(أنا مشاهد جيد للسينما وقارئ جيد والكثير من الافلام الآن لا تصلح للمنافسة فى المحافل الدولية). كلمات قالها وزير الثقافة المصرى الجديد د.احمد هنو فى بداية اجتماع عقده يوم الثلاثاء الماضى مع عدد من الصحفيين وآخرين والسبب هو الحديث عن خطة الوزارة للنهوض بالسينما المصرية والتى قدم الوزير ملامحها فى الاجتماع على النحو التالي:
اولا -يجرى العمل الان فى تأسيس قطاع خاص بالسينما داخل وزارة الثقافة هدفه النهوض بالصناعة وتقديم جيل جديد فى تخصصاتها لاجل وضع بنية تستمر لأجيال قادمة من الكتاب والمخرجين وكل العاملين بالسينما.
ثانيا-ان قطاع السينما الجديد ليس بديلا عن الشركة القابضة الموجودة ومهمته ستكون الرقابة على انتاج الافلام، وحماية تراث السينما والعناية بالصناعة ذاتها، وإعداد الكوادر والوزارة تنتظر موافقة رئاسية على انشاء القطاع.
ثالثا-تهمنى السينما كصناعة اولا وسنعمل على تغيير شامل فى الشركة القابضة للاستثمار فى المجالات فيما يخص الثقافة والسينما بعد ان استمرت الشركة لفترة طويلة دون ان تتخذ اى إجراءات تخص الهدف من انشائها ومن هنا يجب ان يكون هناك اعادة نظر!
رابعا- العمل على بداية جديدة للسينما المصرية تقوم على (الأفكار المدهشة)، ولا يوجد حرج من ان تكون البداية من الصفر! وبأفلام قصيرة تحمل قيمة كبيرة، وبعدها ننتقل للافلام الطويلة والأعمال (فائقة الجودة).
خامسا- يجرى الآن مراجعة لملف المهرجانات ووضع ضوابط لها ستكون كالمسطرة للقياس وعلى اساسها تمنح الموافقات ويحدد لكل مهرجان موقعه الجغرافى والزمني، أخيرا كما ابدّى الوزير تطلعه للتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى فى دعم العروض الفنية والمسرحية فى الأقاليم فهل انهى وزير الثقافة كل قضايا السينما بهذه المقترحات؟
وأين علاقة السينما بالقوانين
صدق الوزير فيما قاله لكنه تحدث عن جزء صغير من أزمة السينما فى مصر فقطاع السينما الذى انشأه داخل الوزارة ليست مهمته الاولى إفراز عناصر جديدة من المتخصصين فى الكتابة والإخراج الخ، لان هذه العناصر موجودة بالفعل درست وتدرس فى معاهد السينما والموسيقى والفنون ولأنه يوجد اجيال منها بالفعل، واجيال اقدم ، لكنها لا تعمل بسبب عجز الإنتاج السينمائى الآن، وابتعاد الكثير من المنتجين الكبار والصغار، ولان الدولة تركت هذا للسوق وانصاره فقط! (وهؤلاء يهمهم بالدرجة الاولى ان يأتى الفيلم بأرباحه فى اسرع وقت)، فلماذا لم يفكر السيد الوزير فى مشاركة الدولة أو الوزارة فى دعم انتاج الافلام ؟
ثانيا- حدد الوزير مسئوليات القطاع الجديد للسينما وهى الرقابة على انتاج الاعمال فهل يعنى هذا ان الوزارة ستتولى دور الرقابة على النصوص والسيناريوهات؟ وهل ستتم مراجعة بنود الرقابة التى اضيفت اليها بنود جديدة تمنع انتاج اى سيناريو معه تصريح رقابى إذا انتهى العام ، وعلى صاحبه تقديمه من جديد، والانتظار.. ام ماذا يعنى بالرقابة على الانتاج؟ افهم ان (قطاع السينما) الجديد يختص بحماية تراث السينما المصرية الكبير وإعداد الكوادر ولكن كيف نترجم كلمات للوزير مثل (تهمنى السينما كصناعة اولا) والتى تعنى الكثير بداية من الحفاظ على الاستديوهات وترميمها والدعم الانتاجى للافلام غير التجارية، بل وإنتاج الافلام التاريخية وغيرها من الافلام التى يحتاجها المواطن المصري.
المول.. والتذكرة الصعبة
ونأتى الى حكاية دور العرض السينمائية التى اصبحت ضمن مشاكلنا وقلة عددها فى مصر وخلو الكثير من محافظاتنا من دار عرض واحدة فكيف ستتطور الصناعة بدون جمهور؟، ان العمل على حل مشكلة دور العرض المغلقة قبل ان تلحق بغيرها ممن تم هدمه لبناء عمارات شاهقة بدلا منه هو امر شديد الاهمية، فهل وضعت الوزارة هذا فى حساباتها؟ وهل يعرف الوزير ان المتاح الآن غالبا فى القاهرة العاصمة هى دور عرض المولات، حيث يعجز ملايين من محبى السينما عن دفع ثمن رؤية فيلم واحد لارتفاع ثمن التذكرة،!، اما عن الشركة القابضة للاستثمار. والتى لم تتخذ اى خطوة من اسباب انشائها فإن اعادة النظر فيها رأى مهم بعد اجراء تحقيق عن اسباب هذا.
من أين نبدأ ؟
هل من الممكن العمل على بداية جديدة للسينما المصرية؟ وماذا عن تاريخها الطويل والافلام التى قدمتها اجيال من مبدعيها؟ ولماذا لا يصبح المطلوب هو دعم السينمائيين الموهوبين والبحث عنهم واتاحة الفرصة لهم ولو أوكل الوزير الى بعض العاملين معه القيام بدراسة عن صناع السينما فى العقدين الأخيرين لوجد الكثيرين منهم فى بيوتهم لا يعملون، وبالتالى فإن (الأفكار المدهشة) التى تقوم عليها البداية الجديدة للسينما فى تقدير الوزير هى الأفكار والقصص والسيناريوهات المختلفة الموجودة عند مبدعين ومبدعات كثر، تعاكسهم الرقابة، والبحث عن منتج ، وبالطبع فإن اغلبهم يقدم الفيلم الطويل، لكن غيرهم يقدم الافلام القصيرة التى – لحسن الحظ – لا تحتاج لدعم إنتاجى غالبا فتحصل على جوائز عديدة وهنا يصبح الانتاج هو العنصر العائق للفيلم الطويل غالبا إلى جانب عنصر آخر هو (تصاريح التصوير) فى الشارع والحى والمطار أو محطة المترو وأى مكان عام تدور فيه احداث الفيلم وحيث اصبح التصوير فى اى مكان عام الآن يكلف المنتج كثيرا لانه يحتاج إلى دفع ثمن الصورة فى هذا المكان أو ذاك، باختصار، إنشاء قطاع للسينما فى الوزارة امر مهم نأمل ان يكتمل بالموافقة الرئاسية اما حل المشاكل الاخرى فلابد منه، ولعلها تكون بادرة خير للسينما المصرية على يد وزير جديد مشاهد جيد للسينما كما وصف نفسه.