«ما يجيش من الغرب يسر القلب» مقولة بسيطة الكلمات عميقة المعنى كثيراً ما كانت تجرى على ألسنة الشعب المصرى إبان حقبة الاحتلال البريطانى «1882 – 1954» وكان يقصد بها المصريون أن الغرب الأوروبى لن يكون فى يوم من الأيام صديقاً مقرباً يعمل على الصالح لك أو للأجيال القادمة، ومن هنا ترسخ فى الأذهان منذ هذه الفترة الطويلة أن هؤلاء لا يمكن بحال من الأحوال أن يكونوا لنا أصدقاء أو أعواناً.. فهم قد أتوا بجيوشهم وأساطيلهم وكل أنواع العتاد الحربى من احتلالك ونهب خيرات بلادك وبالتالى فلا تأمن لأمثال هؤلاء وحتى وإن تركوا بلادك بعد ردح من الزمان بمقتضى اتفاقيات الجلاء وغيرها وأقمت معهم علاقات مختلفة دبلوماسية وتجارية وغير ذلك فهم المستفيدون من وراء ذلك لأنهم إنما يسِوقون بضاعتهم من خلالك فأنت السوق الرائجة بالنسبة لهم.. أيضاً وهو الأهم عند عرض القضايا الشائكة والتى تهم كل مواطن عربى ومسلم تجد دولاً أوروبية بعينها ومعها الولايات المتحدة تقف على طول الخط ضد كل ما هو حق عربي، فمثلاً القضية الفلسطينية التى كان أساس وجودها يرجع للعام 1917 حين أصدر وزير الخارجية البريطانى وعده المشئوم باقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين وساند هذا الوعد دول الاستعمار جميعاً وحينما انتهت حرب 48، وتحديداً فى الخامس من مايو أعلنت الدولة اللقيطة للكيان الصهيونى كان الغرب الأوروبى والولايات المتحدة وروسيا وغيرها من الدول التى تناصب العرب والمسلمين العداء من أوائل المعترفين بها وحتى يومنا مازال المدد والمساندة والمساعدات باختلاف أنواعها تصب فى صالح الكيان ودليل ما أقول حرب غزة الأخيرة.. منذ اندلاع شرارتها الأولى ودول الاستعمار القديم هى الداعم القوى وما الجسر الجوى الذى يمتد نشاطه بين تل أبيب والعواصم الأوروبية والعاصمة الأمريكية منا ببعيد وليس هذا فحسب بل إن دولاً مثل بريطانيا وإيطاليا جاءت ببعض قطعها الحربية لمساندة العدوان الإسرائيلى أما الولايات المتحدة فكانت مضرب المثل فى الانحياز الساخر والمتمثل فى الدعم اللامحدود من تحريك لقطع الأسطول الخامس والسادس علاوة على انتقال رجال الدولة إلى تل أبيب عقب اندلاع الأحداث بل زد على ذلك كله المشاركة «الفجة» للرئيس الأمريكى فى اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلى المصغر الذى يضع خطط القضاء على شعب فلسطين الأعزل فى غزة هل بعد كل ذلك يمكن أن نثق فى هؤلاء البشر ونعتبرهم وسطاء «نزهاء» للسلام أو أن يرجى منهم «خير» فى وقت من الأوقات ولم يكن الانحياز لإسرائيل من جانب الغرب الأوروبى أو أمريكا هو الأول من نوعه خلال حرب غزة الدائرة حالياً ولن يكون الأخير.. لذا فعلى دولنا العربية والإسلامية فى آن واحد أن تتعامل مع هذه النوعية من الدول على أنهم حلفاء بالدرجة الأولى لعدوهم الأول والأخير.. وأن يتعاملوا معهم من هذا المنطلق.. وكفانا حسن النوايا تجاه هؤلاء.. عاملوهم بما ينبغى أن يعاملوا به.. وسياستهم الخارجية أعتقد أنها واضحة وضوح الشمس فماذا تنتظرون بعد ذلك؟!!