فى منيا القمح بمحافظة الشرقية ولد فى أول اكتوبر عام 1912 محمد مرسى عبداللطيف حسين الذى توفيت والدته أثناء الولادة وفى عامه الأول توفى والده لينتقل للحياة مع خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوى فى حى باب الشعرية الشعبى بالقاهرة، وليحصل منه على لقب الكحلاوى نسبة لعائلة الاكاحل الثرية التى تنتمى والدته إليها. ومن هذا الحى الشعبى ووسط تلك العائلة بدأ الطفل الكحلاوى دراسته الأولية فى مدرسة فرنسية للراهبات فى باب الشعرية حيث درس فيها 5 سنوات وفى السادسة من عمره حفظ القرآن وأصول التجويد فى جامع سيدى الشعرانى ثم الحقه خاله بالتعليم الدينى الازهرى باقتراح من الشيخ حسن عبدالوهاب الشقيق الأكبر للموسيقار محمد عبدالوهاب. وقد أتقن خلال هذه المرحلة من دراسته اللغة العربية وضبط مخارج الحروف واستوعب النصوص العربية والشعر العربى وهو ما مكنه من إلقاء الشعر والقصائد والمدائح النبوية، كل ذلك بالرغم من أنه لم يحصل على شهادة العالمية الأزهرية. وعمل الكحلاوى موظفاً فى السكك الحديدية ثم ترك وظيفته والتحق بفرقة عكاشة ومنها بدأت مسيرته الغنائية. وكان لمداح النبى مسيرة طويلة بدأها مبكراً فقد برزت موهبته الفنية منذ طفولته وكان يرافق خاله فى الأفراح ولم يستطع أن يبقى الغناء مجرد هواية فتعلق بالغناء وأحب الموسيقى رغم رفض خاله أن يسلك ابن شقيقته نفس طريقه. وفى سن الـ12 من عمره عندما بدأ مسيرته مع فرقة عكاشة وكان يظهر على المسرح صامتاً جاءت الصدفة عندما تغيب مطرب الفرقة فى إحدى المسرحيات فرشحه زملاؤه ليكون بديلاً له فغنى وتجاوب الجمهور مع أدائه وانضم إلى كورال الفرقة، ليسافر معها بعد فترة إلى الشام لإحياء عدد من الحفلات ويتخلف عن العودة مع الفرقة ويبقى فى الشام لمدة 8 سنوات تعلم فيها الأشكال المختلفة للموسيقى العربية وأتقن اللهجة البدوية وإيقاعاتها وغناء المواويل، ليعود للقاهرة شاباً يافعاً ويدخل عالم الإنتاج السينمائي. وقد اتجه للغناء البدوى وشكل بصحبة بيرم التونسى الشاعر الشعبى ثنائياً قدما العديد من الأعمال البدوية، وانتجت شركته فى نلك الفترة 400 أغنية، حيث قدم فى حرب فلسطين عام 1948 العديد من الاغانى الوطنية بأكثر من لهجة عربية منها (على النجدة هيا يارجال) و(وين يا عرب) و(يا ابن الخطاب يا عمر) و(يا أمة الاسلام) و(العبور العظيم). وكان لحنه هو اللحن الافتتاحى والختامى لإذاعة صوت العرب عام 1934 كما كانت تذاع أغنيته (يا أمة الإسلام يا أمة القرآن) على مدار اليوم كما كان هو المطرب الوحيد الذى خصصت له الاذاعة نصف ساعة يومياً. فى أوج شهرته ترك الكحلاوى عوامته الشهيرة على النيل والتى كان يقيم فيها حفلاته وبدأ مرحلة جديدة من حياته الفنية بعد تدينه ولينتقل للغناء الدينى ويتفرغ له تماماً ومن أروع ألحانه الدينية فى تلك الفترة (ملحمة الرسول) التى غناها بصوته وقدمها للتليفزيون المصرى عام 1963، وفى عام 1964 قدمها ضمن فعاليات مؤتمر علماء المسلمين فى القاهرة فأطلق عليه شيخ الجامع الأزهر وقتها لقب (مداح الرسول)، ويقول أبناؤه إن سبب تحوله إلى المديح النبوى فقط أنه أصيب بمرض فى الأحبال الصوتية فقد على اثره صوته لفترة حتى رأى فى منامه أن شخصاً يوقظه ويخبره بأنه سيتعافى لكنه لن يغنى إلا فى مدح رسول الله، وعندما استيقظ عاد إليه صوته فقرر أن يعيش ما تبقى من حياته مداحاً للرسول عليه الصلاة والسلام. وقد مثلت مرحلته الأخيرة فى الغناء فى الغناء الدينى قرابة نصف إنتاجه الفنى 600 أغنية من أصل 1200 عمل له. وخلال هذه الفترة دخل مرحلة الزهد فى حياته فهجر عمارته الفاخرة فى حى الزمالك وسكن فى استراحة مسجد بناه عام 1949 بمنطقة البساتين فى حى الإمام الشافعى وبنى إلى جانبه مدفناً له. وقد عرف الكحلاوى فى الموسوعات الثقافية بأنه مطرب وملحن وممثل مصري، وتعد أغنية (لأجل النبي) من العلامات المؤثرة فى تاريخ الأغنية الدينية الشعبية البسيطة، وحالياً يسعى أبناؤه لتأسيس متحف يضم أوسمة وملابس وصور والدهم النادرة حيث كرم الكحلاوى وحصل على جائزة أحسن منشد فى العالم العربى من ملك المغرب محمد الخامس ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وجائزة الدولة التقديرية عام 1967 ودرع تكريم وشهادة تقدير من وزارة الثقافة المصرية ضمن برنامج احتفاء مصر وتكريمها للرواد الذين أثروا الحياة الفنية بأعمالهم الخالدة عام 2021.. ليرحل مداح النبى وشيخ المداحين فى عمر 71 عاماً ويدفن فى مقبرته التى بناها إلى جوار مسجده فى منطقة الإمام الشافعى وتظل كلماته وألحانه فى مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بيننا وفى عالمنا العربى حتى الآن.