إنه شهر ربيع الأول.. فيه ميلاد النور الذى هدى البشرية حيث نبع من أم القرى مكة المكرمة فأضاء للبشرية طرق الهداية والرشاد.. إنه المختار من ربه، رب العزة جل فى علاه الذى حفظه حتى وهو جنين فى بطن أمه السيدة الشريفة العفيفة آمنة بنت وهب.
إنه المصطفى راعى الغنم الأمين الذى اختارته واحدة من اشراف مكة ليكون الأمين على أموالها ثم لما رأت منه ما هو أكثر من الأمانة.. طلبته ليكون زوجًا لها يحمى حماها ويذود عنها رغم فارق السن والمستوى الاجتماعى بينهما.. إلا أن اختيارها الصادق الأمين أثبت بُعد نظر هذه السيدة فكانت فى الأربعين من عمرها وهو فى الخامسة والعشرين كانت الزيجة الطيبة.. إنها السيدة خديجة بنت خويلد أولى زوجات المصطفى »صلى الله عليه وسلم« والتى رُزق منها بالولد وكانت السند والمعين له وعليه هبط »وحى« السماء عندما كان يغادر منزل الزوجية إلى غار حراء للتعبد والتأمل فى كون الله الفسيح.. وكيف استقبلته – رضى الله عنها – وهو عائد من الغار بعد نزول الوحى عليه لأول مرة وهو يرتعد صلوات ربى وسلامه عليه قائلاً لها »زملينى زملينى«.
ثم بعدها بدأت رحلته مع الدعوة الجديدة »الإسلام« وكانت دعوته فى بداية أمره سرية آمنت به زوجته خديجة وابن عمه على ثم صديقه الصدوق أبو بكر الصديق.. وبعض من الصحابة.. حتى كان الأمر الإلهى من السماء بالجهر بالدعوة.. وكانت من الله صريحة »فاصدع بما تؤمر وأعرض عن الجاهلين«.. فكان أن جمع الرسول العشائر من أهل مكة ونادى فيهم أنه رسول الله مُنزل من عند ربه.. عارضه أقرب الناس إليه عمه »أبو لهب« وقال صراحة »تبا لك ألهذا دعوتنا.. ولكن فى المقابل لاقت دعوته قبولاً لدى كثير خاصة الضعفاء منهم فنالهم ما نالوا من العذابات من صناديد الكفر فى قريش فكان أن استشهد بعضهم جراء هذا العذاب الذى تعرضوا له.. ولكن كانت قوة إيمانهم دافعهم لمواصلة جهادهم مع الرسول الأعظم، واعتبرت رحلة الهجرة من مكة إلى يثرب واحدة من أعظم نماذج العزم وقوة الإرادة.
خرج الرسول وصاحبه الصديق وكانت المعاناة شديدة ولكن إن كانا هما اثنين فالله تعالى كان ثالثهما ونجحت الرحلة المباركة وكان الاستقبال الحافل من أهل يثرب.. وبعدها بدأت الدولة الإسلامية تضع اللبنات الأولى لنشأتها وبدأ الدين ينتشر فى مشارق الأرض ومغاربها حيث توسعت دولة الإسلام لا فى الجزيرة العربية فحسب بل جابت جيوش الفتح الإسلامى معظم أراضى المعمورة وامتدت رقعة الدولة الإسلامية من الصين شرقًا إلى المغرب غربًا من الأندلس شمالاً إلى الحبشة جنوبًا وأشرقت الأرض بنور ربها وانتشر الإسلام بمبادئه السمحة ودخل الناس فى دين الله أفواجا.. ومازالت أمة الإسلام بخير إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها.. كل عام وشعوب الأمتين العربية والإسلامية بكل الخير.