ريم بسيوني.. كاتبة مصرية وأستاذة بالجامعة الأمريكية حازت العديد من الجوائز منها جائزة «التفوق» وجائزة «نجيب محفوظ» و«جائزة الشيخ زايد».. قدمت عدداً كبيراً من الروايات الأدبية والتاريخية التى حازت شعبية كبيرة، لها عدد كبير من المعجبين من القراء من مختلف الأعمار.
من روايتها الشهيرة «أولاد الناس ثلاثية المماليك»، «سبيل الغارق الطريق والبحر»، «القطائع ثلاثية ابن طولون»، «الحلوانى ثلاثية الفاطميين» وأخيرا «ماريو وأبو العباس».
قدمت بسيونى أيضا العديد من الكتب العلمية والتى ترى أن لها علاقة بما تقدمه فى كتابة «الرواية التاريخية»، لأن التاريخ بحسبها يعتمد على المجتمع واللغة والتاريخ.
> رغم دراستك للأدب الإنجليزى وحصولك على الماجيستير والدكتوراه من جامعة اكسفورد فى علم اللغويات، إلا أن جزءاً كبيراً من مشروعك الأدبى جاء عن التاريخ حدثينى عن هذه المفارقة؟
>> أنا أحب التاريخ منذ الطفولة، كان بالنسبة لى من أهم المواد.. حتى أنى كنت أقوم بأبحاث تاريخية منذ ذلك الوقت المبكر.
وفى عامى الجامعى الأول فى كلية الآداب « قسم اللغة الإنجليزية «كنت أقضى معظم الوقت فى مكتبة قسم التاريخ.
فحبى للتاريخ.. حب قديم، شغلتنى الدراسة عنه قليلا، لكنى عدت له مرة أخرى.
درست اللغة الإنجليزية وآدابها، ثم تخصصت فى علم اللغة الاجتماعي، وهو علم يدرس علاقة اللغة بالمجتمعات، وهو أمر يحتاج أن نهتم بالتاريخ، لأنه يفهمنا كيف تطورت المجتمعات، وكيف تطورت اللغات، التاريخ جزء من الإنسانية كلها، لا يمكننا فهم اى شئ دون فهم التاريخ.
> من يتابع مشروعك الادبى يجد غراماً بالتصوف، كيف بدأ ذلك الامر معك؟
>> بدأت ايضا الاهتمام بالصوفية مبكرا منذ المدرسة، لكن توقفت قليلا وانشغلت بالدراسة العلمية، ثم عدت لقراءتها باستغراق شديد جدا، واكتشفت أن بها كنوزاً من الأفكار تحتاج للتوضيح والتبسيط دون أن نضيع جوهرها.. إنها تحتاج لتبسيط متوسط بحيث لا يضيع روحها.. وهذا ما حاولت فعله فى كتاب «البحث عن السعادة» بأنى قدمت مقاطع من كلام الصوفيين الحقيقي، وبدأت فى محاولة شرحه فى إطار زمنه.
> احتجت السفر لايطاليا فى رحلة بحثك عن ماريو، وأبحاث أخرى لإيجاد العلاقة بين ماريو وأبو العباس حدثينا عنها؟
>> كل رواية اقوم بكتابتها أحاول أن أصل للأماكن الحقيقية لها، حتى عندما كتبت «احمد بن طولون والقطائع «سافرت لبوخارا فى أوزباكستان لأرى المنطقة التى جاء منها والد أحمد بن طولون.
وعندما أقدمت على كتابة «ماريو وأبو العباس» ذهبت إلى تونس لأرى المكان الذى كان يختلى فيه الشاذلي، والمكان الذى حدث فيه لقاؤه مع أبو العباس المرسي، ومسجد القيروان، وبعد ذلك سافرت لإيطاليا، لأرى واشعر بالمكان الذى جاء منه ماريو روسي، يمكن لكل من ينظر للمسجد الذى بناه المعمارى الإيطالى أن يفهم العلاقة بين «ماريو روسى» و«أبوالعباس المرسى».. فقد درسه هذا الفنان الإيطالى جيدا، وعرف ما يريده.
يعتبر مسجد «أبو العباس المرسى» تحفة معمارية، فكان لابد أن أتحدث عن علاقة هذين الشخصين ببعضهما، تلك العلاقة التى تحدت الأماكن والأزمنة، فأنا أرى إنه لم يكن يمكننى الكتابة عن أحدهما دون الآخر.
«أبو العباس المرسي، أضاء حياة كل من حوله وأخرج أحلى ما فيهم، تماما كما أثر فى ابن عطاء السكندرى وجعله يكتب الحكم العطاءية، وتأثيره فى البوصيرى الذى جعله يكتب البردة، كذلك أخرج أجمل ما فى ماريو روسى وجعله يبنى هذه التحفة المعمارية عن طريقة معرفته والإحساس به.
> تصلح العديد من أعمالك أن تتحول لأعمال درامية ما رأيك فى تحويل النصوص لوسيط آخر؟
>> أحب جدا أن تتحول أعمالى الأدبية، لأعمال درامية، لكنى أحب أن من يقوم بذلك، تكون لديه قراءة واسعة ومتعمقة فى التاريخ، وأن يقرأ العمل بحب وقلب مفتوح لفهمه.. فذلك مهم جدا فى تحويل العمل وترجمته.. لأن تحويل النص لعمل درامى هى ترجمه له لشكل مختلف.
> تشترك اعمالك التاريخية منها وغير ذلك بوجود قصص حب معقدة وصعبة لماذا يكون الأمر كذلك دائما؟
>> قصص الحب كلها معقدة، لا توجد حكاية حب بلا تعقيدات..لأننا نتحدث عن شخصين مختلفين ستكون بينهما علاقة، حتى قصص الحب بين الاخوات وبين الأب والأم وبين الأصدقاء، لابد أن يكون بها بعض التعقيدات وبعض الأمور التى يجب أن نجتهد لنتغلب عليها.
فمن يعتقد ان الحب سهل وسلس، وتمضى فيه الأمور ببساطة ربما ليس لديه فكرة حقيقية عن الحب.
فالحب لا يخلو من تعقيدات.. لكن الإخلاص والصدق ينتصران فى النهاية فى الحب.
> الكاتب حتى وإن اختار التاريخ يكون لديه حس تنبؤى حتى باختياره الشخصيات أو اللحظات التاريخية، فى رواية « أولاد الناس «كان هناك الوباء وتعامل الناس معه كيف ترين الأمر فى الماضى وما حدث وقت كورونا؟
>> عندما كتبت رواية « أولاد الناس» لم أتوقع حدوث وباء فى الحاضر القريب، فى الرواية كان الوباء موجوداً ومؤثراً على عدد من شخصيات الرواية، بالفعل لديك الحق أمر مثل الأوبئة تكون حاضرة دائما، حتى لو توقع الإنسان إنها أمر تاريخى لن يتكرر، فعلا رواية « أولاد الناس « تحدثت عن الألم الذى قد يعانيه الإنسان من وجود الوباء حوله ثم رأيناه فى الحقيقة بعد ذلك.
> حصلت على العديد من الجوائز ايها اقرب لقلبك؟
>> كل جائزة لها طعم ولها إحساس حلو،جائزة مثل «جائزة الشيخ زايد « جائزة رائعة وشرف كبير لأى كاتب ولها قيمة معنوية كبيرة جدا، خاصة إنها تفتح للكاتب مجالاً للعالمية.
جائزة «نجيب محفوظ « عليها اسم الأديب الكبير نجيب محفوظ وهى شرف كبير، «جائزةالتفوق» التى تمنح عن مجمل الأعمال وتمنح من الدولة المصرية، وذلك شرف كبير جدا.
> كيف تشعرين حيال النجاح الكبير الذى حققته كتابتك على المستوى الجماهيري؟
>> أرى إن أى توفيق يكون أولا وأخيرا من عند الله، وليس بسبب أمر قمت به، أنا أحاول أن أكتب بصدق، وسعيدة أن ذلك يحقق صدى لدى الناس،وأتمنى أن أظل عند حسن ظن الناس بي، وهذه مسئولية كبيرة.