والحديثة مع دول حوض النيل تؤكد ذلك– قبل ان تعرف علي مستوي العالم بهذا المصطلح الذي تعرف به الان ،والأيام القادمة سوف تؤكد مدي نجاح دبلوماسية المياه التي ابتكرتها مصر من زمن ليس قريب، وللحديث في هذا الملف عودة في وقت لاحق، هذه المقدمة في رأيي الشخصي ضرورية قبل ان نستكمل مقالنا حيث ان منظمة الاستثمار لنهر السنغال ناقشت موخراً ملفاً آخر يتعلق بزيادة مستوي إنتاج الطاقة، فهناك سد ثالث للطاقة الكهرومائية وهو سد غوينا بسعة 140 ميجاوات ،وهو قيد الإنجاز، بالإضافة إلي 4 مشروعات علي المدي المتوسط ستمكن من تحسين تنظيم تدفقات نهر السنغال وتثمين إمكانات الحوض في مجال الطاقة والموارد الزراعية، وهي سد كوكوتامبا (294 ميجاوات) وسد وبورية (114 ميجاوات) وسد جورباسي (18 ميجاوات) وسد بالسا (181 ميجاوات)، وعند الانتهاء من هذه المشاريع من المتوقع أن يصل إنتاج الطاقة في حوض نهر السنغال إلي قدرة مركبة تبلغ حوالي 2000 ميجاوات.
ايضا يقوم القادة حاليا بتكليف الخبراء الفنيين من الدول الأعضاء بإعداد نموذج جديد لتوزيع التكاليف والرسوم حيث تستخدم المنظمة الاقتراض أجل تمويل مشاريعها الكبري وسيمكن هذا النموذج من تحديد حصة كل عضو من تحمل تكاليف هذه القروض .
وقد حصلت منظمة تنمية نهر السنغال مؤخرًا علي درجة عالية في المقارنة العالمية لمؤشرات التعاون في مجال المياه التي أعدتها مجموعة التفكير الاستراتيجي الدولية ،حيث حصلت المنظمة علي درجة 91 في معدل التعاون في المجال المائي، « يحسب المعدل من 100/0» نقطة والذي يفحص التعاون النشط من قبل البلدان النهرية في إدارة موارد المياه باستخدام 10 معايير، بما في ذلك الجوانب القانونية والسياسية والتقنية والبيئية والاقتصادية والمؤسسية، وهو ما يعني أفضل أداء ومعني الأداء العالي في حاصل التعاون المائي يعني أيضًا انخفاض احتمالية النزاعات بين الدول في الحوض المشترك .
خارج النص:
مصر تتحرك بحكمة بالغة، وصبر في كافة الملفات الخارجية التي تواجهها خاصة علي الصعيد الإقليمي والأفريقي بصفة خاصة والأيام القادمة سوف تؤكد للجميع ان القيادة السياسية لديها من القدارات التي تظهر بوضوح فى الوقت المناسب.